الخميس - 28 مارس 2024
منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024

عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

الاقتراض الاضطراري، مثل الهبوط الاضطراري للطائرة، عندما يجد الطيّار ان الاستمرار بالتحليق سيعرض الطائرة الى التحطم، وهكذا هو الحال بالنسبة للاقتراض، سواء اكان على مستوى الافراد او المؤسسات او البلدان، ينبغي ان يكون اضطراريا، بوجود حاجة قصوى ترتبط بمعالجة مشكلة مصيرية، تتعلق بحياة الفرد او وجود المؤسسة، او حالة انهيار وشيك للبلد، ومن هذه الزاوية، ندخل الى ملف الاقتراض في العراق، اذ يُقدر حجم الدين بنحو ١٣٠ مليار دولار، تراكمت عبر عقود من الزمن، وهي قروض داخلية وخارجية، وهذا الرقم يشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الاجمالي، وتصل حصة الفرد الواحد من من المديونية الى اكثر من ٣ ملايين دولار ، الا ان الذي يقلل من منسوب القلق، هو طبيعة القروض العراقية، منها الاقتراض الداخلي، والذي يبلغ نحو ٥٠ مليار دولار، تعود للبنك المركزي، والمصارف الحكومية، اضطرت الحكومة الى اقتراضها في فترات سابقة، عندما وجدت نفسها امام ازمة حادة، نتيجة انخفاض الاير ادات النفطية، وكانت الحكومة ملزمة بتأمين رواتب موظفي الدولة، وضمان استمرار الانفاق المالي على الجوانب الصحية والامنية والمعيشية، لاسيما خلال الفترة التي اعقبت عام ٢٠١٤، عندها كانت الكثير من التوقعات تشير الى ان العراق امام انهيار اقتصادي مريع .
اما الديون الخارجية والتي تبلغ نحو ٨٠ مليار دولار، فهي تنقسم الى قسمين ، الاول، الديون التي تعود لحقبة ما قبل ٢٠٠٣ والتي تبلغ اكثر من ٤٠ مليار، وتوصف بالبغيضة، الا انه لم يتم التوصل الى اتفاق بشأن تسويتها ضمن اتفاق نادي بارس، وهي تعد مجمدة ، بمعنى، عدم تحميلها اي فوائد او جدولتها، ليتبقى اقل من ٤٠ مليار دولار من القروض السارية، والتي اقترضها العراق في مراحل مختلفة بعد عام ٢٠٠٣، لاسيما بعد مؤتمر مدريد للدول المانحة عام ٢٠٠٤. وتتميز هذه القروض، بانها قروض بفوائد ميسرة وبمديات تسديد بعيدة المدى، فضلا عن كونها تعود لمؤسسات حكومية ومنظمات دولية.
واذا كانت الظروف التي مر بها العراق خلال السنوات السابقة، توصف بالصعبة، اضطرت معها الحكومة الى الاقتراض، فقد يكون الحال تغير الان..
نعم مازالت الموازنة تواجه عجزا ليس باليسير، ولكن مع تعافي اسعار النفط، وظهور نمو اقتصادي في عدد من القطاعات التنموية، ما يستدعي اعادة النظر بسياسة الاقتراض الداخلي والخارجي، الذي ينبغي ان لانذهب اليه الا في الضرورات القصوى، وتتوقف عليها قضية ذات اهمية قصوى ايضا، وفي حالة الاضطرار هذه، فان القرض يجب ان يكون ضامنا لنفسه، اي ان يتم تسديده من نفس المشروع الذي يمول من هذا القرض، بمعنى ان تذهب القروض الى الجانب الاستثماري، حصرا، وعلينا ان نفكر في كيفية تسديد القروض التي بذمتنا الان، والتوجه نحو تفعيل قطاعات التنمية بما يضمن حقوق الاجيال القادمة.