الخميس - 28 مارس 2024

حتى لو حضر جَدّا وسام الحردان ومثال الآلوسي..!

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


قاسم العجرش ||

يمثل رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة؛ اتجاها عاما ثابتا في العراق، إذ إن معظم المكونات المجتمعية، مشبعة بثقافة تأريخية، تنحى منحى رفض وجود الكيان الصهيوني في الخارطة العربية،وتحول هذا الرفض الى التزام صارم تجاه القضية الفلسطينية، وغدا واحدا من ثوابت الشعب العراقي، حتى الكرد الذين زقوا كراهية العرب، يتعاطفون مع القضية الفلسطينية من البوابتين الإنسانية والإسلامية، وهم ـ أي الكرد ـ يتعاطفون مع الشعوب المظلومة عموما، لأنهم أيضا عانوا من ظلم الأنظمة الحاكمة في بغداد كثيرا قبل 2003..
مكونات أخرى ينبع موقفها من القضية الفلسطينية، من الحالتين الإنسانية والأخلاقية، وهكذا فإنه لا يمكن تصور حصول تطبيع عراقي مع إسرائيل، خصوصا بوجود المكون الأكبر (الشيعة) الرافضين قطعا لأي شكل من أشكال التطبيع مع المحتل العبراني لأرض فلسطين..رفض الشيعة مستمد من موقف المنظومة الدينية الشيعية التي لا يمكنهم الخروج عن توجيهاتها، ولذلك على المطبعين الحصول على فتوى المرجعية الدينية العليا للشيعة بجواز التطبيع، قبل أن يمضون قدما بتطبيعهم..
عموما في العراق الناس تأنف من ذكر اسم”إسرائيل”، ويسمونها عادة (الكيان الصهيوني) فكيف يمكن تصور عملية التطبيع مع هذا الكيان؟! حتى لو حظر جدُ وسام الحردان وجدُّ جدِّ مثال الآلوسي..!
المرجعية الدينية العليا قالتها علنا بوجه البابا المسيحي، عندما زارها في النجف الأشراف، بعدم مشروعية الكيان الصهيوني, وعدم جواز التعامل مع رعاياه, معتبرة أن الاهتمام بالقضية الفلسطينية والقدس هو جزءٌ من مسؤوليتها وشعورها العربي والإسلامي والإنساني,
و”تحدث سماحة السيد عما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوص ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة”.
وهناك أسئلة تثار عن جدوى عقد مؤتمر للتطبيع مع إسرائيل على أرض عراقية هي أربيل؟! وعن توقيت المؤتمر ، فالمؤتمر لقي رفضا من جميع الاطراف ، وتبلور جو إعلامي غاضب رفع رصيد التحالفات الشيعية التي ادانت المؤتمر.
الحقيقة أن مسارعة الحكومة المركزية، وحكومة إقليم كردستان الى التنصل عن المؤتمر وتبعاته، يمثل محاولة لتقليل الخسائر والظهور بمظهر الرافض لتجنب السقوط .
فضلا عن كل ما تقدم، “فإن المؤتمر اصطدم بالقانون العراقي والدستور وهما يحرمان التطبيع واصطدم بالرفض السياسي للجميع، واصطدم بأجواء الانتخابات ودعايتها التي تريد تحسين صورة القوى المشاركة فيها.
غير واضح إن دل عقد المؤتمر في أربيل، على غباء التوقيت، أو توقع القائمين على المؤتمر؛ أن يحققوا تأييدا للتطبيع يحرج القوى الشيعية، ويساهم في تشتيت مواقفها وخلق هوة كبيرة بينها، أو ربما هو مبادرة لأشخاص عراقيين وأمريكيين، أرادوا كسب عدة ملايين من الدولارات من تكاليف عقد المؤتمر، خاصة أن الممولين عادة في هذه الطبخات، هم الخليجيون الذين لا يُسألون عن نتائج ذهاب أموالهم لخدمة أميركا وإسرائيل والمنتفعين .”
كلام قبل السلام: عموما أربيل ارتكبت خطأ فادحا ،ستدفع ثمنه غاليا، لكنه يقينا أقل مما ستدفعه القوى التي (اشتغلت) على التطبيع في بغداد، سواء تلك التي تعمل في الحكومة والشارع، تحت جناح السفارة الأمريكية، أو تلك المتجلببة بجلباب الدين، وهذه بالذات ستبحث عن غطاء لنفسها تحت الشمس فلا تجده..!
سلام..