الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


عزيز الإبراهيمي ||

تعد هذه الانتخابات مصيرية للتيار الصدري باعتباره اكثر الاحزاب السياسية التي تتفاخر بان قاعدتها الشعبية محتفظة بتماسكها بعكس بقية الاحزاب الاخرى التي لا تتمتع بقاعدة جماهيرية منضبطة ولو تفحصنا جيدا خطاب قادة التيار يمكننا ان نستنتج كبير القلق الذي يساورهم من نتائج الانتخابات المقبلة.
ان مقبولية اي حزب سياسي تستند الى عوامل القوة لديه والتي توفر له استقطاب الدماء الجديدة والحفاظ على القديمة منها لذلك لابد من اطلاله على ما يتميز به التيار من عوامل الجذب ومعرفة ما تبقى منها بعد قرابة عقدين من ممارسة العمل السياسي ليتسنى لنا معرفة سلوك الخط البياني لمقبولية التيار شعبيا وهل لايزال في تصاعد ام في طريق الانهيار والتراجع ولعل اهم عوامل القوة في التيار الصدري منذ بداية انطلاقته يمكن ان نوجزها بامور
– الولاء العاطفي للسيد مقتدى الصدر والطاعة له
– انبهار الشباب والمراهقين بصورة الرجل المقاوم للمحتل
– التشدد من ابناء التيار في مواجهة النقد وخشية الناس من ذلك
– خطاب الخدمة الذي رفعه التيار وتمسكه بالوزارات الخدمية لهذا الغرض
– شعارات الاصلاح التي يرفعها التيار
لعل هذه الامور هي الاسس التي يقوم عليها بنيان التيار الصدري فاذا ما تعرضت لهزات عنيفه فان تساقط البينان امر محتوم وان طال الزمن قليلا, فالولاء العاطفي للسيد مقتدى الصدر اخذ بالتراجع بعد سنة 2010 لان مصدره الجيل الذي عايش السيد الصدر وفجع بفقده وتحمل مقلدي السيد الصدر عبئا اخلاقيا تجاه السيد المغدور تجلى ذلك بعاطفه جياشه تجاه السيد مقتدى الصدر حتى اصبحت كلمة ابن السيد مرادفة لاسم السيد مقتدى الصدر وعلى كل حال هذا الجيل قد كبر في السن ولحقته اجيال لم تعاشر السيد الصدر ولا مرتبطة به عاطفيا ولا تتحمل عبئا اخلاقيا في الوفاء له من خلال طاعة مطلقة لذريته.
اما انبهار الشباب بالسيد المقاوم لم يعد كما كان قبل سنة 2006 فبصرف النظر عن حقانية المعارك التي خاضها التيار الصدري في بداية الاحتلال وهل كانت تصب في مصلحة العراق عموما وهل كانت موجة للمحتل فقط ام تشمل قوى الدولة الناشئة في حينها بصرف النظرعن هذه الاشكالات فان صورة الرجل المقاوم للمحتل كانت تلهب الحماس لدى الشباب وتدفعهم للاتحاق بهذا التيار لكن بعد انخراط التيار في انتخابات متلاحقة وخبو صوته في اخراج المحتل والتسليم بالمنهج التفاوضي لاخراجه اخذت تلك الصورة تتراجع في نظر الشباب اضافة الى توفر بدائل لمقاومة المحتل اخذ نجمها يلمع من دون ان تتراجع في خطابها المقاوم للمحتل وصولا الى دخول داعش وتاسيس الحشد الشعبي وكثير من قادته الذين اخذوا عنوانا كبيرا في سماء المقاومة.
اما مسالة التشدد مع كلمات النقد التي توجه للتيار وقادته فان ذلك ما يميز التيار الصدري ولعل هذه الثقافة حرص عليها ابقائها قادة التيار ورموزه الا اننا نجد اليوم النقد للتيار ورموزه اصبح في اشده خصوصا بعد حراك تشرين ووصل من الكثرة بحيث اصحب التياريون يعجزون عن رده.
اما خطاب الخدمة والاصرار من قبل التيار على نيل الوزرات الخدمية فلعل التجربة تثبت بان الوزارات التي استلمها التياريون لا تقل فشلا عن باقي الوزارت وشبهات الفساد تلاحقها كما تلاحق مفاصل الدولة المختلفة ولم يضرب وزراء التيار مثالا يدعو اتباعهم للتباهي والفخر على اتباع بقية الاحزاب.
ولعل شعار الاصلاح من الشعارات الفضفاضة التي ينقصها رؤية واضحة يمكن ان تبلور بكتب وقراطيس توزع للناس حتى تتمكن من تاييدها لذلك بقيت في اطار الشعارات الرنانه التي لا يعرف حدودها واليات العمل بها
واضافة الى ما تقدم فالانشقاقات والانسحابات من قيادات الخط الاول اضافة للثراء الفاحش لبعض رموز التيار وكذلك القدرات الخطابية المتواضعة للسيد الصدر وغيرها مما يجعل قاعدة التيار الصدري في انحسار مستمر وهذا مما يدركه قادة التيار لذلك كان انسحاب السيد في الفترة الاخيرة لغرض تاجيل الانتخابات قليلا للملة صفوف تياره و معالجة بعض الهفوات الا ان الامور لم تستقم كما اراد.
مع كل ما تقدم فهناك اوراق يلعبها التيار اليوم يمكن ان تساعده انتخابيا لعل اهما تجديد الخطاب العاطفي الذي تجلى بكلمة السيد مقتدى بانه سيستشهد قريبا اضافة الى المبالغة في اضفاء صفة القدسية عليه من قبل اتباعه وتسابقهم في ذلك وكذلك استخدام امكانيات الدولة التي يسيطرون على اهم مرافقها فاذا لم تفلح هذه الاساليب فان شبح التفكك والانهيار يلوح في سماء التيار الصدري.