الثلاثاء - 16 ابريل 2024

هل سيبقى الإنسداد السياسي الذي تحدث عنه بيان المرجعية العليا؟!

منذ 3 سنوات
الثلاثاء - 16 ابريل 2024


صابرين البغدادي ||

تناول بيان المرجعية الدينية العليا الحاث على مشاركة واسعة من الشعب العراقي في الأنتخابات النيابية التي يحين موعدها في 10/10 /2021 مشكلة الإنسداد السياسي مشيرة الى أن المشاركة في الأنتخابات وسيلة فعالة لمعالجة الإنسداد السياسي..
نحاول ان نصف الواقع كما هو لنتوصل الى مقاربة سليمة للإنسداد السياسي.
بعد 18 عاماً، وصلت البلاد إلى مرحلة حرجة من الانهيار الأمني والتدهور الاقتصادي، فضلاً عن أزمات حرجة حالية جرّاء جائحة فيروس كورونا العالمي، مقابل ضعف القطاع الصحي العراقي، وهبوط أسعار النفط الذي يهدد بانهيار اقتصاد البلاد إذا لم يُتدارك الأمر عاجلاً.
يمر تاريخ 9 أنيسان من كل عام كأسوأ يوم في التاريخ العراقي الحديث، على إثر سقوط بغداد على يد القوات الأمريكية وحلفائها. تاريخ أصبحت ذكراه مراجعة سنوية لقياس مدى الدمار الذي حصل منذ 17 عاماً، ولا يزال مستمراً في ظل هواجس تُنبئ بأن قادم المستقبل لن يختلف عن ماضيه.
لم تفلح النخب العراقية في تسوية الإشكالات الأساسية للنظام السياسي الذي جاء بعد احتلال العراق في 2003، وحتى بعد إقرار الدستور العراقي في عام 2005. وقد استمرت هذه الإشكالات في إعادة إنتاج نفسها عبر ممارسات مختلفة عبر ما يمكن تسميته سياسة “تدوير الأزمات”.
يُرجع العراقيون سبب الانهيار الحاصل في البلاد إلى إخفاق النخبة السياسية وغياب هوية المشروع الوطني الذي يؤطر السلوك السياسي لجميع القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، سواء على مستوى العلاقة البينية لمؤسسات النظام السياسي، أو على مستوى علاقة هذا النظام بالمجتمع، لضمان قدر من الاستمرارية والتوازن في مواجهة تحديات التفكك وإعادة التشكيل وتداعياتهما.
نتيجة لهذه التناقضات الحادة في اتجاهات مكونات النظام، يصطدم مسار العملية السياسية
هذا الواقع أوجد حالة من الغضب الشعبي، الذي تحول إلى احتجاجات اجتاحت بغداد وعدداً من المحافظات العراقية وشلت العملية السياسية منذ شهر أ/تشرين الأول 2019، واضطر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى الاستقالة من منصبه لامتصاص غضب الشارع، ليدخل العراق في فراغ دستوري حقيقي ووضع سياسي معقد وخطير، بعد أن تحولت هذه الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وعجز الأحزاب عن الاتفاق لاختيار رئيس حكومة لمدة خمسة أشهر، في ظل معادلة محلية وإقليمية معقدة. والوصول في نهاية المطاف الى حكومة السيد الكاظمي كحل وسط لمعالجة الأنسداد السياسي، لكنها تحولت هي الأخرى الى جزء رئيسي في ماكنةالإنسداد السياسي، وصارت هي الخرى عنوان لهذا الإنسداد.
إن مصطلح الانسداد السياسي Political Occlusion يعني بقاء النظام السياسي مغلقاً على مجموعة محدودة من المكونات فقط. فيرتبط الوصول إلى ذلك النظام بالولاء للدوائر المحيطة بمجموعة السلطة وأصحاب القرار، ويبقى مستقبل البلاد رهيناً بتوجهات هذه المجموعة التي تشكل جوهر النظام. وسواء تغيرت تشكيلة المجموعة بمرور السنين، أو توسّع عددها أو انخفض، فإن وجودها يظل ثابتاً، ولا يمكن تخطيها للوصول إلى السلطة.
وفي حالة العراق، فإن الطبقة السياسية تحاول تثبيت نفوذها في قلب الدولة بصورة أكبر. ولا تعتقد أن النظام السياسي الذي ولد عام 2003 قد وصل إلى حالة من الفشل تهدد وجود العراق كدولة. لتعود النخبة الشيعية الحاكمة في التاريخ نفسه 9 إبريل/نيسان 2020، للاتفاق على تكليف “مصطفى الكاظمي” رئاسة الوزراء، بعد موافقة الأحزاب السنيّة والكردية.
عند تتبُّع مسار تطوُّر العلاقة بين الدولة والمجتمع العراقي في ظل حالة الانسداد السياسي الحالية، يمكن التنبؤ بتصاعد احتمالية انهيار الدولة ونظامها السياسي، لكن على المستوى البعيد نسبياً، لأن انهيار النظام الحالي في العراق سيكون حتماً مفتاحاً لأزمات إقليمية، وربما عالمية.
ومن المرجح أن يعطي الدعم الدولي زخماً جديداً في عملية إعادة تشكُّل النظام السياسي في العراق
السيناريو المرجح قد يُفضي إلى استمرار النظام السياسي مع إجراء بعض التعديلات عليه، سواء كانت كبيرة (كتعديل قوانين أساسية أو حتى مواد دستورية) أو طفيفة (كقوانين أو وجوه أو تحالفات). أما استبدال نظام آخر بالنظام الحالي فلا يبدو أنه قابل للتحقيق حالياً، في ظل المعادلات السياسية القائمة في المنطقة.