الخميس - 28 مارس 2024

النواح الكاذب..حين ينعى المرزوقي الراحل حسن حنفي

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


ادريس هاني ||

أبو يعرب المرزوقي الذي يلعن الأحياء ويترضّى على الأموات، يحبك نعيا للفقيد حسن حنفي فيه ما لا يستسيغه الجنان. يقول: ” توفى استاذ الجيل الدكتور حسن حنفي. رحمه الله رحمة واسعة. لا احتاج للكلام على ما بيننا من صداقة رغم الاختلاف في الرؤى. فكلما زرت القاهرة وعلم بذلك تفضل علي بكرم حاتمي يثبت انفتاحه حتى على مخالفيه. وذلك من فضائل من يفهم معنى حرية الفكر”.
ومثل هذا الحديث إن اطلعت عليه الأجيال الجديدة ، ستظن لا محالة، أنّ وكيل الحرّاني في عصرنا، يحمل مشاعر المحبّة لرجل أعرف أنه ما أن يذكر اسمه حتى يشمئزّ ويخرجه من الملّة. فالمرزوقي ليس تحرريا، لأنّه ينسف أبا من تسول له نفسه التفكير خارج إسميته التيمية. لا زلت أذكر حين أثرت إسم حسن حنفي، فامتعض أيما امتعاض، وسلبه ليس فقط حقّ الاختلاف، بل طعن في فهمه ومعرفته، وتناوله بالسوء.
لا شكّ أن حسن حنفي كان كريما مع مخالفيه، وآية ذلك أنه أكرم لئيما مثل صاحبنا، الذي كان يحتفظ له بكراهية شديدة. لكن المرزوقي يحاول أن يتحدث عن المشترك بينهما رغم الاختلاف، فيقول: “ولما كنا نتفق على عدم الاحاطة
ونختلف في الموقف من المطابقة في نظرية المعرفة والتمام في نظرية القيمة ، لأني اقرب إلى الرؤية الاشعرية وهو إلى الرؤية الاعتزالية ، فقد كنا صديقين لأننا نتفق على رأي الشافعي، في تقييم المواقف من الرؤى حول الحقيقة”.
لا أجد مشتركا بين حنفي والمرزوقي إن ابتعدنا عن المجاملات التكتيكية في المُحاجّات، وحتى نظرة حنفي للشافعي ليست هي نظرة المرزوقي له، كما أنّ المرزوقي ليس أشعريا كما يزعم، ولا هو صديق لحنفي كما يدّعي. إنّ المرزوقي وفيّ لابن تيمية، وابن تيمية لعّان للمعتزلة، ومن هنا خالف المرزوقي غريمه المعتزلي لا لأنه أشعري، فالأشعري الذي تمدّح به ابن تيمية هو أشعريّ آخر، أي أشعري يزعم أنه نقض على المعتزلي، وعاد إلى عقائد أهل الحديث. ويدلس المرزوقي على القارئ حين يجمع بين ابن تيمية والأشعري، هذا بينما الأشعري كما يعرفه الأشاعرة اللاحقون هو في نظر ابن تيمية وأتباعه من السلفيين غير الأشعري الذي تمدح في ابن تيمية. إنّ أشعري “الإبانة” كما تبناه ابن تيمية وأحال عليه في الرسالة الحموية التي تفيض بالتجسيم، ليس هو أشعري الأشاعرة، ولا حتى أشعري الغزّالي. والغريب، أنه يمكنك أن تستنتج أنّ المرزوقي هو أشعري برسم التيمية أكثر من كونه أشعري برسم الغزّالية. وهذا ما اقتضته التلفيقية الإسمية المرزوقية.
هجا المرزوقي البهشمية هجاء، ورأى أن لا رأي غير رأي التيمية، باعتباره منقذ الأمم من الضلال منذ أرسطو حتى هيغل، فأنّى لمن رأى هذا الرأي أن يزعم قربه ولو النسبي من حنفي؟
أبو يعرب المرزوقي ليس صديقا للأحياء ولا مخلصا في رثاء الأموات، ما عدا ابن تيمية الذي رفعه إلى علّيين وأكمل بدعته في تقويض الصناعة بشبه الصناعة، والعقل بشبه العقل. وأمّا تمجيده بحنفي بعد رحيله، فهو دجل مُبين.

ادريس هاني: كاتب وباحث من المغرب
3/11/2021