الخميس - 28 مارس 2024

السياسة .. والعَطار .. وأدواتها

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


ا.د. جهاد كاظم العكيلي/ كاتب عراقي ||

لم يترك العرب موقف أو حالة إلا وضربوا لها مثلا، وصارت أمور مجتمعنا العربي مضربا للأمثال، فهي تُشخص الأمور وتوصفها على مقدار إيجابيتها أو سلبياتها، ليأخذ الناس منها العِبر والدروس في شؤون حياتهم العامة والخاصة ..
وفي الواقع أن هذا الملك، أو ذاك الحاكم، لطالما يستعينان بمضرب الأمثال في تسيير أمور الرعية، وغيرهما ممن يتولون شؤون الناس ومنها ما يتعلق في تصريف أعمالهم الدينية والدنيوية ..
وقدر تعلق الأمر بالحالة العراقية الراهنة، فإنها أصبحت مضربا للأمثال في الهجاء، كالتعبير عمَّا يكتنف الحياة من مآسٍ ومرارة وشرور مستطيرة، لأخذ العِبر من دروس الحياة، حتى أصبح حال الدنيا عند العراقيين لا تستوعب مما هم عليه الآن، لكثرة الأمثال والأقوال، وما قيل عنهم في سابق الأزمان، لا سيما وإن حوادث الأيام الكثيرة ومفارقاتها العجيبة على الواقع المُعاش تُشكل شواهد كثيرة ومتلاحقة من العِبر والدروس، ومنها ما فعلته السياسة السلبية العجيبة الغريبة بالعراق والعراقيين ..
وأجبرت تلك السياسة صغير العراق وكبيره للإنشغال بعجائبها وعجائب أدواتها وتوابعها، ومنها تكريس التفرقة وتخريب النفوس وتعميم الفساد وتكريس الخلاف ونهب المال والخيرات والثروات حتى إختلط الحق بالباطل، فإنتشر الجهل وكَثُر الفقر، وصارت هذه السياسة أشبه بواقع يجب التعايش معه أو هو الواقع بعينه الذي نعيشه بفعل أدوات السياسة وتطبيقاتها التي تسببت بزيادة هموم الشعب وبؤسه وأنينه ومن سيئ إلى الأسوء ..
إن إصلاح الواقع العراقي المُعاش يحتاج للقدرة الفذة والقيادة الناجحة، كونهما يشكلان شرطان أساسيان من شروط تسيير دفة أمور العباد والبلاد، وإصلاح ما خربته السياسة السلبية، أما الإعتماد على توصيفات جاهزة وتقديم توليفات أعتاد عليها العراقيون خلال الأعوام الماضية فمثلها مثلما يُقدمه العطَّار لِمن ذهب بهم الزمان، وترك آثاره عليهم فلا يصلح العطار ما أفسده الدهر… ودهر العراقيون عاد لا يحتمل أكثر مما هو عليه الآن ..