الخميس - 28 مارس 2024

قصة واقعية حدثت في زمن الخير..!

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


محمد مكي آل عيسى ||

كيف سأكمل دراستي ؟ ؟
لا أستطيع البقاء في الكلّيّة . .
وأنهى فرقد المكالمة الهاتفية معي . .
كان ذلك في عام 1998م على ما أذكر وكنت حينها محاضراً في كلية الهندسة جامعة بغداد قسم الهندسة الميكانيكية على مادة الرسم الهندسي وكان المرحوم الدكتور منذر الدروبي رئيس القسم قد عرض عليَّ أن أتعين في نفس القسم أكثر من مرة وانا أرفض بسبب عدم رغبتي بالارتباط بعمل حكومي من جهة وعدم جدوى الأجور الشهرية في ذلك الحين.
كنت أقصد بعض القاعات الفارغة كي أفرش بعض الأوراق وقطع الكارتون كي أصلّي الظهرين وفي جيبي التربة الحسينية . . كان عندنا مصلّى لكنّي أخشى أن أتردد عليه كثيراً فأن تكون من أتباع أهل البيت ع ومواظباً على صلاتك في المصلى تلك وحدها تهمة تكفي لإدانتك بأنك من حزب الدعوة العميل أو أنك من المجوس ولن يبقى لك أثر بعدها.
وكانت الشجيرة بقرب الدرج المؤدي للمصلّى قد فقدت كل أوراقها حيث كان الطلبة يخشون الصلاة على التربة الحسينية فيقطعون ورقة من هذه الشجيرة المسكينة الّتي نذرت أوراقها لسجود المصلّين حتى بقيت أعواداً لا ورق فيها.
ولنعد إلى فرقد . .
في امتحانات أخير السنة هجمت مجموعة قذرة من الأمن العامّة والأمن الجامعي لإلقاء القبض على ما يقارب أحد عشر طالباً من طلبة المرحلة الأولى . . شباب في ربيعهم التاسع عشر وربما الثامن عشر يطمح كل منهم أن يكون مهندساً بعد أربع سنوات يرى رجال الأمن على رأسه يطالبوه بمرافقتهم لا يدري لماذا ولا يدري إلى أين . . في الامتحانات . . يعني أنه خسر المادة التي كان يمتحن بها وإذا طال الأمر سيفقد السنة الدراسية قبل أن يفقد عضوا من جسده إثر التعذيب أو ربما يفقد حياته . .
نعم أخذوهم وذهبوا بهم إلى إحدى دوائر الأمن ليبقوا فيها قرابة الثمانية عشر يوماً وهم تحت التعذيب والتنكيل والإهانات . . ولا يدرون لماذا !!
وبعد تلك الأيام التي كان فيها اليوم الواحد يعادل عشرات السنين أطلقوا سراحهم وقد حطّموا نفوسهم وقتلوا فيها حب الدراسة والهندسة بل حب الحياة .
لماذا ؟ ؟ وماذا فعلوا ؟؟
لم يفعلوا شيئاً أبداً !! نعم لم يفعلوا شيئاً أبداً . . وكان فرقد واحداً من هؤلاء الأبرياء
لماذا إذن حصل كل ذلك ؟؟
كان ذلك بسبب تقارير زائفة كتبها أحد زملائهم عليهم اتّهم زملاءه بأنواع من التهم التي تكفي لإدانتهم ، فتم اعتقالهم وتعذيبهم بهذه الصورة البشعة . . ويبقى الأمر محيّراً لماذا كتب زميلهم عليهم وافترى على زملائه ؟!
لقد كان هذا الطالب ذا نفس مريضة وكان مستواه ضعيفاً في دراسته ويحتاج درجات كثيرة كي يحصل على النجاح وبنفس الوقت كان بعض الأساتذة من الرفاق البعثيين قد طمّع الطلبة البعثيين – ومنهم مريض النفس هذا – أنهم لو وجدوا أمراً مريباً من زملائهم وكتبوا ذلك بتقارير للحزب فإن تلك التقارير ستشفع لمن يكتبها ويحصل المزيد من المساعدة والدرجات وربما على النجاح.
فقام هذا الطالب المريض نفسياً بكتابة تقارير زائفة على زملائه كي يحصل على النجاح أو على حفنة من الدرجات التي ترفع مستواه الدراسي بسبب تحريض الأساتذة البعثيين.
وحصل ما حصل وبكل سهولة . . . وفي الحرم الجامعي
فقد معظم الطلبة المعتقلين الرغبة بإكمال الدراسة وتركوا الكلية التي أصبحت تذكّرهم بأسوأ أيام يمكن أن يراها بشر . . على حد علمي أن فرقد لم يستمر بدراسته وترك كلية الهندسة فعلاً .
تلك حادثة عشت أيامها وتفاصيلها في زمن النظام الطاغوتي العفلقي الذي لايزال بعض الحمقى يصفونه بزمن الخير ولا أدري أي خير يقصدون ؟