الجمعة - 29 مارس 2024

قراءة في دراسة:”السيدة زينب وتمكين المرأة” للدكتورة أمل الأسدي

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


م.ربيع عامر/كلية اللغات/جامعة بغداد ||


من بين الأقلام المؤثرة في المشهد الثقافي والاجتماعي العراقي، ومن بين الأقلام النسوية النادرة تبرز
(الباحثة الأديبة  الدكتورة أمل الأسدي) لتسلط الضوء علی نقاط حيوية معاصرة،فتعمل علی تأصيل المفاهيم الحديثة التي تشغل الحيز الثقافي،وهي بذلك
تنطلق  بروح الأديب وجَلَد العالم وصبر الباحث المجتهد فتسعی لإعادة قراءة موروثنا الزاخر وصفحات التاريخ المفصلية، لاستجلاء مكنوناتها وربطها بواقعنا المعاصر  ولحظتنا الآنية، وفي دراستها الأخيرة الموسومة(السيدة زينب وتمكين المرأة) قامت  وبطريقة ذكية وعلمية مقنعة، بتقديم قراءةٍ جديدة أو رؤية متفحصة، ضمن إطار جديد استخرج لنا صورةً جديدة للسيدة زينب (عليها السلام) تنأى بها عن صورتها التقليدية المكللة بثقل مأساة  واقعة كربلاء التي يندى له جبين التاريخ.
لقد استطاعت الدكتورة الأسدي تسليط أضواءٍ معاصرةٍ جديده على شخصية فذة، من أعظم شخصيات التاريخ لتكشف للقراء والباحثين عن بُعد جديد من أبعاد تلك الشخصية الكبيرة، فبينت لهم أن مصطلح (تمكين المرأة) الذي تعج به الساحة الآن،قد أسس له الإسلام ومنحه لشخصيات نسائية، حين منحها القدرة علی العمل والتأثير والمواصلة والاعتداد بالذات،ومن تلك الشخصيات: السيدة خديجة والسيدة فاطمة الزهراء(عليهما السلام) ثم  أنموذج الدراسة وهي السيدة زينب، ابنة أمير المؤمنيين، إذ منحها الإسلام ومنحها البيت النبوي الرسالي  التمكين الاجتماعي والتمكين الإداري والتمكين الإعلامي، وعلی هذا فإن الإسلام جاء ليرفع شأن المرأة ويمنحها الاستقلالية الفكرية، وإن أيَّ حديث عن تمكين المرأة لتكون عنصرا فاعلا ناجحا في الحياة، بعيد عن استثمار أدوات التمكين الإسلامية،سيكون حديثا ناقصا لايمكن تحققه،وذلك لأن تجاهل  البيئة التي تنتمي إليها المرأة المسلمة،ومحاولة تذويب الهوية والموروث الذي تستند عليه شخصيتها،يُعد  تحويلا نحو السطحية،فيكون تمكينا هداما،مجوفا،فارغ المحتوی.
فكل التحية والتقدير والتوفيق إلى الدكتورة أمل الأسدي علی جهودها العلمية و البحثية التي لا أبالغ لو قلت بأنها تستكمل جهود كبار الباحثين والعلماء في الثقافة العربية المعاصرة مثل الدكتور جواد علي الطاهر والدكتور طه حسين وأستاذ الأجيال عباس محمود العقاد، فقد برزت أقلامهم الحاذقة من التقاطهم القضايا المهمة الواقعية التي تشغل الأذهان، وأتمنى علی مراكز البحوث والدراسات ولاسيما المعنية  بالدراسات القرآنية،وتراث أهل البيت عليهم السلام  وقضيتهم المقدسة، استثمار هذه الطاقة البحثية الجبارة والاستفادة منها ومن التزامها بقضايا أهل البيت (عليهم السلام)ومعالجتها بطريقة معاصرة غير تقليدية.