الخميس - 28 مارس 2024

“الشروگية” بين الأصالة والدناءة

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


عباس زينل ||

لقاء واحد مع أحمد البشير كان يكفي لعلي الشيخ المهوال، ان ينسلخ من مبادئه وتقاليده، عندما قال البشير الأهزوجة جميلة؛ لطالما لا تحرض على القتل والكراهية،علي الشيخ متعجبًا؛ الأهزوجة لا تحرض على القتل!
وإشارات الجسد كانت توحي على أنه يستهزئ بالاهزوجة، الأهزوجة لون شعري جنوبي أصيل، يتقنها الكثير من أهل الجنوب الكرام، والغريب في الموضوع؛ بأن علي الشيخ كان قبل بضعة أشهر شاعر أهزوجة!، وعلي الشيخ ما هو إلا مثال واحد وبسيط، للكثير من الشروگية المنسلخين عن أصلهم ومبادئهم.
هذه مقدمة بسيطة للدخول في موضوع حساس جدًا، وأعتبره معاناة تعيشها الكثير من الشيعة، وحرب مع الذات والمبادىء والتقاليد، حيث لو تمعنتم في الشخصيات المشهورة، التي تنظّر في الحداثة والتنوير والإلحاد والعلمانية والتحضر، أو حتى على مستوى محللين سياسيين أصبحوا في الجبهات الأخرى، لرأيتم أنهم كانوا جميعًا شيعة شروگية ومن محافظات الجنوب، وحتى الجمهور الناقم على الدين والعمامة والحوزة، هم من الشيعة، وهم نفسهم الذين يستقبلون الجميع بعبارة، ” هلا بيك هلا وبجيتك هلا “،
وهم أيضا نفسهم الذين عندما يسافرون لدولة ما، يلتزمون بقوانينها وامنها ونظافتها وتقاليدها، وهم نفسهم الذين لو حدثت مشكلة صغيرة مع جارهم، يقومون بتهجيرهم بشكل كامل مع كتابة ” مطلوب دم “، هذه الفئة هي نفسها مرة تظهر بلباس المنظر المثقف، ومرة بلباس ابن العشيرة الغيور والسلاح في يمينه، هي الفئة التي تخالف القوانين في العراق، وتلتزم بأصغر القوانين خارج العراق، هي الفئة التي بقيت ساكنة في مكانها، عندما هبوا الشروگية وتسابقوا إلى الموت مع دااعيش، ونفسهم أيضا الذين اتهموا أبناء جلدتهم، عندما رجعوا من القتال بالتبعية وبالفساد، هم نفسهم الذين حرقوا مقرات الأحزاب الشيعية في مدنهم، ويصفقون للأحزاب السنية والكردية لبنائهم جسر كهربائي، هم نفسهم الذين يزورون الحسين، وعندما يخرج معمم حسيني ينتقد الظواهر التي تسيء لأفكار الحسين؛ يهاجمونه ويشتمونه ويخرجونه من الملة والإسلام، بعنوان الثقافة والتحضر والانفتاح، وأنه لا يجوز التدخل في دين وشؤون الآخرين.
هذه الفئة من الشروگية أساؤوا لأصالة الشروگية، أساؤوا لتقاليد أهل الجنوب الأصيلة، أساؤوا للدولة وللقانون، وحتى لحكم وعرف العشائر الأصيلة، هؤلاء هم نفسهم الذين عكسوا صورة سيئة، عن الشروگية الأصلاء المجاهدين في كل الأزمان، الشروگي الأصيل هو صاحب النخوة والشهامة والكرامة والشجاعة، المعروف بأصالته، المعروف بالفزعة الشجاعة لإخوته، الشروگي الأصيل هو الحُسيني الأصيل، هو صاحب المبدأ القويم، هو الغيور على أهله وناسه وعائلته، المحافظ لبناته وزوجاته من الانحلال الثقافي تحت عنوان التحضر، هو الذي يطبق تعاليم الدين بتفاصيلها، وملتزم بالأخلاق الإسلامية الحميدة، يحترم الجار والضيف والغريب والبعيد، أصحاب مضايف أصيلة قائمة على الكرم والشجاعة.
ـــــ