الجمعة - 29 مارس 2024
منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


محمد عبد الجبار الشبوط ||

المؤكد، حسب رواية والدتي فاطمة الشبوط رحمها الله، انني ولدت يوم ١٢ ربيع الاول من عام ١٣٦٩ هجرية. ولهذا السبب سماني والدي محمدا، والدي الذي كان يساريا حسب رواية صديقه الماركسي الدكتور حسين قاسم العزيز (١٩٢٢-١٩٩٥)، رئيس تحرير صحيفة “الفكر الجديد” التي كانت تصدر في السبعينات ايام شهر العسل بين البعثيين والشيوعيين.
حسب برامج تحويل التاريخ الهجري الى ميلادي يكون يوم مولدي في الاول من كانون الثاني من عام ١٩٥٠. وهذا تاريخ مميز كما اظن. ففي يوم ٣١ من كانون الاول من كل عام اكون قد اتممت سنة كاملة من عمري، وابدأ في اليوم التالي، الاول من كانون الثاني، سنةً جديدة. وبهذا فسوف اكون قد اكملت ٧١ سنة من عمري يوم ٣١ كانون الاول من عام ٢٠٢١، لابدأ العام ٧٢ من عمري في اليوم التالي.
سنوات كثيرة طويلة ثقيلة بلا شك. لو كانت وعاء كبيرا محملا بما حدث فيها لما كان في وسعي حمل هذا الوعاء. فقد شهدتُ الكثير من الحوادث العائلية والسياسية بدأً بوفاة والدي في اب من عام ١٩٥٧، ثم سقوط النظام الملكي بعد عام من هذا التاريخ، وانخرطت في العمل الحزبي السري، واعتقلت، وتزوجت وطلقت واصبح عندي اولاد واحفاد، واحببت وكرهت، وذقت طعم الهجرة والغربة والوطن والمرض والصحة والفقر والغنى والتنقل بين البلدان والخوف والامن والكثير الكثير من الامور. قمت بالكثير من الاعمال، اجدت في بعضها واخطأت في البعض الاخر، و احسنت الى اناس كثيرين، واسأت الى غيرهم، ولهذا يذكرني البعض منهم بخير الان، فيما يذكرني غيرهم بسوء. واعتقد ان هذه هي سنة الحياة التي لم يسلم منها حتى الله و مواكب الانبياء والائمة والصالحين والمفكرين والكتاب والناس اجمعين وصولا الى اقلهم حظا ومرتبة في المجتمع.
لكني، وانا ابدأ سنة جديدة من عمري الذي طال (انا الان اكبر من والدي واكبر من جدي مكي، واكبر من عمر النبي محمد، لكن اقل من عمر النبي نوح، عليهما الصلاة والسلام)، استطيع ان اقول انني استفدت دروسا من هذا العمر الطويل استطيع ان اقدمها لمن هو اصغر سنا مني من الشابات والشباب.
اول هذه الدروس ان للايمان بالله والصلاة له وقراءة كتبه وخاصة القرآن الكريم حلاوة لا يحسن للانسان العاقل ان يحرم نفسه منها.
وثانيا، ان الاجتهاد في الدراسة والتفوق فيها من مكملات الشخصية الناجحة التي يحسن للمرء ان يجتهد في تحصيلها.
وحسن الخلق وحسن التعامل مع الناس من الامور التي لا غنى عنها لتحقيق راحة البال والضمير. ومنها العفو والتسامح وقبول الاخر والتعايش معه وتقبل اعتذاره اذا اعتذر عن اساءة ارتكبها بحقك. وهذا يتطلب سعة صدر ورباطة جأش وقوة تحمل.
والقراءة والمطالعة الخارجية او “التثقيف الذاتي” حسب عنوان كتاب طبعه سلامة موسى عام ١٩٤٧ من عناصر الشخصية الاساسية. وقد احببت من بين طيف الكتب الواسع التي قرأتها بشكل خاص كتب التاريخ وكتب الفيزياء وكتب علم الاجتماع. ففيها نعرف الله والانسان والمجتمع.
والظلم امر قبيح جدا. ولا يحب الانسان ان يُظلم. وعليه ان لا يظلم احدا من الذين قد تضعهم الاقدار تحت سلطته وتصرفه. وقد كنت مسؤولا عن اناس كثيرين في حياتي الحزبية والاهلية والسياسية والحكومية. وارجو ان لا اكون ظلمت احدا. لكني لا انكر انني اميل الى تطبيق القوانين بشدة. وقد قال لي احدهم ذات يوم: لقد ظلمتني بعقوبتك. فقلت له: لقد ظلمك القانون. ويحق لك ان تشتكي علي بنفس القانون. وقد امرت بتثبيت هذا الحق في كل اوامر العقوبات التي اصدرتها وانا رئيس لشبكة الاعلام.
وعلى هذا الذكر، فقد تعلمت ان احب الاخلاص والجدية في العمل اينما يكون واكون، ومنه الحرص على المال العام. واحمد الله انني خرجتُ من الوظيفة العامة وانا نظيف اليد، ولم اسرق ولم اختلس ولم اسيء التصرف بالمال العام ولم ازدد ثراءً بسببه وقد كان تحت يدي المليارات منه بل استخدمته في تطوير العمل واسعاد الموظفين. وهذا ما سوف احاجج به ربي يوم القاه. وهذا فخر لي و لابنائي من بعدي.
وهذه بعض دروس ٧١ عاما تصرمت!
ــــــ