الجمعة - 29 مارس 2024

رؤية السيد عمار الحكيم في الأغلبية الوطنية

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


جمعة العطواني *||

ابتداءا اود ان اشكر لجناب السيد عمار الحكيم موقفه الوطني في قبوله (على مضض) نتائج الانتخابات من اجل المصلحة الوطنية العليا، رغم الخسارة غير المتوقعة لائتلاف قوى الدولة، الذي يضم كتلتين مهمتين من القوى الشيعية .
كما نشد على يده في وقوفه مع قوى الاطار للعبور من هذه الازمة، رغم انه ليس طرفا في تشكيل الحكومة القادمة .
كما انني لابد ان اشيد بعمقه السياسي في قراءة المشهد ، وسبل الخروج من هذه الازمة .
تناهي الى اسماعنا ان انه طرح رؤيته امام السيد مقتدى الصدر في تشكيل حكومة الاغلبية بدقة وعمق، للحفاظ على حقيقة المكون السياسي الشيعي، بوصفه معبرا عن المكون الاجتماعي الشيعي الاكبر في المجتمع العراقي.
فوجهة نظره مع السيد الصدر: بان المكون الاجتماعي الشيعي هو المكون الاكبر في المجمتع العراقي، بمعنى انه يمثل 60- 65./. من المكون الاجتماعي العراقي، وان المكون السياسي الشيعي لابد ان يكون بهذه النسبة قياسا الى المكونين السياسيين الكوردي والسني .
فاذا اراد اي طرف سياسي شيعي ان يشكل حكومة اغلبية مع المكونات الكوردية والسنية لابد ان يحافظ على حجمه السياسي 60-65./. من المكونات الاخرى( مجتمعة).
فاذا اراد السيد الصدر ان يشكل حكومة اغلبية وطنية، عليه ان يجمع مقاعد اكثر من مقاعد السنة والكورد المشتركين معه، لكي يحافظ على الاغلبية الشيعية في الحكومة والبرلمان ايضا.
وبما ان السنة توحدوا في كتلة واحدة (71) مقعدا تقريبا، والكورد كذلك توحدوا في (54) مقعدا تقريبا ، فعلى الصدر ان يجمع( 130) مقعدا ليحافظ على الاغلبية السياسية المعبرة عن الاغلبية الاجتماعية.
اما اذا اراد السيد الصدر ان يذهب بعدد مقاعد التيار الصدري ليشكل كتلة اكبر معبرة عن الغالبية الشيعية، فعليه ان يتحالف مع بعض الاحزاب الكوردية، وبعض الاحزاب السنية لبقى محافظا على الاغلبية الشيعية، بمعنى عليه ان يتحالف مع كتلة تقدم ( 37) مقعدا دون كتلة عزم (34) مقعدا ، او العكس، وكذا الحال بالنسبة للكورد ان يتحالف مع الحزب الديموقراطي (اكثر من ثلاثين مقعدا) دون بقية الاحزاب الكوردية او العكس ، ليبقى التيار الصدري اكثر من شركائه السنة والكورد مجتمعين، فيحقق الاغلبية السياسية المعبرة عن الاغلبية الاجتماعية، مع ضم بعض الشخصيات الشيعية المستقلة ليكتمل النصاب لتشكل الحكومة .
واما اذا بقيت القوى الكوردية والسنية مجتمعة، فليس امام الصدر الا العودة الى قوى الاطار ليتحالف معهم لكي يشكلوا معا اغلبية سياسية معبرة عن اغلبية اجتماعية ( 140) مقعدا في مقابل الكورد والسنة مجتمعين ( 125) مقعدا تقريبا .
اما ذهاب الصدر بمفرده(74) مقعدا في مقابل السنة والكورد مجتمعين ( 125) مقعدا فانه سيفقد الغالبية الشيعية داخل الحكومة، ولا يعبر عن تمثيل اجتماعي للمكون الشيعي كاغلبية اجتماعية .
وهذا الكلام موجه من قبل الحكيم الى قوى الاطار ايضا فلا نعيد.
هذه القراءة من الحكيم تعبر عن رؤية سياسية ثاقبة وذكية ، وتعبر عن واقعية سياسية دون القفز على الواقع السياسي .
لكن في مقابل هذه الرؤية للحكيم هنالك من يشكل على شخص السيد بوصفه صاحب هذه الرؤية السياسية من خلال ما يلي :
في انتخابات عام 2010 خاض الشيعة الانتخابات بكتلتين رئيستين هما (ائتلاف دولة القانون) بزعامة المالكي، والائتلاف الوطني العراقي بزعامة الحكيم والصدر، بالاضافة الى الجعفري ومن معهم) ، فكانت النتائج ان حصل المالكي على (89) مقعدا، مقابل الائتلاف الوطني على (71) مقعدا تقريبا، وقدم ائتلاف الحكيم والصدر ( 71) مقعدا مرشحهم عبد المهدي لرئاسة الوزراء بعد تحالفهم مع القائمة العراقية التي تضم (91) مقعدا، غالبيتهم من السنة بالاضافة الى القوى السنية الاخرى، ومع القوى الكوردية مجتمعة(54) مقعدا تقريبا .
كان هنالك رغبة واصرار لدى قوى الائتلاف الوطني في التحالف مع القوى السنية والكوردية لتشكيل حكومة اغلبية اذا رفض المالكي الانخراط بالائتلاف الوطني .
ما نريد ان نصل اليه هو ان نظرية السيد الحكيم السياسية في تشكيل حكومة اغلبية وطنية يكون فيها الطرف الشيعي يمثل اغلبية داخل الكتلة التي تضم السنة والكورد غير موجودة في ذلك الوقت، فالشيعة يمثلون (71) مقعدا تقريبا، مقابل الكورد (54) مقعدا والسنة الذين يمثلهم علاوي بالاعم الاغلب يتجاوزن ( 76) اذا استبعدنا الليبراليين الشيعة منهم .
وفق الحسابات العددية فان السنة مع الكورد مجتمعين( 130) مقعدا يمثلون (اغلبية سياسية)، مقابل الائتلاف الوطني الذي يمثل اقلية ( 71) مقعدا، فلماذا قبل السيد الحكيم الذهاب مع السنة والكورد مجتمعين وهم يشكلون اغلبية معه، والان يُشْكل على السيد الصدر الذهاب ب( 74) مقعدا للتحالف معهم بنفس الطريقة التي تحرك بها السيد الحكيم في عام 2010م ؟.
نعم كان السيد الحكيم في وقتها يقول ان علاوي والكورد يقولون للائتلاف الوطني انهم يتعاملون معهم على اساس الاستحقاق الاجتماعي، بمعنى ان الائتلاف الوطني ياخذ استحقاق (71+89) اي بمقدار حصة الشيعة متجمعين، دون مشاركة ائتلاف دولة القانون.
فلا نعلم ما هي رؤية الحكيم فيما لو اعطى الكورد والسنة للتيار الصدري بمفرده حصة الشيعة ( 180 ) بمن فيهم الشيعة المستقلين الذين ذهبوا الى المعارضة ؟. وكذا الحال فيما لو اخذت قوى الاطار هذا الاستحقاق دون مشاركة التيار الصدري في الحكومة؟.
فهل تستقيم المعادلة ؟ وهي نفس المعادلة التي قبل بها السيد الحكيم والصدر في انتخابات عام 2010 مع السنة والكورد، مقابل ابعاد دولة القانون من المشاركة ؟.
الاشكالية الاخرى التي ترد على نظرية الحكيم هي ان الحديث عن الاغلبية الشيعية بوصفهم يمثلون الاغلبية الاجتماعية، لماذا تكون حاضرة فقط عند الاتفاق على بداية تشكيل الحكومة، اما عند الحديث عن تفاصيل الحكومة وبقية الهيئات والمؤسسات يكون للشيعة النصف او الثلث احيانا؟.
ففي الرئاسات الثلاث للشيعة الثلث، والوزارات السيادية الرئيسة للشيعة الثلث تقريبا (الخارجية والمالية والنفط)، وفي بقية الوزارات الاخرى والمؤسسات يكون للشيعة النصف او اقل من ذلك؟.
في الختام تبقى رؤية الحكيم تحمل في طياتها بصيرة سياسية، وتعبر عن واقعية سياسية واجتماعية، شريطة ان تكون ثابتة في كل المراحل السياسية دون انتقائية او خاضعة للمتغيرات والمصالح الضيقة .

*مركز افق للدراسات والتحليل السياسي