الجمعة - 29 مارس 2024

الزهراء بنت محمد عليهما السلام..وكفى

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024

✍🏻 : د. عطور الموسوي

نشأنا على حبها وارتضعنا ولاية اهل بيت أبيها، وتباهت امهاتنا وجداتنا وهن يحدثننا عن امرأة كان مهرها دراهم معدودة وهي ابنة خاتم النبيين، وتأسينا بها وهن يحدثننا عن يديها التي تقرحت من عناء الطحن في الرحى، وأبكيننا وهن يروين لنا حادثة حرق باب بيتها وكسر ضلعها ووفاتها وهي في ربيع عمرها وما وقع على اسرتها الصغيرة من مصاب جلل ومن ثم تغييب قبرها فصارت في أذهاننا كائن غير عادي بكل المعايير، امرأة فريدة في كل تفاصيل حياتها بأعوامها القليلة، لكنني شدني كثيرا ومنذ ذلك الحين أن تفرح بالموت وسرعة اللحاق بأبيها والموت مّرٌ كما نعلم ويعرف عنه وهي ام شابة وزوجة شابة، فعندما دنت منه الوفاة، ضمَّها إلى صدره فبكت، ثم ضمَّها إلى صدره ثانيةً فضحكت. قيل لها: ما أسرع الضّحك إلى البكاء! قالت: “ما كنت لأفشي سرّ رسول الله في حياته” .. وحدّثتهم بعد وفاته أنّه قال لها في المرّة الأولى إنّه سينتقل إلى الرّفيق الأعلى فبكت، ثم قال لها إنها ستكون أوّل أهل بيته لحوقاً به فضحكت ..إنه اليقين والثبات على العقيدة.. واثقة هي من أن عاقبتها خيرا وانها ان وقعت على الموت ام وقع عليها فانها في نطاق رضاه سبحانه.
تكرر على أغلب منابرنا عبارة مظلومية الزهراء وسلب حقها.. وماوجدت للزهراء عليها السلام شأنا شخصيا في ما يشيرون اليه، هي انتفضت لتعيد الامور الى نصابها، وقد وجدت الاسلام في مكامن خطر ومواضع تحريف، انتفضت عندما رأت البدع تتحرك على قيم السماء.. انتفضت عندما وجدت نكث العهود من قبل مئات الآلاف الذين شهدوا يوم الغدير وبايعوا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله.. ومنهم من بخبخ له وهاهو اليوم ينقلب على عقبيه انقلابا سريعا ولم يمض على عهوده ومواثيقه الغليظة عاما واحدا !
انتفضت الزهراء لاعادة فدك لا لرغبة مادية فيها،وانما لانهم قد أوضعوا في دين الله وحرفوا نصوص القرآن، والا ما كان لفدك من ريع فهو للفقراء والمساكين وليست هي بحاجة اليه وقد طلقت الدنيا كأبيها وزوجها، لن يغضب الزهراء سلب مال، ولكن أغضبها وغضبتها لله أن يطبق القرآن انتقائيا والرسول الأكرم قد فارق الدنيا بأيام قلائل.
استشرفت مولاتنا الزهراء مستقبل الامة بهذا النكوص وأدت ما عليها ككل أئمة الهدى من دور في الأمة لتسقط شرعية زائفة عن من سلب حق المسلمين في الرفل بحكم اسلامي بإدارة امامهم المنصب من السماء ..” وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس”.
اقول ونحن نحيي ذكراها لا يليق بالزهراء عليها السلام ان نصفها بانها قامت لاستعادة حقها كونها مسلوبة الحق !!
وانما قامت لاعادة المسار الى وضعه الحقيقي وردع التحريف في القرآن وسن ما لم يسن في عهد الرسول الاكرم صلوات الله عليه.. حمت الدين ودافعت عن امامة امام زمانها لتلقي الحجة على الناكثين .
الزهراء عليها السلام قدوة قل الاحتذاء بها.. فما زلنا نذكر كل من هبت ودبت من نساء لمجرد عمل محدود قامت به، وننسى او نتناسى تلك المرأة التي صدحت في ديوان رجال كانوا قبل بضعة اعوام من عتاة الجاهلية غير آبهة الا بقول الحق وان تكاثر اهل الباطل..