الخميس - 28 مارس 2024

الجمجمة لله/ 2 / قراءة في قيادة “فيلق القدس “

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


محمد شرف الدين ||

طالب الساعدي

منذ الانطلاقة الأولى لهذا الفيلق فقد رفع راية الدفاع عن المظلومين والمستضعفين في مختلف بقاع العالم تطبيقاً لقوله تعالى
” وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا”
وهذا الهدف المقدس كما له مصاديق عديدة على ارض الواقع ، كذلك له ركائز نظرية واشكال مختلفة لتحقيقه ، فلكي تتم قراتنا لهذا الفيلق لابد ان ننطلق من بناءه الفكري تجاه هذا الهدف ، فقد اعتمد على الركائز الاتية :
1- الاهتمام بامور المستضعفين .
تغمر وجود المسلمين عاطفة قوية وحس اجتماعي مرهف يبزغ نوره من خلال اظهار الاهتمام بشؤون المستضعفين ،فقد ورد عن الرسول الأعظم صلى الله عليه واله :
” من اصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ”
ان المسلم يصبح وهمه منصرف الى شؤون المستضعفين ، ويتردد فكره في عرصاتهم ، ويستولي على وجدانه ذلك الهم الإنساني النبيل في كيفية ترجمته الى اواقع العملي .
نعم انه الود والمحبة الإلهية للمسلم من أخيه المسلم وقد تعهدت نمو ذلك المودة وديمومتها تلك الاحاديث الشريفة التي تبعث في النفس الحياة والامل وتنتشر بين بني البشر .
فقد جاء عن ابي جعفر الباقر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله :
” ود المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الايمان ، ومن أحب في الله وأبغض في الله ومنع في الله فهو من اصفياء الله ”
وورد عنه عليه السلام أيضا :
” إن المؤمن ترد عليه الحاجة لاخيه فلا تكون عنده فيهتم بها قلبه ، فيدخله الله تبارك وتعالى بهمه الجنة ”
فمن هذه الاحاديث أراد الإسلام من المسلم ان يكون له شغل يشغله بأخيه المسلم أينما يكون ، ودون فرق في عرق او نحلة ينتحلون .
انه الإسلام العظيم الذي يعلو على تلك الأطر المصطنعة ، يناشد المسلمين سواسية للاهتمام ببعضهم.
2- وجود مجتمع متماسك
سعى الرسول الأعظم صلى الله عليه واله لبناء مجتمع تحكمه علاقات اجتماعية رصينة ، فآخى بين المسلمين بعد ان كانت تتجاذبهم الخلافات وتتحكم بمصائرهم النزاعات ، وما كان لاحد ان يؤلف بين تلك القلوب المتنافرة لولا الله تعالى ، لقوله :
” وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” الانفال / 63.
وانتقل أولئك المسلمون من أشتات متفرقين الى إخوة متحابين ،
فالاسلام أقام صرح علاقات إنسانية بين المسلمين ، وأسس فيهم بنيان الاخوة ، التي لا تقبل التنابذ والتخاصم – بغرس الايمان في نفوسهم ، وجعله أساسا في علاقاتهم مع بعضهم ” انما المؤمنون اخوة ” الحجرات / 10 .
وقد مثّل الرسول الأعظم صلى الله عليه واله أروع تمثيل للوشائج الاجتماعية التي تصبغ المؤمنين في بنائهم الداخلي ، بقوله المشهور :
” ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا شتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى ”
وهذا التمثيل النبوي يعكس مدى التماسك الاجتماعي وأيضا مدى قوة الجبهة الداخلية في ساحة المسلمين وتلاحمهم المصيري فهم يشكلون جبهة إسلامية متنوعة ومتماسكة الأجزاء .
3- المثابرة نحو العمل
حث سبحانه وتعالى المؤمنين على العمل الصالح في كثير من اياته الكريمة ، منها :
” وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ …” التوبة / 105.
والعمل الصالح قرن بالايمان في كثير من الايات ، نحو : ” الذين امنوا وعملوا الصالحات …”
-من هذا نستفاد- ان العمل الذي يحمل صفة الاستقامة فيه نظ ة الى افق بعيد وهو نهاية الانسان واخرته ، ويحتاج تجسيده الى ذخيرة من الصبر على طريق الاستقامة ، وتحمل لتبعات ذلك العمل الذي ربما طويت فيه محن .
ولذا نجد امير المؤمنين عليه السلام يحث المسلمين الى العمل بوظائفهم ، فاليوم يحتاج المسلمون منا العمل والتنفيذ ولا وقت للانتظار ، فكم من مسلم يئن تحت وطأة الحصار والدمار ويستغيث ولا مغيث ، وكم من مسلمة حسروا رأسها ووضع عنها حجابها – لان مظهرها العفيف لا ينسجم وطبيعة القيم الغربية – …..