الخميس - 28 مارس 2024

مدارس المتميزين..بين الواقع والطموح..!

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024

محمد علي السلطاني ||


لا يخفى على القارئ الكريم حجم التراجع السلبي والضرر الذي حل بالعملية التعليمية والتربوية في البلاد، اذ شهد العراق تراجع مخيف في مستوى الطلبة والخريجين بعد أن كان المستوى العلمي للمتخرجين من الجامعات العراقية ينافس ويفوق دول العالم، وتتحمل الحكومات المتعاقبة مسؤولية هذا التراجع ، فانخفاض عدد الابنية المدرسية مع الزيادة السكانية المطردة، وتهالك الابنية المدرسية القائمة وافتقارها لأبسط مقومات التعليم الأساسية، واكتضاضها بأعداد تفوق قدرتها الاستيعابية أضعاف مضاعفة، ناهيك عن المناهج التربوية ذات المستوى العالي، مع عدم توفر الأرضية والبنى التحتية المناسبة، كتطوير الكادر التعليمي بدورات تمكنة من إتمام المهمة بنجاح، ومختبرات مدرسية ووسائل تعليمية تتلائم مع المناهج الحديثة، القى بضلالة الوخيمة على مجمل العملية التربوية في البلاد، مما ادى بالتالي الى تراجع المستوى العلمي للطلبة والخريجين على حد سواء .
من رحم تلك المعاناة، برقت بارقة آمل في تأسيس مدارس المتميزين، وفق شروط ومعايير عالمية، وهي البرنامج الوحيد الذي لا يخضع قبول الطلبة المتقدمين فيه الى التأثيرات الخارجية والمحسوبية والمنسويية، حيث تعتبر كفاءة الطالب المتقدم، ومعدلة، ونجاحة في اجتياز اختبار القبول هي الجواز الوحيد الذي يمكن الطالب من دخول هذه المدارس، واصبحت هذه المدارس بحق التجمع المميز للعقول المميزة، التي تعد ثروة كبيرة للبلاد لاتقدر بثمن ، اذ يعول على طلبة تلك المدارس رفد الجامعات بنخب وكفاءات طلابية ستغير وجه المستقبل، وستهئ كوادر مستقبلية قادرة على أدارة مؤسسات الدولة بكفاءة علمية مميزة .
لكن للأسف، يقف الطلبة الدارسين في هذه المدارس اليوم على مفترق طرق ، اذ يتضائل آمل انصافهم من الجهات ذات العلاقة بما يستحقون، تناسبأ وصعوبة المناهج ودراستها باللغة الإنكليزية، إضافة الى دراستهم للغات اخرى ( الفرنسية والكردية) ، مما يضاعف جهودهم عن اقرانهم من الطلبة أضعاف مضاعفه، تستوجب ان يكون تميزهم بإضافة مالايقل عن خمسة درجات على معدلاتهم، أو أي مميزات منصفة أخرى ترتأيها وزارة التربية، بالوقت ذاته نرى سخاء وزارة التربية على الطلبة المخفقين والمتخلفين والراسبين سخاء لا حدود له.
ان عدم انصاف هذه الشريحة الطلابية المهمة، يؤدي بالنتيجة الى هجرة هذه العقول الى المدارس التقليدية، وبالتالي فشل هذا المشروع المهم برمته، وخسارة البلاد لثروة علمية كبيرة ، لذا نرجو من وزارة التربية والمعنيبن النظر بأهتمام بالغ وجدية لهذه القدرات المهمة للحفاظ عليها من الهدر والضياع .