الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


عبدالملك سام ||

انه عالم مجنون هذا الذي نعيش فيه ، وغالبا ما يلقى اللوم فيه على العقلاء ، والتهمة الجاهزة طبعا أنهم “مجانين” !! وفي زمن أصبح فيه الصدق عملة نادرة ، كان من الطبيعي أن يمتاز فيه الخبيث من الطيب .
خذ مثلا عندك ، هناك أنظمة لا تمتلك أي ذرة من الديموقراطية ولا حتى في غرف النوم الخاصة بها ، وفجأة تصاب هذه الأنظمة بخلل عقلي لتحاول فرض الديموقراطية على شعوب تحركت وبدأت تفكر أن تحكم نفسها وفقا لمصالحها وتتحرر من العبودية والتبعية ، وكم هو المشهد مأساوي عندما ترى “ورعا” سعوديا أو إماراتيا يتحدث عن الحرية والديموقراطية !
أنا لا أعترض أن يتحدث من يشاء بما يشاء ، ولكن لو كنت أنت شخصا مريضا ومصابا بعقدة الأضطهاد مما يفرضه عليك الأمريكيون ، فعلى الأقل لا تحاول أن تحاضر الناس عن شرف أنت لا تمتلكه ! فكل العالم يعرف ، وأنت تعرف ، وأقرب الناس إليك يعرفون ، وحتى زوجتك تعرف أنك لا تملك حرية ممارسة ما تدعيه من رجولة إلا إذا كان بإذن موظف أمريكي من الدرجة العاشرة يعمل في سفارة بلده في أرضك ، ولكن خوفك ومذلتك هي ما جعله يأمر أكبر رأس في بلدك بما يريد فيجيبه : لبيك !
هلموا جميعا لنحسب معا ما يستخرجه النظام السعودي أو الإماراتي من ثروات ، طبعا هذا لو سمح لنا السفير الأمريكي بذلك ، وكم منها يذهب لجيوب الأمريكان بدون أي مقابل سوى “البكش” والتهديد ؟! طبعا كلنا نعرف أن عملية الحساب ليست من حق أحد ، حتى صاحب المال نفسه لا يعلم كم يكسب وكم يصرف !! كل شيء يدار عبر “شركات” تتبع الخزينة الأمريكية بشكل غير مباشر ، وكل ما لدى “الأجراء” يمكن سحبه في أي وقت وتحت أي مسمى !
وصل الحد مؤخرا إلى أن أصبح “جوجل” هو المفتي للمواطنين الخليجيين الذين فقدوا ثقتهم في مشائخهم والذين بات نصفهم في السجون ، والنصف الأخر يحتفل بعيد الحب ويتبع هيئة الأمر بالمنكر ! وحتى المفتي “الأعور” الذي لم نكن نفهم ثلثي كلامه بات من المغيبين ، وبات الدين وتعاليمه تأتي من “بخاري” أمريكي ، و”صحيح” صهيوني ! وتم إضافة وظائف أخرى للسفير الأمريكي في دول الخليج ؛ فصار سفيرا ورئيسا ومعلما ومفتيا وقاضيا !
أقول ربما أننا تسببنا بجزء مما وصل إليه بعض التافهين على تويتر وفيسبوك ؛ فقد كنا نسخر من كل تصريح تافه يدلي به أي مسئول سعودي أو إماراتي ، ونتيجة لهذا “الكبت” أكتفى هؤلاء بالتغريد في الفضاء الألكتروني لعل أحد يصدقهم ، وظهرت هوايات جمع الإعجابات والتعليقات ، وأنتشرت وسيلة تزوير الحسابات مثلما كانت تتم عمليات تزوير الإنتخابات ، وظهرت فقاقيع الشهرة التي ما تحولت مع الوقت إلى هجوم ضد الحقيقة والصدق والرجولة والمواقف المشرفة والمقاومة ، وأصبح من المعتاد أن ترى وجها قبيحا لديوث “مستعرب” ينتقد الفلسطينيين ويتبرأ منهم ومن قضية القدس ومن أي عمل رجولي ضد الأعداء !
تطورت الحالة اليوم ، ولم يعد العملاء والخونة يكتفون بمهاجمة حقوق الشعوب العربية والمسلمة ، بل أتجهوا ليجاهروا بالأعمال الدنيئة والمهينة ، ويتسابقون في تقبيل أحذية الأعداء ويشيدون بأخلاقهم وحتى مظلوميتهم ! وصرنا علكة تلوكها وتتندر الشعوب الأخرى بسذاجة مسئولينا وبفضائح خلافاتنا العلنية !
نحن لسنا مجانين يا هؤلاء عندما نطالب أن نكون أحرارا في قراراتنا وثرواتنا ، وعندما نكون مستعدين لدفع ثمن حريتنا فهذا أسمه كرامة وإباء ، ولو سخرتم من هذه الكلمات فذلك لأنكم لم تعرفوا قيمة أن تعيشوا أحرارا كرماء . الجنون الحقيقي أن أعاني وأكد لإخراج ثروتي لينهبها الصهاينة الجشعين دون أن أعترض ولو بكلمة ، فما قيمة أن أعيش وأعاني وأكد وهناك من يأخذ حقي ويملي علي ما أفعل حتى في صلاتي ؟! وأقسم لكم أن الطفل الحافي في بلداننا يمارس حريته بعزة وأنفه لا يملك نصفها من تسموه “ملك” أو “أمير” عندكم ، وأنتم مجرد مجموعة من خصيان القصور الذين يعدون أمواتا في نظر الشعوب !
أخيرا ، من المؤسف أن تعيشوا فترة على حالكم السيئ هذا لتشاهدوا ما سيحدث لا محالة ، فقط راقبوا ما نحن فاعلون . سيأتي اليوم الذي يتودد فيه الأمريكي والصهيوني إلينا بقتلكم وسحلكم لنرضى عنهم ونصادقهم ، ومؤكد أننا لن نقبل ولو باضوا لنا بيضا من الذهب . لن نقبل بشيء أدنى من حرية وإستقلال وكرامة شعوبنا وأمتنا ولو دفعنا ثمن ذلك من دمنا ، فما نزال عربا لنا دين لا يقبل بما تقبلون به . سموه جنونا أو ما شئتم ، لكم دين الذل والهوان ولنا دين ، والعاقبة للمتقين .