الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


حمزة مصطفى ||

بين “طوفان” النبي نوح (ع) قبل عشرات الآف السنين حيث أنقذ البشرية عن طريق سفينته “سفينة نوح” التي أركب فيها “من كل زوجين إثنين”, وطوفان فلاديمير بوتين وهو يهدد ويتوعد ويرعد ويزبد ويده على الزر النووي بإجتياح أوكرانيا اليوم, أين يقف “طوفان” الدكتور محمد فلحي عبر كتابه الجديد “نذير الطوفان” الصادر مؤخرا عن مؤسسة ثائر العصامي. أنا والدكتور محمد فلحي ومعنا الرئيس فلاديمير بوتين لو عاندنا مثل إبن نوح الذي تصور أن الجبل سوف يعصمه من الماء لما كنا الآن على قيد الحياة في عصر القرية الكونية. لا المؤلف محمد فلحي ولا قارئ الكتاب كاتب هذه السطور ولا حابس أنفاس العالم فلاديمير بوتين. لكن أجدادنا والحمد لله كانوا من بين ركاب تلك السفينة. ولعل السؤال الجدير بالطرح هو أين يقف المثقف والأكاديمي والخبير وهو يرى العالم من حوله تجتاحه شتى أنواع “الطوفان” بدء من كل أنواع الإتصالات منذ نحو 150 عاما الى بدء موجات الإتصال التي أخذ يبشرنا بها ماكلوهان الذي كان تخيل أن أقصى ما أوصلنا اليه هو “القرية الكونية”. غير أن قريتنا الكونية سرعان ماتحولت الى عالم رقمي خوارزمي إفتراضي يختزله جهاز صغير يسمى الهاتف النقال “إنطوى فيه العالم الأكبر”.
بلا شك لن يقف على الحافة بل “وسط المعمعة” محذرا وناصحا وموجها ومنذرا قبل أن يعم البشرية طوفان جديد لا يبقي في حال وقع ولا يذر. يقول الدكتور محمد فلحي محاولا لي ذراع مايحيط بنا من عواصف وتيارات هوائية وتسوناميات سياسية ومناخية “في عصر الطوفان الذي يحاصرنا لن نكسر الأقلام أو نطوي الصحف”. ماذا نفعل يادكتور إذن؟ يجيب أستاذ الإعلام في جامعة بغداد وبـ “حيل صدر” قائلا “لأن محبة الوطن لابد أن تكون حافزا للتعبير عن ذلك الألم النبيل” وبالتالي ومن وجهة نظره أن “أفضل شرف للمبدع هو مقارعة القسوة والفساد والفوضى, وزرع شجيرات الأمل والصبر”. وإنطلاقا من هذه الأهداف النبيلة التي نشاطره كلنا في طريقة التعبير عنها أو في تنفيذها يرى وهو “مسيطر ووردة” بأننا “سوف نصنع المستقبل من داخل الوطن وليس من خارجه, فالحياة لاتزدهر في ظل الإنتظار”. جميل هذا الطموح وكلنا معه لكن في حال سمح لنا القيصر فلاديمير بوتين “السنا في عصر الطوفان يادكتور محمد .. طوفان نوح القديم والسفنية التي إستوت على الجودي قبل عشرات الآف السنين وطوفانك أنت التحذيري وطوفان بوتين الذي لانعرف نهاياته), أقول جميل هذا الطموح في صناعة المستقبل. لكن دعني أعود الى مقدمتك التي تقول فيها “في تجربة جيلي الذي ولد في منتصف القرن العشرين في خضم عصر التحولات الكبرى, يمكن أن أقول أن الوطن كان حلما جميلا لم يستمر في مداعبة خيالنا كثيرا, فقد أصبح في ظل طيش الإستبداد كابوسا من الحروب والحصارات والظلمات”. وأستمر معك وأنت تنتقل من “طيش الإستبداد” الى “عصر الديمقراطية المستوردة” على “كولتك” لم نصل الى “ضفة الأمل” بل مازلنا نبحث عن “الجودي” لعلنا نعثر على سفينة تنقذنا من طوفان جديد.