الجمعة - 29 مارس 2024

منهج الفهم اللاهوتي للإسلام..

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


د. علي المؤمن ||

ولد فكر عصر النهضة الأوربية، ومناهجه الفلسفية في التفكير، وعلومه التجريبية والإنسانية الحديثة، في إطار حراك تاريخي طويل، شامل وحاد، ولصيق بهوية البيئة الأوربية وعناصر تكوينها، وبجوهر الصراع التراكمي الخاص بها. ويستند تأسيس هذه المناهج الى ثلاث خلفيات:
أ‌- الفراغات الفكرية والمنهجية والتشريعية الحادة في الديانة المسيحية.
ب‌- الصراع بين سلطات الكهنوت الكنيسي والسلطات السياسية المتحالفة معه (التحالف الثيوقراطي السلطوي المستبد والمتخلف) من جهة، وبين تيارات التحرر السياسي والفكري التنويري من جهة أخرى.
ت‌- إتهامات التنويريين للتحالف الثيوقراطي السلطوي (الكهنوت وأنظمة الحكم المطلق) بأنه وراء كل مضامين وأشكال التخلف العلمي والفكري والثقافي والسياسي والإجتماعي والإقتصادي في أوربا.
وقد حقق فكر عصر النهضة الأوربية وفهمه العلماني للدين ثلاثة نجاحات واقعية أساسية:
الأول: التطور العلمي التجريبي والعمراني والإنساني للغرب.
الثاني: التطور في النظم السياسية والقانونية في الغرب.
الثالث: إنطلاق الحركات الإستعمارية العالمية الغربية وسيطرتها على معظم الكرة الأرضية.
هذه النجاحات، المصاحبة لتصاعد موجات الاستعمار العسكري الغربي ضد شعوب العالم؛ فتحت الأبواب لتعميم معادلات فكر عصر النهضة الاوربية العلماني على الأديان والايديولوجيات والوجودات الإنسانية الأخرى، ومنها الإسلام؛ فأخذ بعض المفكرين والباحثين والمستشرقين والمهتمين (الغربيين أو من أبناء البيئة المسلمة) الى إعادة فهم الإسلام عبر إسقاط اللاهوت المسيحي وتعاليم الديانة المسيحية وفراغاتها على الإسلام ونصوصه وعقيدته وشريعته ومفاهيمه ومنظوماته، والى استخدام أدوات فهم اللاهوت المسيحي ومناهجه، ومايتضمنه من تعارضات داخلية، في فهم الدين الاسلامي، وتطبيق معادلات الصراع بين الكنيسة والتنويرين وفلسفات عصر النهضة الاوروبية على المنظومة الدينية الاسلامية.
فنجد يعض هؤلاء المفكرين والباحثين يعتمد اللوثرية، وتحديداً منهج “فلاسيوس”؛ لينتهي الى تشبيه الواقع الإسلامي بالواقع المسيحي قبل ظهور لوثر، أو بالانشقاقات البروتستانتية والأرذوكسية واللوثرية، أو بالعصور المسيحية الوسطى الأوروبية. وراح آخرون يخططون لثورة تنويرية مسلمة على الموروث الديني الإسلامي، وتعميم مصطلح الموروث على النص القرآني والسنة، بالتزامن مع ثورة أخرى على المنظومة الدينية الإسلامية ومتكلميها وفقهائها.
ولوقعنة هذه الثورات المضادة للدين؛ عمدت موجات الغزو الفكري والمنهجي العلماني إلى توصيف المفكرين والباحثين المسلمين الليبراليين والعلمانيين، بالمجددين والمصلحين، وبأن بعضهم هو “مارتن لوثر” الإسلام، وإلى نحت مصطلحات عائمة كـ (اللوثرية الإسلامية) أو (الإسلام الأرثذوكسي) أو (الإسلام البروتستانتي) كمناهج في فهم الاسلام. وهذا المقاربة تساوق في خطئها وخطورتها فهم الإسلام بمنهج الفسلفة المادية الديالكتيكية (الماركسية الإلحادية).
ــــــــــــــــــــــــــ