الخميس - 28 مارس 2024

سنة الغيبة بين الأنبياء (١١) غيبة موسى كليم الله (ع) …

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


كندي الزهيري ||

عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله(ع) قال: «إن يوسف بن يعقوب(ص) حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب وهم ثمانون رجلا فقال إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ويسومونكم سوء العذاب، و إنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لأوى بن يعقوب اسمه موسى بن عمران (ع) غلام طوال جعد آدم فجعل الرجل
من بنى إسرائيل يسمى ابنه عمران و يسمى عمران ابنه موسى.» عن أبي بصير عن أبي جعفر(ع) أنه قال: «ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل كلهم يدعي أنه موسي بن عمران فبلغ فرعون أنهم يرجفون به و يطلبون هذا الغلام . وقال لكهنته سحرته: إن هلاك دينك و قومك على يدي هذا الغلام ، الذي يولد العام من بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء و قال: لا يولد العام ولد إلا ذبح. و وضع على أم موسى قابلة. فلما رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا: إذا ذبح الغلمان و استحيي النساء هلكنا فلم نيق فتعالوا لا نقرب النساء. فقال عمران أبو موسى(ع). بل باشروهن فإن أمر الله واقع و لو كره المشركون ، اللهم من حرمه فإني لا أحرمه ، فوقع على ام موسى فحملت فوضع على ام موسى قابلة تحرسها فإذا قامت و إذا قعدت قعدت فلما حملته أمه وقعت عليها المحبة وكذلك حجج الله على خلقه.فقالت لها القابلة: ما لك يا بنية تصفرين و تذوبين؟ قالت: لا تلوميني فإني إذا ولدت أخذ ولدي فذبح. قالت: لا تحزني فإني سوف أكتم عليك. فلم تصدقها. فلما أن ولدت التفتت إليها و هي مقبلة فقالت: ما شاء الله. فقالت لها: ألم أقل إني سوف أكتم عليك؟ ثم حملته فأدخلته المخدع و أصلحت أمره. ثم خرجت إلى الحرس فقالت انصرفوا و كانوا على الباب: فإنما خرج دم منقطع. فانصرفوا. فأرضعته فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليها أن اعملي التابوت ثم اجعليه فيه ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في «نيل مصر» فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع إليها و جعلت تدفعه في الغمر وإن ريح ضربته فانطلقت به فلما رأته قد ذهب به الماء همت أن تصيح، فربط الله على قلبها. قال الامام الباقر(ع):وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون و هي من بني إسرائيل. قالت لفرعون : انها أيام الربيع فأخرجني و اضرب لي قبة على شط النيل حتى اتنزه هذه الأيام. فضربت لها قبة على شط النيل. إذ أقبل التابوت يريدها ، فقالت: هل ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: إي و الله يا سيدتنا إنا لنرى شيئا . فلما دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها وكاد الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته و أخرجته من الماء. فأخذته فوضعته في عجرها. فإذا هو غلام أجمل الناس و أسترهم فوقعت عليه منها محبة. فوضعته في حجرها و قالت: هذا ابني. فقالوا: إي و الله يا سيدتنا و الله ما لك ولد و لا للملك فاتخذي هذا ولدا. فقامت إلى فرعون و قالت: إني أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي و لك فلا تقتله. قال: و من أين هذا الغلام؟ قالت: و الله ما أدري إلا أن الماء جاء به. فلم تزل به حتى رضي. فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤوس من كان على فرعون إلا بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه- فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا. قالت امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئرا و لا تحقروا أحدا، فجعل لا يقبل من امرأة منهن. فقالت أم موسى لأخته: قصيه انظري أ ترين له اثر. فانطلقت حتى أتت باب الملك. فقالت: قد بلغني أنكم تطلبون ظئرا و هاهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم. فقالت: أدخلوها. فلما دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت؟ قالت: من بني اسرائيل. فالت. اذهبي يا بنية فليس لنا فيك حاجة. فقلن لها النساء: انظري عافاك الله يقمل او لا يقبل. فقالت امرأة فرعون: أ رأيتم لو قبل هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل و المرأة من بني اسرائيل يعني الظئر فلا يرضي قلن: فانظري يقبل أو لا يقبل. قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها. فجاءت إلى أمها و قالت: إن امرأة الملك تدعوك. فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها ثم ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه فلما رأت امرأة فرعون أن ابنها قد قبل. قامت إلى فرعون فقالت: إني قد أصبت لابني ظئرا و قد قبل منها. فقال: ممن هي؟ قالت: من بني إسرائيل. قال فرعون: هذا مما لا يكون أبدا الغلام من بني إسرائيل و الظنر من بني إسرائيل. فلم تزل تكلمه فيه و تقول: ما تخاف من هذا الغلام إنما هو ابنك ينشأ في حجرك حتى قلبته عن رأيه و رضي.
فنشا موسى(ع) في أل فرعون وكتمت أمه خبره و أخته و القابلة حتى هلكت أمه و القابلة التي قبلته فنشأ(ع) لا يعلم به بنو إسرائيل.»
قال(ع)، «و كانت بنو إسرائيل تطلبه و تسأل عنه فيعمى عليهم خبره. قال فبلغ فرعون: أنهم يطلبونه و يسألون عنه فأرسل إليهم فزاد في العذاب عليهم و فرق بينهم ونهاهم عن الإخبار به و السؤال عنه..
فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم. فقالوا: قد كنا نستريح إلى الأحاديث فحتى متى و إلى متى نحن في هذا البلاء؟ قال: و الله إنكم لا تزالون فيه حتى يجيء الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوى بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد فبينما هم كذلك. اذا أقيل موسى يسير على بغلة حتى وقف عليهم فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة فقال له: ما اسمك يرحمك الله. قال(ع):«موسى.» قال: ابن من؟ قال(ع): «ابن عمران.» فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها و ثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم وعرفوه و اتخذ شيعة فمكث بعد ذاك ما شاء الله. ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط فاستغاثه الذي سن شيعته على الذي من عدوه القبطي. فركزه موسى فقضى عليه و كان موسى(ع) قد أعطي بسطة في الجسم و شدة في البطش فذكره الناس و شاع أمره وقالوا إن موسى قتل رجلا من أل فرعون فأصبح في المدينة خائفا يترقب فلما أصبحوا من الغد إذا الرجل الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر فقال له موسى(ع): انك لقوي مبين بالأمس رجل و اليوم رجل. فلما أن أراد أن يبطش بالذي و ليما قل: ««يا موسى أ أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تكون جبارا في الأرض و ما تريد ان تكون من المصلحين .»
«و جاء رجل من اقصى المدينة يسعى قال: يا موسى إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين.»
فخرج منها خائفا يترقب فخرج من مصر بغير ظهر و لا دابة لا خادم تخفضه أرض وترفعه أخرى حتى انتهى إلى أرض (مدين) فانتهى إلى أصل شجرة فنزل. فإذا تحتها بئر و إذا عندها أمة من الناس يسفون وإذا جاريتان ضعيفتان و إذا معهما غنيمة لهما. قال(ع): «ما خطبكما؟» قالتا: أبونا شيخ كبير و نحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال فإذا سقى الناس سقينا.
فرحمهما موسى(ع) فأخذ دلوهما و قال بهما: قدما غنمكما. فسقى لهما ثم رجعتا بكرة قبل الناس. ثم تولى موسى(ع) إلى الشجرة فجلس تحتها فقال: «إني لما أنزلت إلي من خير فقير.» (فروي أنه قال ذلك و هو محتاج إلى شق تمرة) فلما رجعتا إلى أبيهما
قال: ما أعجلكما في هذه الساعة، قالتا: وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا، فقال لاحداهما: اذهبي فادعيه لي، فجاءته تمشي على استحياء قالت: إن ابي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا.. فروي أن موسى (ع) قال لها: وجهيني إلى الطريق و امشي خلفي فانا ينو يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء. فلما جاءه و قص عليه القصص، قال : لا تخف نجوت من القوم الظالمين. قالت إحداهما: يا أبت استئاجره إن خير من استأجرت القوي الأمين. قال إني أريد ان الكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك. فروي أنه قضى أتمهما. لأن الأنبياء(ع) لا يأخذون إلا بالفضل و التمام. فلما قضى موسى الأجل و سار بأهله نحو بيت المقدس أخطا على الطريق ليلا فرأى نارا فقال لأهله: امكثوا اني آنست نارا، لعلي آتيكم منها بقبس أو بخبر من الطريق. فلما انتهى إلى النار إذا شجرة تضطرم” من أسفلها إلى أعلاها فلما دنا منها تأخرت عنه فرجع و أوجس في نفسه خيفة. فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة «أن يا موسى إلي أنا الله رب العالمين و أن الق عصاك فلما رآها تهتز كالها جان ولى مدبرا ولم يعقب.» فإذا حية مثل الجذع لأسنانها صرير يخرج منها مثل لهب النار. ولى موسى(ع) مدبرا، فقال له ربه عز و جل: ارجع! فرجع و هو يرتعد. و ركبتاه تصطكان. فقال: يا إلهي هذا الكلام الذي أسمع كلامك؟ قال: نعم فلا تخف. فوقع عليه الأمان فوضع رجله على ذنبها ثم تناول لحييها فإذا يده في شعبة العصا قد عادت عصا و قيل له «فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى .»” قال رسول الله(ص):
«…استتر الفقيه. فبعثوا إليه أنه لا صبر لنا على استتارك عنا. فخرج إلى بعض الصحاري واستدعاهم و طيب نفوسهم و أعلمهم أن الله عز و جل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة. فقالوا بأجمعهم الحمد لله. فأوحى الله عز و جل إليه”: قل لهم: قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم الحمد لله. فقالوا: كل نعمة فمن الله. فأوحى الله إليه: قل لهم قد جعلتها عشرين سنة. فقالوا: لا يأتي بالخير إلا الله. فأوحى الله إليه: قل لهم قد جعلتها عشرا. فقالوا: لا يصرف السوء إلا الله، فأوحى الله إليه: قل لهم لا تبرحوا فقد أذنت لكم في فرجكم. فبينا هم كذلك إذ طلع موسى(ع) راكبا حمارا. فاراد الفقيه ان يعرف الشيعة ما يستبصرون فيه وجاء موسى حتى وقف عليهم فسلم عليهم فقال له الفقيه: ما اسمك؟ فقال: موسى. قال: اين من! قال : ابن عمران. قال: ابن من؟ قال: ابن قاهث بن لاوى بن يعقوب.قال: بماذا جنت؟ قال: جنت بالرسالة من عند الله عز و جل. فقام اليه فقبل يده. ثم جلس بينهم فطيب نفوسهم و أمرهم أمره ثم فرقهم فكان بين ذلك الوقت و بين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة.» روى محمد بن عمارة عن أبيه قال: قلت للصادق جعفر بن محمد(ع) أخبرني بوفاة موسى بن عمران(ع).
فقال(ع): «إنه لما أتاه أجله و استوفى مدته و انقطع أكله أتاه ملك الموت (ع). فقال له: السلام عليك يا كليم الله. فقال موسى(ع): و عليك السلام. من أنت؟ فقال: أنا ملك الموت. قال: ما الذى جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك. فقال له موسى (ع): من أين تقبض روحي؟ قال: من فمك. قال موسى(ع): كيف و قد كلمت به ربى جل جلاله؟ قال: فمن يديك. قال: كيف و قد حملت بهما التوراة؟ قال: فمن رجليك. قال: كيف و قد وطئت بهما طور سيناء؟ قال: فمن عينك. قال: كيف و لم تزل إلى ربى بالرجاء ممدودة؟ قال: فمن أذنيك. قال: كيف و قد سمعت بهما كلام ربى عز و جل؟» قال (ع) فأوحى الله تبارك و تعالى إلى ملك الموت: لا تقبض روحه حتى يكون هو الذى يريد ذلك. و خرج ملك الموت. موسى (ع) ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك و دعا يوشع بن نون. فأوصى اليه و أمره بكتمان أمره و بأن يوصى بعده إلى من يقوم بالأمر وغاب موسى(ع) عن قومه فمر في غيبته برجل و هو يحفر قبرا. فقال له: أ لا أعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرجل: بلى. فأعانه حتى حفر القبر و سوى اللحد ثم اضطجع فيه موسى ( ع) لينظر كيف هو. فكشف الله له الغطاء فرأى مكانه في الجنة. فقال: يأرب اقبضني إليك. فقبض ملك الموت روحه مكانه و دفنه في القبر و سوى عليه التراب و كان الـذى يحفر القبر ملك الموت في صورة ادمى و كان ذلك في التيه. فصاح صائح من السماء: (مات موسى كليم الله و أي نفس لا تموت)