الخميس - 18 ابريل 2024

التثاقف الإيجابي للبنى الواعية المؤسسة للفتوحات الإسلامية..

منذ سنتين
الخميس - 18 ابريل 2024


الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||

يطرح المستشرق الفرنسي (لويس ماسنيون ) رؤية مفاهيمية مستمدة من مرجعية فكرية قائمة على أساس اصدار الآراء الاستباقية غير المتكاءة على وسادة الموضوعية في التناول والطرح للقضايا الإسلامية ومنها مسألة الفتوحات الإسلامية .
فبغض النظر عما حصل من هنّات رافقت الفتوحات الإسلامية ألا اننا لايمكن تسقيط البعد التعميمي على الموضوع ككل فالبعض ينظر للمسألة وكأنها عملية إبادة كما فعل الغرب في حروبهم قديما وحديثا لكن الحقيقة ليست كما يتبنونه من رؤى ومفاهيم وتصورات.
إذ ان روح التمازج والتثاقف الإيجابي كانت حاضرة في أغلب جوانب ومفردات حركة الفتوحات ، فالمسلمين لاضير في منظومتهم الفكرية أن يحكمهم فارسي او تركي مادام انتماؤه للمدرسة الإسلامية نعم ربما المتتبع لتاريخية الجانب السياسي يأتي برؤية مغايرة لما طرحناه لكن هنالك مفاصل تاريخية ولو خافية برهنت على تقبل هذا الأمر سواء بالتصريح او بالتلميح.
كما أن الإسلام لم يلغي ويجتث منظومة القيم والجوانب الحضارية للمناطق المفتوحة على العكس تماما مما فعله ويفعله الغرب فالإسلام يمتاز بروح التقبل للآخر وينطلق وفق مسار توافقي مع الشريعة الإسلامية السمحاء في تشذيب وتهذيب ما يجده في المناطق المفتوحة لان العلة الغائية للفتوحات هي توسيع رقعة التوحيد ونشر تعاليم الدين الإسلامي انطلاقا من مبدأ التسالم في البدء ثم الأنتقال المرحلي للقتال اذا انتفى الجانب الأول.
ولاندعي ملائكية جميع المسلمين في حركة الفتوحات الإسلامية فالكثير مما صدر منهم يسيء بشكل او بآخر لمنظومة القيم الإسلامية ألا اننا اذا وضعنا حركة الفتوحات الإسلامية مع العالم الغربي في كفتي ميزان نجد ان لا مجال للمقارنة حتى في الجانب الفكري إذ أن الإسلام بدخوله لبلاد فارس غير جوانب فكرية مظلمة كانت معشعشة في جنبات الامبراطورية الفارسية فجاء الإسلام عبر بوابة التثاقف الفكري المتمازج مع الآخر في اخذ المفيد وطرح غير المفيد جانبا للخروج بنتاجات تسهم في تكوين نموذج إسلامي يمكن القول فيه أنه فريد من نوعه سواء ان كان هذا الدين مقتبسا أو قابسا للطرف الآخر.
وهذا يؤسس لنظرة تصحيحية أراد بعض المستشرقين تسقيطها وتأبيدها على الفتوحات الإسلامية لغايات وأسباب يطول شرحها هنا, لكن الخشية من التمدد الإسلامي داخل المجتمع الأوربي دفعهم إلي تبني هذا الأمر في اطلاق صفة الوحشية على الفتوحات الإسلامية.
لاسيما وان خطورة هذا الدين – كما يرون هم – تكمن في انفتاحه على الآخر بكل مايمتلك من مقومات التحاور الإيجابي السمح الجاذب للأنسان لحظيرة الإسلام آنيا أو مستقبليا منطلقاً من التأسيس القراني الضاغط في رسم البرنامج التحاوري التعاطي مع الآخر بدلالة ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل /125.
فالدعوة القرآنية تتسم بالتعميم الشخصي / الزماني ، وما وجود المسلمين في اوربا بهذا الكم الهائل ألا مصداقا على ماندعيه من قول يؤرق ويوجس الغرب خيفة من هذا الدين .
ــــــــ