الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


منهل عبد الأمير المرشدي ||

[email protected]

اصبع على الجرح .

باديء ذي بدء اقدم اعتذاري لكل من لايجد نفسه ضمن ما اصف الحال في مفردات المقال فلست بمؤمن في التسقيط الجمعي ولابد ان نستثني ثلة من الأولين وقليل من الآخرين وقد كتبت المقال بارهاصات قلب يتألم وينزف الما وحسرة على ما آل اليه حال العراق .
لست في محاضرة دينية ولا ادّعي الخوض في مجال يختص به رجاله فذلك الأمر يأخذ ممن يلج فيه من دون تخصص اكثر مما يعطيه .
انا هنا اكتب من وحي ما جاء في الآية الكريمة ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ )الحشر: 19 وفقا لما جاء في اتفاق المفسرين لجميع المذاهب الإسلامية كونها آية واضحة الدلالة في المعنى من دون الحاجة الى التأويل والغور في التفسير بأن لا تنسوا ذكر الله تعالى فينسيكم العمل لمصالح أنفسكم التي تنفعكم في معادكم فإن الجزاء من جنس العمل .
ولا تكونوا كالذين نسوا الله أي تركوا أمره أو ما قدروه حق قدره أو لم يخافوه أو جميع ذلك فأنساهم أنفسهم أي جعلهم ناسين لها بسبب نسيانهم له فلم يشتغلوا بالأعمال التي تنجيهم من العذاب ولم يكفوا عن المعاصي التي توقعهم فيه ففي الكلام مضاف محذوف أي أنساهم حظوظ أنفسهم كما انهم نسوا حق الله فأنساهم حق أنفسهم ، وقيل نسوا الله في الرخاء فأنساهم أنفسهم في الشدائد .
لا شأن لنا ببقية الشعوب والدول ولنتحدث عن بلادنا واهلنا وناسنا. نحن في العراق بلد الإسلام شاء من شاء وأبى من ابى مع احترامنا لأخوتنا من كل الطوائف والأديان .
العراق مدرسة المذاهب ومثوى أجساد ال البيت عليهم السلام والأولياء والصالحين .
لكننا نسينا الإسلام وتناسينا إننا مسلمين .
حتى في الطقوس والشعائر الدينية والأحزان والأفراح فقد ابتعدنا عما يريد الله او يرضى به فبيننا الالاف مؤلفة ممن يعبد في ذاته صنما غير الله ويؤلّه بين جوانحه الها غير الله من ساسة الضلالة وزعماء النفاق وقادة الفساد فقد نسينا الله في طقوسنا ونسينا الله في اعمالنا ونسينا الله في عباداتنا فصار لكل مسجد او حسينية حزب يدعمهم او تيار تمثله وقائد او زعيم تعلق صورته هنا او هناك وصار حرم بعض المساجد ساحة للتثقيف والتسييس وتحديد مواعيد الإجتماع القادم والمؤتمر القادم والمؤامرة القادمة والنفاق القادم .
نسينا الله في كل شيء .
بعلاقاتنا فيما بيننا باهلنا وأرحامنا بآبائنا وأبنائنا وبناتنا. نسينا الله في واجبات الأب وحقوقه وصلاحيات الأب ومسؤولياته فراح الأبناء في التيه وتعولم من تعولم وتفرعن من تفرعن وشذ من شذ وضاع من ضاع بين باحث عن وطن وبين حارق ومدمّر للوطن .
نسينا الله في معاملاتنا وعملنا وفسدنا حتى فاحت رائحة الفساد في طعامنا ومنامنا وصباحنا ومسائنا واستسهلنا السحت الحرام .
نسينا الله حتى في عبادتنا فتحولت الصلاة عند البعض من عبادة الى عادة .
وضوء وتكبير وقيام وركوع وسجود لكننا لا نصلي فالتوجه نحو الله لكن القلب مرهون عند الأوثان الزعماء والرؤساء والغرائز والشهوات والأنجاس والنجاسات. نحّج بيت الله ونعتمر فنقصد ونحرم ونطوف ونلبي لكننا لا نحج فاكثرنا يتأبط في جوانحه اله غير الله وقائد فوق قداسة الله فهو لا يأبه ولا يهتم لو شتمت الذات الإلهية امامه لكنه قد يقتلك لو شتمت قائده اوزعيمه .
الربا وما ادراك ما الربا والمرابي بحرب مع الله وحدّث ولا حرج , الكذب والكذّاب عدو الله وقد صار الكذب في الأمة طبع وتطبع وسجية .
اما النفاق فإذا جائك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون . ماذا اقول وعن اي جرح اتحدث .
عن فقراء بلدي الذي يتضورون عوزا وهم يسكنون فوق آبار النفط ونسوا الله فنسوا حقوقهم وانصاعوا لمافيات الفساد والنفاق كالعبيد او اتحدث عن بعض العراقيين الذي هاجروا ونسوا الله في اعمالهم فنسو النساء في حجابهم ونسي الشباب الله في صلاتهم ونسي الكثيرين منهم الله في طعامهم ولباسهم .
ماذا اقول وعن اي جرح اتحدث . عن وطني العراق اغنى بلاد الأرض وافقر شعب في الأرض بعد ان نسينا الله فتفرعن علينا الفاسدين والمنافقين من عصابة البره زاني في الشمال التي تنهب اموال العراق ونفطه وموارده من دون ان يجد من يردعه فكل ساسة الشيعة والسنة بين عميل وجبان ومنافق وكلهم خائنين فاسدين , وزراء ونواب ورئاسات وحيثما كانوا او تسمّوا . نسوا الله فأنساهم انفسهم .
ماذا اقول وعن اي جرح اتكلم . اغلبنا يكتب ويقول ويحلل ويحكي الحكايا لكنه بين جاهل للعلة او متجاهل لها .
نعم لقد نسينا الله واقول ما اقول واذكر ما اذكر عند انتهاء الحرب العراقية الإيرانية التي اخذت مئات الآلاف من الضحايا من البلدين بارادة امريكا والاعراب ومشايخ الخليج وبتنفيذ من المقبور صدام , بعد ان انتهت الحرب وقال مذيع بيان البيانات احتفلوا ايها العراقيين كل على طريقته الخاصة .
خرج الشعب العراقي يرقص ويغني حتى الصباح بمشاهد ما انزل الله بها من سلطان فيما كان الشعب الإيراني يتضرع لله في الشوارع والمساجد, يكبر لله ويصلي لله ويشكر الله. لقد نسينا الله نحن فيما تذكروا الله هم .
وها نحن اليوم بين انياب الفاسدين ينهبون اموالنا ويخربون حياتنا ويدمروا تأريخنا وحاضرنا ومستقبل ابنائنا وها هي ايران دولة تأكل مما تزرع وتصدّر مما تصنع وتلبس مما تنتج ونووية تطلق الأقمار الصناعية وتفتح افاق المستقبل لشعبها بصبر وجد واجتهاد .
اما نحن فأقسم لكم بإيران بره بره .
لقد نسينا الله .
ـــــــــ