الثلاثاء - 16 ابريل 2024

الحرب الاقتصادية على روسيا

منذ سنتين
الثلاثاء - 16 ابريل 2024


د.هيثم الخزعلي ||

قبيل الثورة الملونة في أوكرانياعام ٢٠١٤ وسيطرة الغرب على مقاليد السلطة فيها، ودخول روسيا للقرم واقتطاعه ودعم انفصال إقليم الدنباس، كان الJDB او الناتج المحلي الاجمالي الروسي يبلغ ٢،٣ ترليون دولار .
الا انه انخفض بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا حتى وصل عام ٢٠٢١ الى ١،٣ ترليون، مما يعني انه انخفض لأكثر من ترليون دولار .
وهذا ما جعل الولايات المتحدة تخطط لاستنزاف روسيا اقتصاديا من جهة مع استنزاف بحرب عصابات من جهة أخرى.
فدفعت حكومة أوكرانيا للتحشيد على إقليم الدنباس والتنصل من اتفاقات (مينسك) ، وقصف الإقليم حتى بعد اعلان روسيا الاعتراف بجمهوريتي (دونتسك ) و(لوغانسك ).
هذا ما استدعى روسيا لحشد ١٣٠ الف مقاتل على الحدود الاوكرانية لحماية مواطنيها في الدنباس حيث يسكن ٨٠٠ الف شخص يحمل الجنسية الروسية، وهذا ما ينص عليه القانون الدولي وآلدستور الروسي.
وتم استدراج روسيا وجرها لهذا الصراع جرا من أجل استنزافها اقتصاديا وعسكريا، مع تشكيل الناتو لمليشيات من المتطوعين من كل متطرفي الأرض حتى تنظيم داعش الإرهابي.
ولكن الرئيس بوتين كان يستعد لهذه الحرب التي تهدف لاستنزاف روسيا، ووسنقتصر على مناقشة الناحية الاقتصادية حيث اتخذ الرئيس بوتن عدة إجراءات ، فذهب الي الصين على هامش الدورة الأولمبية، وعقد اتفاقات على زيادة صادرات الغاز للصين من ٣٨،٥ مليار متر مكعب الي ٤٨،٥ مليار متر مكعب.
وزيادة مبيعات النفط التي تبلغ ١،٦ مليون برميل يوميا،
كما احتاط لإصدار بطاقات( ماستر كار وبطاقات دفع مسبق ) مرتبطة بالنظام المالي الصيني، احتياطا لخروج روسيا من نظام سويفت الامريكي.
كما أن الحكومة الروسية أجبرت الشركات الأجنبية على سداد ديونها بالروبل، وهو ما يعني شرائها الروبل بالدولار وبالتالي حصول روسيا على كميات من الدولار من جهة ورفع قيمة الروبل من جهة أخرى.
من الجانب الاخر عمدت الولايات المتحدة الي فرض عقوبات اقتصادية وثقافة ورياضة قاسية وغير مسبوقة.
فمنع تدريس كتب( تولستوي) في الجامعات الغربية، وحضر الفرق الروسية المختلفة من اللعب في بطولات عالمية بل حتى حضر شراء القطط الروسية !!
الا انه استثني قطاع الطاقة بسبب كونه عصب اقتصادي مهم للدول الاوربية، حيث أن روسيا تزود ٢٧ دولة أوربية بالغاز، الذي وصل لأسعار غير مسبوقة والنفط الذي تجاوز ١٣٠$للبرميل الواحد.
ومنعت تشغيل خط نورد ستريم ٢ للغاز الروسي إلى ألمانيا وفرض عقوبات على الشركة المنفذة، وهذا ما أدى لإعلان افلاسها.
و حضرت الولايات المتحدة استيراد الطاقة من روسيا لأنها لا تتجاوز ٣٪من احتياجات الولايات المتحدة.
وفرضت سلة عقوبات اقتصادية قاسية اهمها إخراج روسيا من نظام سويفت الأمريكي الذي يضم ١١ الف مؤسسة مالية من ٢٠٠ دولة، والذي تستخدمه داعش لنقل وسحب وايداع اموالها دون أي عقوبات امريكية.
بينما يستخدم لمعاقبة إيران وروسيا وفنزويلا وروسيا، وإخراج روسيا من نظام سويفت يمثل بالنسبة لهاهجوم نووي مالي، بسبب اثاره المدمرة.
وقد صرح الرئيس الروسي السابق مدفيدف بأن هذا بمثابة اعلان حرب، والسبب ان الاحتياطي المالي الروسي يبلغ ٦٣٠ مليار دولار.
من هذا الاحتياطي موجود داخل البنك المركزي الروسي ٢١٪ فقط على شكل ذهب يبلغ٢٢٢١ طن، وباقي الاحتياطي موجود على شكل عملات في ١٠ دول ٩ منها دول أوربية لايمكن الوصول للاموال الموجودة فيها إلا عن طريق نظام سويفت.
و٨٤ مليار موجودة في بنوك صينية، ولايمكن الوصول لها لان ذلك يعرض البنوك الصينية للعقوبات الأمريكية المالية.
ومع آن الرئيس بوتين استحداث نظام مالي bcfc الروسي والذي يتضمن ٣٩٩ مؤسسة مالية ، ووجود النظام الصيني الذي يتكون من ٧٥ مؤسسة مالية يتعامل معها بشكل مباشر، وله ارتباط غير مباشر مع ١٢٠٥ مؤسسة الا انه لايتم التواصل معها إلا عبر نظام سويفت .
وهذا يعني صعوبة آن يعوض هذين النطامين كفاءة وفاعلية وأهمية نظام سويفت.
وهذا ما جعل سعر الروبل يتدهور امام الدولار بحيث كل ١$=١١٨ روبل، وكما يقول (جون مايرد كينز) اذا اردت ان تخضع بلدا فاعمل على أضعاف عملته.
وعليه نتصور آن هذه العقوبات تضعنا امام سيناريوهين :-
الاول:- صمود روسيا الدولة التي تشمل مساحة يمر بها ١١ خط طول، وموارد ضخمة من النفط والغاز والمعادن والذهب والحبوب مع عدد سكان يشكل ٢٪ من سكان العالم،و تمكنها من تجاوز ضرر العقوبات الاقتصادية.
علاوة على عمل روسيا مع مجموعتي بريكست وشنكهاي، ووجود نظام bcfc المالي الروسي والنظام المالي الصيني واعتماد التداول النقدي بعملات أخرى كاليورو، واليوان الصيني مقابل النفط والغاز.
ونظام مقايضة السلع، كل ذلك ربما ينتج نظام مالي جديد للدفع مقابل الطاقة ( سلة من العملات) بدل الدولار، وهو ما يعني انحسار هيمنة الدولار.
وولادة بديل لمدفوعات الطاقة وهذا يهدد قطبية الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما لايمكن أن تقبل به وقد يدفعها للتصعيد بالصراع.
والثاني :- اختناق الاقتصاد الروسي ووصوله لمرحلة الانهيار وهذا يدفع روسيا للهروب للأمام وتصعيد الصراع ضد دول الناتو من جهة أخرى.
وآلمفاوضات الروسية الاوكرانية لن تؤدي إلى نتيجة، لان الولايات المتحدة لاتريد ذلك.
وبما آن الدول النووية غير قابلة للهزيمة وكلا طرفي الصراع دول نووية، فنحن امام سيناريوهات كارثية.. وعند جهينة الخبر اليقين.

١٢-٣-٢٠٢٢
……