الخميس - 28 مارس 2024

رؤى وفِكَرٌ تطويريّة لعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة في سورية (1)

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


نبيل أحمد صافية ||

يسرّني بدايةً أن أنشر ما تمّ تقديمه في بحث ” رؤى وفِكَرٌ تطويريّة لعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة ” مع انطلاقة انعقاد المؤتمر الحادي عشر للجبهة الذي اُفتُتِح أمس ، وسأقسّم البحث إلى أجزاء تَبَعاً لما ورد فيه أو تضمّنه من محاور ، وأودّ أن أُشيرَ أيضاً إلى أنّ الفِكَرَ التي سيتمّ بحثها في تطوير عمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة تعدّ على درجة من الأهمّيّة لما تحتويه من نظرة مستقبليّة لتطوير الدّولة عموماً ، علماً أنّ ما تضمّنه البحث تمّ تقديمه لمقام سيادة اللواء محمّد الشّعّار نائب رئيس الجبهة الوطنيّة التّقدميّة ظهر يوم الإثنين الواقع في 7/2/2022م ، وحضرت اللقاء معي السّيّدة الدّكتورة زبيدة قبلان ، وقبل أن أشرع بذكر المحاور وما تضمّنه البحث لا بدّ من الإشارة والشّكر لسيادة اللواء محمّد الشّعّار لما تمّ في ذلك اللقاء من الاحترام والتّرحيب والمحبّة التي قدّمها سيادة النّائب .
بدأ اللقاء بالإشارة لأبحاث سابقة تمّ تقديمها لمقام رئاسة مجلس الوزراء وبعض الوزارات ، وسأفرد الحديث في الجزء الأوّل عمّا تقدّمت به عن وزارة التّربية قبلاً ، ومن ذلك دراسة بعنوان : ” مؤشّرات المؤامرة في المناهج العربيّة السّوريّة ” المسجّلة في النّافذة الواحدة في وزارة التّربية برقم : / 12722 / تاريخ : 21/ 6/ 2015م ، وبناء عليها تغيّرت المناهج في سورية بعد لقاء السّيّدة الدّكتورة نجاح العطّار نائب السّيّد رئيس الجمهوريّة ، وأُحيلَت للمركز الوطنيّ لتطوير المناهج ، وتشير إلى واقع المناهج المدرسيّة التي كانت تُدرَّس من عام 2011 حتّى عام 2017م ، وما تضمّنته من إشارات صريحة للثّورة والدّعوة إليها عن قصد وربّما عن غير قصد ، وهي تسعى لخلق فكر يساهم في توليد الإرهاب ، وتجلّى ذلك في كتب المواد الآتية للصّفّ الثّالث الثّانويّ العام بفرعيه العلميّ والأدبيّ : اللغة العربيّة وقضايا فلسفيّة واجتماعيّة ونفسيّة والتّربية الوطنيّة والتّاريخ والتّربية الإسلاميّة والمسيحيّة ، وتمّت الإشارة إلى أنّ مضمون تلك الدّراسة قد تمّ تقديمه عبر أكثر من لقاء تلفزيونيّ كان منها لقاء كنتُ فيه ضيفاً على شاشة الفضائيّة السّوريّة في برنامج حديث النّاس بعنوان : ( تقويم المناهج التّربويّة ) بتاريخ 6/2/2017 م وجرت فيه مداخلة السّيّد الدّكتور دارم طبّاع رئيس مركز تطوير المناهج أثناء تلك الحلقة ، عندما أبدى سعادته بما ورد من اهتمام بالمناهج ، وقال ” إنّنا في سورية من أربعين سنة عايشين بأخطاء ” _ أي دلّ على فترة رئاسة القائد المؤسّس والسّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد _ وتمّ قطع الإرسال على أنّه خلل فنّي _ وكان اللقاء مباشراً _ في الدّقيقة ( الخامسة والثلاثين وعشر ثوانٍ من وقت الحلقة ) بعد أن أكّد أنَّ ما أشرتُ إليه صحيحٌ ( في بداية حديثه ) .
كما تمّت الإشارة أثناء اللقاء لأبحاث ودراسات عديدة قدمتها لتطوير بعض وزارات الدّولة وفق مشروع الإصلاح الإداريّ الذي دعا إليه السّيّد الدّكتور بشّار الأسد رئيس الجمهوريّة ، ومن تلك الأبحاث بحثٌ بعنوان :” آفاق تطوير وزارة التّربية في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ” ، الموجّه لمقام رئاسة الوزراء والمحال من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير التّربية برقم ( 2025 م/ خ/ق ) تاريخ 8/8/2017 م ، والمتبَع بدراسة أخرى مسجّلة أيضاً في رئاسة مجلس الوزراء برقم ( 2477م/خ/ق ) تاريخ 1/10 ، ونلت عليهما شهادة الإبداع من وزارة الثّقافة ، وتمّ التّكريم من السّيّد عماد العزب وزير التّربية السّابق برقم 2866 تاريخ 4/3/2019م ، وهي الدّراسة التي أفادت منها وزارة التّربية حاليّاً أثناء وجود السّيّد الدّكتور دارم الطّبّاع لجهة إنتاجية التّربية ، وطالبت فيها بإعادة توصيف الوزارة من خدميّة لإنتاجيّة عبر معاييرَ محدّدة ، وقد تضمّنت دراستي في هدفها الرّابع : ” تغيير توصيف وزارة التّربية من خدميّ لإنتاجيّ ” ، وجاءت الإشارة لذلك التّغيير أيضاً ضمن مجالات التّطوير والحلول المقترحة ( جوانب التّطوير الإداريّ والعمليّ والاستراتيجيّ ) في الفقرة الثّانية عشرة الخاصة بالقوانين التّربويّة ، وتمّ ذلك في البند السّابع الذي تضمّن الآتي : ” العمل على تغيير القوانين النّاظمة لعمل الوزارة لتغيير توصيف وزارة التّربية من خدميّ لإنتاجيّ ، وهناك معايير عديدة بمكن اعتمادها بما يلبّي ذلك الغرض ” ، وتمّ تقديم ذلك أيضاً في لقاءات تلفزيونيّة عديدة ، وأثناء مؤتمر التّطوير التّربويّ المنعقد في دمشق ضمن الفترة بين 26_ 28/9 /2019م ، بعد أن شرّفني السّيّد الوزير عماد العزب بدعوة خاصة للمشاركة ، وتمّت مناقشة مضمون البحث أيضاً في أكثر من لقاء بالسّيّد وزير التّربية الحالي الدّكتور دارم .
ولعلّ من الأهمّيّة بمكان الإشارة إلى مناقشة الإنتاجية للتّربية عبر ما قدّمته الوزارة لمقام مجلس الشّعب وصدر القانون الخاص بتلك الإنتاجية ، ولكنّ الوزارة لم تعتمد المعايير الدّقيقة للإنتاجيّة فاكتفت بالإشارة للتّعليم المهْنيّ دون سواه ، رغم أنّ مختلف مجالات التّعليم يمكن أن تغدو إنتاجيّة ، وهذه المعايير متعدّدة ويمكن اعتمادها ، ولا يتعلّق الأمر بالتّعليم المِهْنيّ فحسب ، وإنّي على استعداد لتقديمها للسّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد ، علماً أنّني تقدّمت أيضاً بكتاب للمكتب الخاص بالسّيّد الرّئيس من أجل طلب مقابلة السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد ، ومن المعلوم أنّ إنتاجية وزارة التّربية ستعود بالمنفعة على الدّخل للطّلّاب والوزارة معاً وبالتّالي تزيد الدّخل من القطاع التّربويّ مما ينعكس على الاقتصاد السّوريّ .
وإنّ الاهتمام بالمناهج ستؤدّي لمخرجات تعليميّة تعلّميّة متعدّدة ، ولعلّ التّعليم يعدّ أحد أهمّ مرتكزات النّهوض بأيّة دولة في العالم ، كما يعدّ أحد عوامل التّطوّر والازدهار في دول العالم ، وكلّما تحسّن الأداء التّعليميّ ونوعيّته فإنّما سيترك آثاره في حضارة الدّول ، واستناداً لما سبق فقد أشرت إلى أنّني تقدّمت بكتاب للمكتب الصّحفيّ في وزارة التّربية من أجل إجراء مقابلة تلفزيونيّة في التّربويّة السّوريّة وطالبت بحضور مديرَي التعليم الثّانويّ والفنّيّ في الوزارة ، وقد اعتذر مدير التّعليم الثّانوي بحجّة عدم الاختصاص ، وهنا تمّت مراسلة السّيّد الوزير الدّكتور دارم طبّاع عن إمكانية التّوجيه وسألته إذا كان وجود مدير لا يستطيع تطوير مجال التّعليم في موقع المسؤوليّة عن مديريّته أي مديريّة التّعليم الثّانويّ فكيف يمكن أن يكون مديراً ليسهم في التّطوير ؟!.
واللافت في المناهج أيضاً تضمينها قصائد لشعراء قاموا بهجاء القائد المؤسّس حافظ الأسد ، ومنهم الشّاعر السّودانيّ ( محمّد الفيتوريّ ) و( عمر أبو ريشة ) و( شفيق الكماليّ ) وغيرهم ، كما تضمّنت قصيدة تحت عنوان ( الوطن ) للشّاعر ( عدنان مردم بك ) ضمن كتاب اللغة العربيّة للصّفّ الثّالث الثّانويّ ، والتي أثارت نعرات طائفيّة خصوصاً في البيتين التّاسع والعاشر من القصيدة ، عندما ركّزت على فئة دينيّة واحدة وجّهت لها ، ومجّدتها ، وعبّرت من خلالها عن الوطن في إشارة ملغومة ضمن سياق ما قامت به الوزارة عموماً ، فأقحمته في المناهج ، والتي ابتعدت فيها عن الوحدة الوطنيّة ممّا يثير حالة انفعاليّة في نفوس أبناء الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ، بدل أن تسعى لخلق حالة من الوحدة والتآلف بين أبنائها ، بما أنّ وزارة التّربية تعكس أهداف الدّولة وتطلّعاتها .
وهنا تساءلتُ : أليست الفكرة بحاجة إلى متابعة أم أنّ الفكرة تُؤخَذ ولا تحتاج لمتابعة ومراقبة وإشراف وتحسين وتطوير عبر تفكير استراتيجيّ يعمل لتطوير التّربية وفق مشروع الإصلاح الإداريّ الذي دعا إليه السّيّد رئيس الجمهوريّة أمام السّادة الوزراء في اجتماعه بهم خلال الجلسة الأسبوعيّة الدّوريّة لمجلس الوزراء ؟!.
كما أُشيرَ لبحث آخر ضمن مجال تطوير وزارة الإعلام وجاء بعنوان : ” الإعلام في سورية .. استراتيجيّاته وتطويره في ضوء الإصلاح الإداريّ في سورية ” ، وهو الموجّه لمقام رئاسة الوزراء والمحال من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير الإعلام برقم 1936/ م. خ/ق تاريخ 6/8/2017 م ، وهو ما سيكون مجال الحديث في الجزء الثّاني من البحث ، ونأمل المتابعة .

بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : نبيل أحمد صافية
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية
ـــــــــ