الجمعة - 29 مارس 2024

هيئة رئاسة ام رئاسة برلمان؟! صراع من اجل السلطة على حساب الشعب.

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


حليمة الساعدي ||

العرف السياسي في البرلمان العراقي طغى على التفسيرات القانونية للمواد الدستورية.
ومن بين الممارسات الانتخابية التي رسمها العرف السياسي هي التوافيقة، وقد توافق الزعماء السياسيون على ان الرئاسات الثلاث موزعة بالتراضي فالاكراد يتنازعون فيما بينهم على منصب رئاسة الجمهورية الذي لم يحسم بعد والسنة تربعوا على رئاسة البرلمان والشيعة هم الكتلة الاكبر الذين يشكلون الحكومه ولهم رئاسة الوزراء. وللعلم فان الصلاحيات هي التي تحكم فهناك مناصب شرفية تقريبا وليس لها دور كبير او مؤثر في ادارة البلد مثل منصب رئيس الجمهورية سوى التمثيل الدولي والبرلمان ربما يكون له صلاحيات اوسع وهو في صراع مستمر مع الحكومة. ولكون الاخوة السنة يعشقون السلطة والحكم فانهم مستمرين في نضالهم ضد الشيعة لتوسعة صلاحيات رئيس البرلمان محاولين جعل صلاحياته موازية لصلاحيات رئيس الحكومة لا بل في بعض الاحيان يدخلون في صراع مع الحكومة لتعطيلها وفرض ارادة رئاسة البرلمان على ارادة رئيس الوزراء كما حدث ما بين اسامة النجيفي و نوري المالكي. وربما هذه الجدلية مابين البرلمان والحكومة هي السبب في معانات الشعب العراقي وتاخير عجلة البناء والتطور فيه. رغم ان البرلمان يعتبر المشرع الاول وله سلطة الرقابة لكنه في احيان كثير يتحول الى عامل معطل لكثير من المشاريع النافعة كمشروع البنى التحتية او ما يسمى البناء مقابل النفط الذي بادر به السيد المالكي مع الصين لكن الكتل البرلمانية تعاملت مع القرار سياسيا وليس وطنيا واتهمت المالكي بانه سيجّيّر نفط العراق لدول خارجية وسيجعله يرزح تحت وطأة الديون وطبعا الامر ليس بهذه الصور لان اغلب دول العالم تعتمد هذا الاسلوب للبناء والتطور. والقصد من كلامي هذا هو اننا تعودنا على الصراع القائم الدائم مابين رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة لكننا اليوم امام صراع من نوع جديد وهو صراع اعضاء هيئة الرئاسة البرلمانية انفسهم وتحديدا صراع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الاول حاكم الزاملي اذ ان التفسير القانوني لمصطلح هيئة الرئاسة شوش على فهم الرئيس ونائبيه لدرجة ان نائبي الحلبوسي يعتبرون انفسهم رؤساء للبرلمان وان التفسير القانوني بحسب فهمهم يعني ان الرئيس الاول هو الحلبوسي والرئيس الثاني الزاملي والثالث للاكراد في حين ان بعض الاراء القانونية تقول ان مصطلح هيئة الرئاسة لم يرد في الدستور وانه مصطلح عرفي لا اساس له وان ما جاء في الدستور هو رئيس البرلمان ونائبيه. وهنا يسأل سائل لماذا تمرد الزاملي على الحلبوسي؟ هل ان اسلوب الشقاوات غلب على اعضاء ونواب الكتلة الصدرية؟ ام ان الحلبوسي اشعل بداخلهم شرارة النزاع حينما طلب منهم عدم ارتداء الكفن داخل قبة البرلمان وهو ما اثار حفيظتهم واجج الخلاف بينهم؟ ام ان العرف اصبح كالدستور يستخدمونه بحسب مقتضياتهم ومصالحهم الشخصية.
فلو كانوا يرفضون العرف السياسي في هذا الموطن يجب عليهم ان يرفضونه بجملته يعني اذا كانو يرفضون عرف كلمة هيئة الرئاسة لانه عرف سياسي لم يرد في الدستور فعليهم ان يرفضوا بقية الاعراف التي لم ترد في الدستور ومنها التوافقية في توزيع المناصب السيادية فليس واجبا ان يكون رئيس الجمهورية كردي ولا رئيس البرلمان سني ولا رئيس الوزراء شيعي وان الدستور نص على ان من يكون هو الكتلة الاكبر هو من يشكل المنظومة الرئاسية للدولة العراقية ابتداء من رئيس الجمهورية وانتهاء بتشكيل الحكومة وبالنسبة لموضوع المحاصصة فيترك امرها للكتلة الاكبر هي من تقرر توزيع المناصب بحسب الاستحقاق الانتخابي.
اما ما يحدث اليوم فهو نتيجة حتمية لكتلة غير متجانسة لا يربطها رابط مذهبي ولا عقائدي ولا قومي لذلك فان التحالف الصدري مع الحلبوسي وبرزان الكردي تحالف هش سرعان ما تصدع وتمزق ونشب بينهم الخلاف لان الرابط الذي ربطهم ليس وطنيا ولا لأجل المصلحة العامة وانما هي روابط المنافع الحزبية والمصالح الشخصية الضيقة التي جرت البلد الى الهاوية وان اوهن البيوت لبيت العنكبوت.
على العموم فأن المعطيات التي امامنا تقول بأن الطرفين سيلجئان الى تفسير المحكمة الاتحادية وهي التي ستقول قولتها الفصل رغم ان المنطق يقول ان الحلبوسي هو رئيس البرلمان وان نائبيه ينوبان عنه في ادارة الجلسات في حال غيابه فيكون النائب الاول هو رئيس الجلسة والنائب الثاني نائب له . لكن يبدوا ان هناك امر يحاك خلف الجُدُر لان هذا التعطيل لعقد الجلسات سيلجئنا الى حكومة طوارئ وانتخابات مبكرة جديدة بدلا عن هذه التي بنيت على خطأ واساس اعوج.