الجمعة - 29 مارس 2024

الدرس الأول من دروس المقال

منذ 5 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024

درس في كتابة المقال
المقال لون من ألوان الكتابة الفنية أو العلمية أو الأدبية أو السياسية، ويعرف المقال بأنه أي إنشاء قصير نسبياً يتناول موضوعاً محدداً، والمقال ـ عادة ـ يتكون من عدد من الفقرات المترابطة التي تتعرض لموضوع واحد بالمناقشة والتحليل، وهذه الفقرات تتكون من جمل مكونة بدورها من مجموعة ألفاظ وفق تركيب خاص.
وهو في العادة يكون محدودا في عدد من الصفحات، لأن المقال غالبا يكون محله الصحف، وهناك من أصحاب المقالات من يجمعونها ثم ينشرونها في كتب.
وللمقال أسس وشروط في الأسلوب وطريقة التناول والعرض والحجم:
– ينبغي أن تكون لغة المقال سهلة ميسورة الفهم، يبتعد الكاتب بها عن الغموض، لاسيما أنها تجد مجالها الواسع بين عدد كبير من القراء، وهم على مستويات ثقافية مختلفة، وليس معنى التعبير البسيط أن اللغة ضعيفة، ولكن معناه أن يؤدي الفكرة من اقرب الطرق، فبناء العبارة يجب أن يكون بناءا سليما وقويا ومتماسكا.
– توزيع الجمل توزيعا مناسبا، ويكون تقسيم الفقرات فيها متمشيا، مع الانتهاء من الجزئيات الخاصة بالأفكار.
– ثم هناك وضوح الفكرة، ولا تكون الفكرة واضحة إلا إذا كانت اللغة التي تؤديها واضحة سليمة من الاخطاء والعيوب.
والمقال في الغالب يدور حول فكرة رئيسية، يمكن أن تنقسم أو تتجزأ الى أفكار ثانوية, ولكنها يجب أن ترتبط بالفكرة الأم إرتباطا موضوعيا، بحيث لا يحدث قطع بين الجزء والجزء في المقال الواحد، وكون المقال يربطه خيط فكري واحد شيء مهم ،حتى لا يتشتت ذهن القارئ أثناء القراءة.
– إحداث الإقناع والتأثير في القارئ، وهنا يتبين لنا أهمية انسجام اللغة مع المضمون في المقالة الواحدة، فالمقال قد يكون ذا محتوى أدبي، أو مضمون أخلاقي أو يتناول قضية اجتماعية، أو نظرية علمية، أو حدثا تاريخيا أو سياسيا أو أمنيا، وهو بكل هذه المضامين، يجب أن يجد طريقه الى عقل القارئ والى قلبه أيضا.
إن شد انتباه القارئ وتشويقه الى قراءة المقال كله، أمر مطلوب وإلا فقد الناس ثقتهم فيما يكتب لهم.
– والمقال باعتباره نابغا من عقل الكاتب وشخصيته ووجدانه، فان شخصيته – اي الكاتب – يجب أن تظهر في مقاله، ولن يتسنى له ذلك إلا إذا علم نفسه علما واسعا بحيث لا يكون محدود المعرفة؛ فالمقال يعتبر صورة ثقافية لكاتبه، فبالقراءة وكثرة الاطلاع، يستطيع الكاتب أن يرفع من قيمة مقاله، كما يكون قادرا على التحليل والربط بين أجزاء الموضوع الواحد.
– والمقال ليس حشدا للمعلومات، بقدر ما هو إنارة في طريق المعرفة، نقول ذلك لأن المقال محدود الحجم ولا يمكن أن يكون وحده كتابا.
1- إختيار الموضوع:
على الكاتب أن يختار موضوعاً يعرف عنه قدراً كافياً من المعلومات، وأن يكون الموضوع مقبولاً من جانب القراء الذين يكتب لهم. والمطلوب في المقال ليس التطويل، ولا جمع كم كبير من المعلومات، بل المطلوب هو التعمق والنظرة الرأسية في التجارب التي يعيشها!؟
2- تحديد الهدف من المقال:
أحد العوامل الأساسية التي يتوقف عليها نجاحنا في الكتابة هو تحديد الهدف، وتحديده يعني وضوحه في أذهاننا قبل البدء في الكتابة، وهذا التحديد يساعدنا على أمرين هامين:
معرفة ماذا نكتب؟ وكيف نكتب؟
ثم إن تحديد الهدف ووضوحه يمهد الطريق امامنا نحو الكتابة ، ويقودنا تلقائيا الى الخطوة التالية في كتابة المقال .!؟ وهو تحديد العنوان.
3- عنوان المقال:
للعنوان أهمية كبيرة فهو المَنفَذ الذي تقع عليه عين القارئ ليتعرف على مضمون المقال.
ولذلك ينبغي أن يكون العنوان محدداً، ولا يتحقق ذلك إلا عندما يكون الهدف واضحاً في ذهن الكاتب، ثم أن العنوان ينبغي أن يكون واضحاً مباشراً وبعيداً عن الغموض. ونشير هنا الى أن بعض الكتاب، يرون أن من الأفضل وضع العنوان وتحديده بعد الإنتهاء من كتابة المقال في صورته الأخيرة، بعد ان يكون الهدف من المقال قد تحدد، ووضحت الزاوية التي عالج منها الكاتب موضوعه؛ وهذه الخطوة متروكة لاختيار الكاتب..!؟
4-الإطار أو خارطة المقال: وهو جزء مهم مما نطلق عليه التكنيك.
وهو كالرسم الهندسي أو التصميم المعماري الذي يسير عليه البنائين عندما تريد بناء منزل.
وهو الأمر نفسه عند كتابة المقال، لابد من وضع خطة أو إطار قبل البدء في الكتابة.
وهو لا يقل أهمية ــ إن لم يكن أكثر ــ من الأفكار الكثيرة حول الموضوع؛ وإذا نجح الكاتب في وضع إطار سليم، تصبح الكتابة في غاية السهولة ويضمن نصيباً كبيراً من التوفيق.
ويمكن إدراك اهمية الخطة او الإطار في ضوء الجوانب الآتية التي يحققها وضع الإطار أو الخطة:
*توضيح الهدف في ذهن الكاتب وتحديد..عندما نختار موضوعا لنعالجه في مقال فإننا نبدأ بالقراءة وجمع الأفكار حوله، وبعد ذلك نبدأ في رسم الخطة قبل أن نبدأ في الكتابة..ومن ثم تخرج بالإطار التالي:
أ- المقدمة تعرض الموضوع والفرضية التي توصلت إليها.
ب- عرض النتيجة التي توصلت إليها بالعرض والتحليل.
جـ- الخاتمة وتكون تاكيدا للنتائج التي توصلت إليها وأنتهيت من عرضها.
*وسيلة لاختبار مدى تحقيق المقال لهدفه..بدلا من أن يصرف الكاتب الوقت والجهد في كتابة المقال، ثم يكتشف خطأ أو تناقضا أو قصورا في بعض الأجزاء، ويضطر الى اعادة كتابة المقال، يستطيع أن يتحقق من هذا كله بإلقاء نظرة على الإطار أو الخطة قبل الكتابة.
*وسيلة مساعدة للقراءة الجيدة.
تتكون المقالات عادة من ثلاثة أقسام:
1-المقدمة: وهي تميل في الغالب الى القصر، وقد لا تستغرق أكثر من فقرة واحدة. ويمكن بناؤها على الوجه التالي:
ا-تبدأ بجملة أو جملتين إفتتاحية لجذب انتباه القارئ الى الموضوع وتركيز انتباهه على الهدف من المقال.
ب- تتلوها جملة أو جملتان لتحديد هدف المقال.
جـ- ثم تنتهي المقدمة بجملة أو جملتين يحدد فيهما مجال المقال ويكون ذلك تمهيدا للجزء الثاني منه وهو العرض.
2- العرض أو المتن : ويمثل الجزء الأكبر من المقال. يتناول فيه الكاتب المشكلة بالشرح والتحليل والتمثيل حتى يصل بهدفه الى ذهن القارئ.
3- الخاتمة: وتأتي في نهاية المقال. وهي تميل ـ مثل المقدمة ـ الى الإيجاز، وقد يكتفى فيها بفقرة واحدة، فيها يلخص الكاتب هدف المقال.والنتيجة التي وصل إليها.
أنواع الموضوعات بالنسبة للمقالات:
المقال الوصفي أو السردي: والهدف منه إعطاء صورة واضحة ومفصلة لمكان رآه الكاتب أو حادث شاهده.
المقال التوضيحي :ويبدأ الكاتب فيه بذكر قضية أو حكم عام في المقدمة ، كأن يقدم نظرية أو مبدأ عاما حول أمر من الأمور ، وقد يستغرق هذا فقرة أو فقرتين ، إلا أن هذا الحكم العام يحتاج الى عرض وتوضيح، وذلك بإعطاء عدد من الأمثلة التوضيحية.
المقال التحليلي :يقوم على تحليل الموضوع الى عناصره المختلفة، ثم يتناول الكاتب كل عنصر منها بالعرض والمناقشة في فقرة أو فقرتين الى أن ينتهي من عرض كل العناصر المكونة للموضوع.
والحمد لله رب العلمين وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اّله الطيبين الطاهرين