الخميس - 25 ابريل 2024
منذ سنتين
الخميس - 25 ابريل 2024


محمد شريف أبو ميسم ||

توظيف خصال الشخصية العربية في الصراع العربي الصهيوني، ليس أمرا جديدا فقد استطاعت المخابرات الصهيونية على مدار تاريخ الصراع الايقاع بأصحاب القرار أو من يحيط بهم من قادة عسكريين ووزراء وسواهم في البلدان العربية، عبر توظيف الغفلة الناجمة عن عقد السادية والسايكوباثية والنرجسية، وتوثيق السلوك المتعلق بحب المال أو النساء ومن ثم مساومة الضحية بشأن اتخاذ القرارات في السلم أو الحرب، وامتدت الحال إلى مساحة الخصال الجمعية في التشكيلات المجتمعية، التي تمت دراستها بشكل علمي ومستفيض، ومن ثم توظيفها للتأثير في الجانب المعنوي في زمن الحرب، وعلى الجوانب ذات الصلة بالحد من مناهج العلم والمعرفة عبر توظيف الغرائز أو التدجين، وأحيانا إيقاظ الهمم الفارغة بهدف جر المجتمعات العربية إلى معتقدات تحد من توريث الصراع العربي الصهيوني، أو تبعد العقل الجمعي عنه، كما في تكريس الطائفية وإثارة الفرقة والحروب الأهلية، بوصفها نتاجا طبيعيا لهذه المجتمعات، وفي ذلك أمثلة كثيرة ليس أكثرها خطورة ما تمَّ توظيفه بعد الإعلان عن دولة اسرائيل اللقيطة على الأرض العربية المغتصبة عام 1948، حيث وظف الانفعال الأعمى بعد أن فشل عملاء المخابرات الاسرائيلية في البلدان العربية، خصوصا في العراق أن يقنعوا اليهود بمغادرة بلدانهم لى دولة الكيان الصهيوني، فجندت الذيول المخابراتية للهجوم على أسر اليهود العراقيين بدعوى الانتقام من الذين اغتصبوا أرض فلسطين، والترويج لسرقة موجودات منازلهم، بوصفها غنائم حلال، ففر اليهود العراقيون تحت هرج الغوغاء، طلبا للنجدة والرحيل ومن ذلك الحين ظهر (الفرهود).
اليوم وبكل بساطة استطاعت الدوائر الاعلامية الصهيونية أيضا أن تحرف بوصلة الإدانة والاستنكار بعيدا عنها، على اثر جريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، بعد أن استطاعت أن تجر أصابع الرأي العام العربي وتعيد بها إلى داخل التشكيلات المجتمعية، بفضل معرفتها بخصال الشخصية العربية، اذ وظفت وبكل سهولة هذا العقل لإثارة الجدل داخل هذه التشكيلات، بعد أن دست بين وسائل التواصل الاجتماعي وبصفحات وهمية أو مستعارة فكرة (أن الرحمة لا تجوز إلى الشهيدة الطيبة الذكر أبو عاقلة بوصفها مسيحية وليست مسلمة)، لتضج مواقع التواصل بكل أنواع المناكفات والجدل العقيم، بعيدا عن الجريمة التي ارتكبتها ميليشيات الكيان العنصري على أرض فلسطين.
فتاه العقل المجتمعي بين فلسفة فارغة هنا لمعنى كلمة الرحمة، وتنظيرات تافهة هناك لما يجوز أو لا يجوز، حتى سيق الرأي العام الى خارج الوعي وغطَّ في غيبوبة المناكفات.
ــــــــــ