الجمعة - 29 مارس 2024
منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


عباس زينل||

أنت الذي تمجد بصدام وتتمنى زمنه، هلاّ سألتني مرة واحدة لماذا لا أقبل أن يمجده أحد؟ هل استمعت مرة واحدة لي؟ هل تعرف ما عانيته وما زلت أعانيه؟ هل نزعت ثوبك العقائدي والمذهبي والقومي، ووضعت مصالحك الحزبية والشخصية على صفحة، ولبست لمرة واحدة ثوب انساني لكي تراني بوضوح؟ استمع لي كصديق ودعني أسرد لك بالحديث عن جراحاتي ومعاناتي. انا لا أريد صدّام ولا اي صدّاماً اخر؛ لأنني بكل بساطة لا أريد ان أشاهد أمي تبكي على رفات أخي، والذي أعدم بتهمة التبعية، أو دفن وهو يتنفس لكونه يقصد الحسين مشيًا، لا أريد لأبي أن يُسجن مجرد لقراءته كتاب مفاتِح الجنان، وأنت أمك تشتري لك ولأخيك وجبة الكنتاكي من مطعم الساعة في المنصور، وأبيك يأتي لك بالهدايا الكثيرة في الأعياد الميلاد، وأنا حتى لم أسمع بهذه التسميات، أنت ضامن مستقبلك الدراسي في أرقى الجامعات، وأنا منبوذ ومكروه، وقد أموت وأنا أواجه من هم بمثل معتقداتي، وقد يجدون جثتي أو لا.
وأنت كل هذه لا يهمك ولا تهتم بشأني أصلًا، فأنا لا أريد أكثر من عدالة في العيش، وأن أمارس ديني وطقوسي بكل حرية،
انا أريد أن أعيش مثلك بأمان واطمئنان، لا أفكر متى يقفون على بابنا؛ بحثًا عن ابي وعمي وأهلي،
أنا لست مواطنًا من الدرجة السابعة؛ لكي يقصوني وأنت تشاهد ولا تحرك ساكنًا، أعلم جيدًا يا صديقي انت لم تعش ما عشته انا، من المؤكد لم يذق اهلك الخبز بطعم النشا، ولم يتبادل اخوانك البنطرون الواحد في المناسبات، ولم يقلبوا وجه القميص ليتجدد، ثق بالله انا لا أتمنى لك ان تعيش ما عساه من معانات، ولكنني أريدك ان تشعر بي وبوجودي وبكياني، فإن فكرت يومًا لبناء الوطن؛ فلن تستطيع بناءه وأنت لا تشعر بأخيك وبمعاناته، وكيف تشعر به وأنت مع تقدم الزمن وتطوره؛ تمجد بقاتلي مجرد لأنه جعلك تعيش أفضل من غيرك، الموضوع أكبر من مقابر جماعية لناس؛ لم يطلبوا غير العيش بسلام واطمئنان.