الخميس - 28 مارس 2024

الامام الصادق (ع) القدوة الحُسنى في مسيرة الإنتظار

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


نرجس التميمي ||

الامام الصادق عليه السلام هو نموذج للإنسان المنتظر الذي يسعى للوصول الى مراتب عليا من الاخلاص الحقيقي في الإنتظار، فهو خير مثالٍ يُحتذى به لمن يطمح ان يكون محل ثقة عند امام زمانه وان تشمله عنايته وبركاته ورضاه.
الامام الصادق (ع) سنحت له الفرصة للتعريف بالقضية المهدوية اكثر من الائمة (ع) بسبب القضايا السياسية من انتهاء الحكم الأموي وابتداء الحكم العباسي والتي حصلت في فترة إمامته ارواحنا فداه، حيث انشغل الأعداء بهذه القضايا عنه صلوات الله عليه،ففُسح له المجال في ارتقاء منبر الرسول (ص) وتعريف الناس بشخص الامام المهدي (عج) وقضيته، وهذا مالم يتوفر لباقي الأئمة صلوات ربي عليهم اجمعين، سعى الامام الصادق عليه السلام الى نشر القضية المهدوية وترسيخها وتعميقها في نفوس الأُمَّة، وان تكون محل اهتمامهم وخصوصاً الموالين من الشيعة، حدثَهم عليه السلام بالقائم الذي يظهر في اخر الزمان وعن طول غيبته وعلامات ظهوره، وواجب المؤمنين تجاه قضيته وكيف يكونون خير منتظرين له في غيبته، حيث أعطى (ع) الطريق الصحيح والواضح في القضية المهدوية حتى يستطيع المؤمنين تجاوز الفتن التي سيمرون بها خلال فترة غيبة الامام المهدي (عج) وليتجنبوا الذي يستغلون القضية المهدوية من المعادين لآل محمد صلوات الله تعالى عليهم وكيف يقفون بوجههم وردهم وفضحهم، وايضاً لكي يستطيعوا التهيؤ لظهور الامام المهدي (عج) ونصرته.
اوضحَ الامام عليه السلام جوانب مهمة في القضية المهدوية منها الجانب الديني، قال عليه السّلام :مَن سَرَّه ان يكون من اصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع، وليعمل بمحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل اجر من أدركه، فجدوا وانتظروا …”(١) وقال عليه السلام : إن لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتق الله عبد وليتمسك بدينه”(٢) نرى ان الامام هنا أشار الى أهمية الدين في مرحلة الانتظار فالتمسك بالدِّين سَوْف يجنب الانسان الكثير من الشبهات والفتن التي ربما سوف تسقطه ، أما الجانب الثاني هو الجانب العملي والانتظار الفعلي وهو التعريف بشخصية الامام الغائب وبغيبته، اسمه ونسبه والى من ينتهي، كما أكد الإمام الصادق على الناس ان المهدي (عج) إمام منصب من قبل الله تعالى ومفترض الطاعة والولاية، وايضاً بينَ حكم من أنكر الامام المهدي (عج) حيث قال الامام الصادق عليه السلام “من أقر بجميع الأئمة وجحد المهدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) ونبوته…” (٣) ولقد ذكر عليه السلام طول غيبة الامام، منبهاً على عدم التشكيك به فقد قال عليه السلام في حديثٍ طويل “إياكم والتنويه، إما والله ليغيبن سبتا من دهركم وليخملن حتى يُقال: مات، هلك، بأي وادٍ سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، وليكفأن تكفؤ السفينة في أمواج البحر، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيده بروح منه….” (٤) اما الجانب الذي تحدث وأكد عليه الامام الصادق (ع) وهو علامات الظهور الشريف فقد ذكرت الروايات الشريف الكثير من العلامات عن لسانه بأبي هو وأمي، إذ ان غاية الامام الصادق صلوات الله عليه من ذكر علامات الظهور الشريف هو لضرورتها في تحصين المسلم من الوقوع في التيه والضلال، في كتاب الغيبة للنعماني: سأل زرارة الامام الصادق عليه السلام عن الصيحة ومن يعرف الصادق من الكاذب؟ فقال:”يعرفه الذين كانوا يروون حديثنا، ويقولون إنه يكون قبل ان يكون، ويعلمون انهم هم المحققون الصادقون” (٥) وفي حديثٍ له عليه السلام لهشام بن سالم حول الصيحة من السماء قال:” هما صفيحتان صيحة في او الليل ، وصيحة في آخر الليلة الثانية، فقلت: كيف ذلك ؟ فقال: واحدة من السماء،وواحدة من ابليس، فقلت كيف نعرف هذه من هذه؟ فقال: “يعرفها من كان سمع بهاقبل ان تكون” (٦) فهذه الأحاديث فيها توجيه للمسلم لمعرفة العلامات قبل زمان وقوعها بل تؤكد على دراستها وبثها للناس.
الجزء الأهم في ذلك كله هو ان الامام بالرغم من معرفته بأن الامام القائم (عج) سوف بظهور بزمان غير زمانه وطول غيبته الا انه كان شديد الحزن والبكاء على غيبته، ففي كتاب إكمال الدين: عن سدير الصيرفي قال “دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغْلِب على مولانا أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فرأيناه جالساً على التراب وعليهِ مِسْحٌ خيبري مطوق بلا جيبٍ مقصر الكمين وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الجرى قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير في عارضته وأبلى الدموع محجريه وهو يقول: “سيدي غيبتك نفت رقابي وضيقت علي معادي وأسرت مني راحة فؤادي، سيدي غيبتك اوصلت مصابي بفجائع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد فما احس بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر صدري عن بوارج الرزايا وسواليف البلايا إلامثل لعيني عن عوائر اعظمها وأفظعها وتراقي أشدها وأنكروها ونوائب مخلوطة يغضبك ونوازل معجونة بسخطك” فيا ترى هل نحن كأمامنا الصادق الذي قضى حياته الشريفة نذرا ًللامام المهدي وخصوصا اننا في زمن غيبته ؟ هل نبذل الجهد في إعلاء صوت قضيته؟ هل نبكي لفراقه ونندبه كإمامنا الصادق (ع)؟ هل نعتذر منه عند التقصير؟ هل نذكره في أدعيتنا وصلاتنا وفي الجوانب الآخرة من الحياة؟ أم سوف نكون كأهل الكوفة ندعوه ليأتي ومن ثم نخذله ونقول له ارجع يبن فاطمة؟
الامام الصادق عليه السلام في كل جوانب حياته الشريفة نجد قبساتِ انوارٍ تركها لتضيئ لنا الطريق ونحن نخطو للوصل للأمام القائم ارواحنا فداه، فالسلام على صادق الأئمة يوم ولد ويوم أستُشهِد ويوم يُبعثُ حياً ورحمة الله وبركاته.
١-كتاب الغيبة للنعماني٢٠٠/١٦باب١١
٢-الغيبة للنعماني ١٦٩/١١ باب١٠
٣-كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق ص٣٣٣
٤-الغيبة للنعماني ص١٥٤
٥-الغيبة للنعماني /١٦٤
٦-الغيبة للنعماني/١٦٥