الجمعة - 19 ابريل 2024

التربية والتعليم في المدارس الأوروبية ( النرويج نموذجا ً)

منذ سنتين
الجمعة - 19 ابريل 2024


Norway is a model
سامي التميمي ||

كتب كثير من الكتاب والمثقفين والباحثين في التربية والتعليم وأكدوا على ضرورة أن أن تكون التربية قبل التعليم ويجب أن يكون المعلم مربياً مبدعاً، وأن يحاول قدر الأمكان أن يكون بمثابة الأبوين للطالب . في حرصه وتربيته وتعليمه .
المدارس الأوروبية وصلت لمراحل متقدمة وجيدةفي التربية والتعليم نتيجة لدراسات وأبحاث ولقرارات سياسية حكيمة، واعتماداً على عمل جماعي وبروح الفريق الواحد وتلاقح أفكار ساهم فيها كبار الكتاب والمثقفون والفلاسفة والمفكرين، وبدأت منذ عصر الثورة الصناعية الأولى، وحتى القرن العشرين ومن بعدهم، (ميشيل فوكو ) الذي عرف بانتقاده لقانون الانضباط المدرسي المعروف ( بالعقوبة )ورفضه اختيار أحد التلاميذ ليكون رقيبا ًسرياً وعلنياً على زملائه وكتابة أسماء مشاغبي فصله، و أهم ما قدمه (ميشيل فوكو) للمدرسة الأوروبية في إطار نظريته الشاملة والناقدة للسلطة، هو نقده ربط التقييم النهائي للتلميذ (بالامتحان). لأن الأمتحان في المراحل الأولى للتلميذ ( رسوبه ونجاحه) هو محاولة السيطرة على أفكاره وآماله وسرقته كل أحلامه ولعبه وطفولته وبرائته، الطفل لايتخيل ولايقتنع ويمتعظ من يحاول أبعاده عن لهوه وعالمه الخاص وهو الطفولة .
طبعا ًالتعليم أجباري ومجاني بنفس الوقت في كل الدول الأوروبية، ولكن التربية قبل التعليم وجعل التعليم عملاً وهدفاً محبباً وليس عملاً وهدفاً مرغماً عليه وبالتالي يبدأ الأمتعاض والتسيب والترك نتيجة حتمية .
يبدأ الأطفال وبعد بلوغ السنة السادسة وفي الإشهرة الأخيرة من رياض الأطفال بالذهاب الى المدارس وبرفقة المربين من رياض الأطفال بين فترة وأخرى . وتقديم ( سيرة ذاتية) عن الطالب الذي سوف ينتقل للمدرسة ، وبتلك الأشهر يكون قد كسر حاجز الخوف والخجل، ويتم الترحاب به من قبل الطلاب القدامى في المدرسة والمعلمين ويقوم في جولة ودورة تدريبيةبسيطة وجميلة عن الصف الذي سيكون فية والمرافق الأخرى التي سيرتادها، والمعلمين الذين سيرافقوه في عامه الأول ، وطبعا هناك أجتماعات مع الأهالي قبل البدء بالعام الدراسي لمعرفة كل التفاصيل بالطالب الجديد، وإسلوب التدريس والقوانين للمدرسة .
وفي اليوم الأول من العام الدراسي يقف الجميع محتفلين بقدومه، المدير وكادر الأدارة والمعلمين في ساحة المدرسةوفي أيديهم زهور جميلة تعطى لهم ترحيباً وأبتهاجاً بالطالب وأحتضانه بروح من الأبوة والحنان . لكي يشعر بالمحبة والأمان .
التدريس في المراحل الأولى بسيط جدا ًويهتم ويركز على تنمية المهارات والقدرات الذاتية والذهنية وبناء الشخصية وكيفية تفهم الحياة والتعامل معها . وكيفية الأعتماد على النفس،
مثلا ً ( كيف نأكل ونشرب ونلبس الملابس، كيف نهتم بالنظافة، كيفية أستخدام وأحترام أغراض المدرسة ومرافقها وأجهزتها، كيف أحترام النفس والأخرين، ماهو النظام والحقوق والواحبات والعدالة، وماهي الحرية وحدودها ). وهذا يجري كله بهدوء وبالتعليم والتثقيف المستمر من خلال الاسرة التربوية ومن خلال الأفلام التعليمية والوسائل التوضيحية من على شاشة التعليم الألكترونية ( السبورة ) . ليس هناك تمييز أو عنصرية أو عنف أو أساءة لفظية .
وليس هناك حشو للمعلومات كما هو سائد في بعض المدارس العربية، وليس هناك منغصات وأزعاجات في حفظ لأي مادة، الأعتماد على الفهم والتعليم المبسط الذي يحاكي عقول الطلبة بطريقة محببة . وكأنك تسمع قصة جميلة، مع وجود فرص للراحة كثيرة ولكن أهمها هي فرصتين للفطور الصباحي وأخرى بعد الظهر . وهناك مساعدين للمعلمين، يكمن عملهم في المساعدة في قراءة الدرس وحل الواجبات، والمراقبة في الساحات والرحلات، لايسمح بالعنف واللعب الخطر والتنمر والعنصرية والأساءة .
هناك الكثير من الأنشطة المدرسية منها الرياضية كالسباحة وكرة القدم والطاولة والتنس وغيرها وتشخيص الطلبةالمبدعين في تلك الأختصاصات ودمجهم بفرق رياضية مختصة .
وهناك أنشطة يومية منها الرسم والتطريز والخياطة والنجارة والحدادة وفن الطبخ طبعاً بطرق مبسطة .
وهناك رحلات أسبوعية للغابات والقاعات الرياضية وأيضا رحلات بركوب الدراجات الهوائية وزيارة وبعض المدن الأثرية والمكتبات العامة وغيرها .
وماذكرته شئ بسيط من الكم الهائل من الأنشطة اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية .
التركيز دائما ًعلى الترغيب ومحبة المدارس والتعليم، هو الشاغل الأكبر، لأن التلميذ مدى ما أقتنع وأحب المدرسة كانت رغبته في تقبل التربية والتعليم بشكل أسرع وأفضل، قد لاتتوقعون ماأقول لكم، بأن الطفل يقضي ساعات طويلة في المدرسة وهو يعشقها ولايتذمر منها، ولاينوي مغادرتها الى أهله .
مدرسة شولبرغ ( Sjølberg Skole ) في مدينة فردريكستاد – النرويج
. Fredrikstad- Norge
وبالتحديد ( الصف الثاني ) أوشك العام الدراسي على نهايته . قام الإساتذة
Gerd Anne Skøien,
Ole Christian Andersen
Beinta Marqvardsen
بالتحضير لأحتفال بسيط ضم الطلبة والأهالي .في بحيرة جميلة تبعد عن المدرسة حوالي 15 دقيقة . كانت العوائل قد حضرت كل شئ وبتبليغ من الأساتذة، الطعام والحلويات والألعاب، وكانت ضحكات الأطفال وفرحهم بتلك الأجواء العائلية مع الأسرة التربوية .
شعور جميل وفرحة كبيرة وأمل بالمستقبل المشرق الذي ينتظر أبنائهم .
لاترغموا أولادكم على العلم، بل أجعلوهم يعشقوه .