الخميس - 28 مارس 2024

واقعة الطف وحقيقة الارهاب

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


انتصار حميد ||

أن ما يميز واقعة الطف أنها حركة إصلاحية, تستمد عناصر قوتها من كونها حركة تأسيسية أيضاً؛ فقد أسست لمفاهيم جديدة بالنظر للقضايا المستخدمة التي عالجتها, فقد أضحت تلك المفاهيم وما تشير إليه جزءاً لا يتجزأ من جوهر الدين, بحيث أن إهمالها يعني وجود نقص حاد في منظومة القيم التي جاء الدين ليؤكد حضورها وفاعليتها في بناء الفرد والجماعة, وفي حركتهما الدائمة المنقسمة على محورين: المحور العمودي, إذ الحركة باتجاه الله سبحانه, والمحور الأفقي, إذ الحركة باتجاه بناء الإنسان في إطار نظام عادل يعمل على تنمية معاني العيش المتكافئ الكريم لكل فرد من أفراد الجنس البشري.
وإذا كان هذا الحديث لا بد له أن يوجه للنخب على وجه الخصوص, فإن الأغلبية من هؤلاء تعلم بأن الدولة الأموية منذ أبي سفيان وصولاً إلى يزيد (لعنه الله) كانت قد اجترحت لنفسها إلهاً مقدساً لا يشبه الإله الذي يتحدث عنه القرآن, والذي يعرفه الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وعلي ( عليه السلام), ومن سار على نهجهما.
إله البيت الأموي أقرب إلى تمثال لرجل مصاب بمتلازمة داون (منغولي)؛ إذ لا ينشغل كثيراً بكون الممثل عنه دكتاتوراً, جاء بطريقة التوريث التي لا عهد للإسلام بها من قبل. كما لا يكترث بأن يكون خليفته في الأرض ماجناً متهتكاً, ولا فرق بينه وبين أشد الدلالات ابتعاداً عن ظاهر الدين الإسلامي ولبه.
ففي عقيدة هذا الخليفة أن الله الذي يتحدث عنه القرآن ليس سوى وهم أو أكذوبة من أكاذيب بني هاشم أرادوا من خلالها خداع الناس لا أكثر ولا أقل.
من هنا فإن نهضة الحسين (عليه السلام) جاءت لتؤسس لمعايير لم تكن تحت طائلة معرفة المسلمين, معايير نقدية هدفها كشف التزييف, وفضح الانساق المضمرة التي غابت وتغيب عن فهم العامة ووعيهم. وإذا كان لا بد لنا من مقاربة بين طف الحسين (عليه السلام) وواقعنا الراهن فإن أبرز ما ميزته نهضة عاشوراء هو ولادة ظاهرة الإرهاب من الرحم السفياني ولادة طبيعية وشرعية؛ إذ لم نقرأ في التاريخ أن العربي فضلاً عن المسلم, عمد إلى قتل الأطفال, والتطاول على النساء, وترويعهن وهتك ستورهن, ومن ثم قطع رؤوس الشهداء والمثلة في أجسادهم, مثلما فعل معسكر يزيد (عليه اللعنة) بأعداء نهجه المنحرف.
ودونكم بعض المقولات التأسيسية لظاهرة الإرهاب في المورث العربي: “احرقوا بيوت الظالمين, ولا تبقوا لأهل هذا البيت باقية”. “يا حسين؛ إنك لن تذوق الماء حتى ترد الحامية”. “دونكم الفرس؛ فإنه من جياد خيل رسول الله”.