الخميس - 28 مارس 2024

التسريبات والثبات على الولاية

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


عدنان جواد ||

يتبادل الشيعة بمناسبة عيد الغدير الاغر التهاني، فهي مناسبة عظيمة لا يعرف قدرها الا الله والرسول واهل بيته (عليهم الصلاة والسلام)والراسخون في العلم ، بقول باهت على اللسان ( بالثبات على الولاية)، البعض حتى يستنكف قولها، والبعض غير معتاد عليها، لان كتاب التاريخ في العصر الاموي والعباسي وحتى العثماني اخفوا التاريخ الحقيقي واظهروا المزيف، ولا نريد ان نخوض في التاريخ، ولكن الامام علي (عليه السلام) شخصية لا ينكر فضلها فقط معاوية واتباعه الوهابية اليوم في الامة الاسلامية، وهو محترم من الديانات الاخرى، ومن اصحاب الفكر والادب والفلسفة في العالم في الشرق والغرب، وان الذي يتبع شخص يتمثله في كل شيء، فهل قادة البلد الذين يدعون انهم من اتباع الامام علي وانهم سائرين على نهجه وثابتون على ولايته؟! يمتلكون احد خصال علي ويتمثلونه فيها، مثل الشجاعة في قول الحق وفعله، وثقافته ، وعلمه ومعرفته ، ونزاهته ، ووعييه ، وعدله ، وحب علي في الله، وتطبيق شرع الله، وتوزيع الحقوق على الناس، مع الاسف هناك ازدواجية بين ما يقال وبين ما يطبق على الامر الواقع، فالكثير من الطوائف في العراق تتبادل التهاني بأعيادها، ونفسهم هم يبعثون لهم برقيات التهاني بتلك المناسبات، ويتحرجون من تبادل التهاني او اقامة مهرجانات وتعطيل في هذه المناسبة التي تخص امامهم!، في حين الشيعة يمثلون الاغلبية في العراق، وفي مجال تطبيق القانون، يطبق على المواطن البسيط الذي لا يملك المال ليدفع الرشوة للمرتشي، او علاقات مع اصحاب السلطة فيتعرض الى اشد انواع الظلم، والتعينات من ابسط موظف الى الدرجات الخاصة، يستحيل ان يحصل عليها مواطن بسيط حتى وان كان عبقرياً في مجال عمله واختصاصه، ورواتب ومخصصات ملياريه لإصحاب المناصب، تقابلها رواتب ضعيفة جداً (كوت لا تموت) (120) الف للرعاية الاجتماعية و (300) الف للعقود وموظفي الوزرات الفقيرة، وفي مجال السكن يبنون القصور وتوزع لهم قطع اراضي في ارقى المناطق في بغداد، والناس تسكن في (الحواسم) والزراعي، ولا يمكن احصاء الاخفاق الذي حدث طيلة تسلم السلطة من يدعون الولاية للإمام علي (عليه السلام) ، من بطالة ونقص الخدمات لمناطقهم التي كانت محرومة في زمن النظام الظالم، وهناك مدن تفتقر للماء كالنهروان مثلاً، والقيادات تتبادل الاتهامات اليوم بالتسقيط، والسب والشتام امام الاعلام، فينشرون غسيلهم، ويتبادلون الاتهامات في الفساد ، والخيانة ، والعمالة، واخرها التسريبات التي انتشرت مؤخراً، والتي تنسب للمالكي ، ويقابلها الصدر وبنفس الاسلوب، بالتغريدات في حين تنفخ بعض الفضائيات في الفتنة، وان التسريبات صحيحة وقد تأكد الصدر من صحتها!، وهذا التنابز يهدد الوضع السياسي والشعبي للخطر، حتى بات النزاع المسلح يلوح بالأفق، يسعى لتأجيجها جهلة وعملاء واعداء، وان الصراع الشيعي_ الشيعي ، سيقع اذا لم يحتكم قادة القوم الذين يدعون انهم من اتباع الامام علي للعقل ونصيحة اهل الحكمة من المراجع والشخصيات الفاعلة في المجتمع في القبول بالصلح وسد طريق الفتنة ، فدماء الناس ليس لعبة بيد اشخاص يتصارعون على المناصب والمصالح الشخصية.
وحتى الناس البسطاء بعيده كل البعد عن توصيات ومنهاج الامام علي، فنحن نعيش في ازدواجية بين ما نعتقد به وبين ما نمارسه، فانتشرت المخدرات وبشكل مخيف، نتيجة ضعف الايمان بالله والشعور بالوطنية تجاه ابناء الوطن والمدينة والزقاق، بالربح السريع على حساب تدمير المجتمع، والابتعاد عن تعاليم الله ورسوله ووصيه الذي نعيش ذكرى تنصيبه، فاصبح الحرام مباح في كل مجالات الحياة، في العمل وفي الملبس ومشاهدة القنوات الفضائية التي دمرت المجتمع بمسلسلاتها القبيحة التي تبيح الممنوع ، التركية منها والمكسيكية وغيرها، ولا احد يتابع عائلته وماذا تشاهد على الموبايلات، اضافة الى ضعف التعليم والتوجيه، فتجد المساجد شبه خالية، والمقاهي والملاهي تزدحم بمرتاديها من الشباب، والمكتبات قليلة جداً ، ولا يكاد شارع او زقاق يخلو من مطعم او كشك لبيع الطعام، بصراحة وبدون مجاملة ، ان من يتبع الامام علي وثابت على ولايته في العراق يعاني الكثير في قول الحق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، واكثرهم للحق كارهون، ولولا هؤلاء لكانت داعش تحكم بغداد الان، بينما نجد الشيعة في ايران ولبنان يطبقون منهاج الامام علي عليه السلام حكام ومحكومين، فالحاكم خادم يحب البساطة، لا يسرق المال العام، لا يجامل مستقل في قراره لا يكذب على شعبه، يوزع الثروة بصورة عادلة، والمواطن صامد يتحمل الحصار والعقوبات في سبيل كرامته وعقيدته، والتمسك بالإمام علي وولايته، فمتى يعي مجتمعنا انه يتبع اعظم امام ، فعليه اتباع من يمثله في هذا الزمان، وهذا يتطلب التخلص من الجهل ، والتفكير بعقل وترك الاندفاع الاعمى وبدون عقل، كما حدث سابقاً بحرق مؤسسات الدولة لمجرد خلاف سياسي .