الجمعة - 29 مارس 2024

تداعيات مجزرة زاخو الدموية.. انقرة بين كماشتي المواقف السياسية والإدانات الشعبية

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024

عادل الجبوري ||

تواصلت التداعيات وردود الأفعال المنددة بالمجزرة الدموية التي ارتكبتها القوات التركية في العشرين من شهر تموز/ يوليو الجاري في قضاء زاخو التابع لمحافظة دهوك شمال العراق، وأودت بحسب المصادر الرسمية بحياة تسعة اشخاص بينهم اطفال صغار، وجرح اكثر من عشرين شخصًا، جميعهم من السياح المدنيين، الذين كانوا يستجمون في أحد المنتجعات السياحية هناك.
وبينما لم تتوقف التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المنددة بالمجزرة طيلة اليومين الماضيين أمام القنصليات التركية ومراكز منح تأشيرات الدخول في محافظتي بغداد والبصرة، فضلًا عن التجمعات الاحتجاجية في المدن الأخرى، اخذت الجريمة ابعادًا سياسية ذات طابع دولي، بعد أن ندد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بها، ودعا الى اجراء تحقيق دولي شامل للوقوف على كل ملابساتها وضمان مساءلة مرتكبي الهجوم.
وجاء هذا في الوقت الذي أعلنت وزارة الخارجية العراقية – بعد استدعائها السفير التركي في بغداد علي رضا غوناي، وتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة – شروعها بالتحرك في مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الاجراءات اللازمة حيال جريمة استهداف المدنيين الأبرياء من قبل تركيا.
وأكدت الوزارة في بيان لها “أن جميع المؤشرات تؤكد مسؤولية تركيا عن الاعتداء، وأن انكارها يمثل مزحة سوداء”، وقالت: “بدأنا بإجراءات فاعلة في مجلس الأمن، اذ تحركنا لطلب عقد جلسة خاصة للمجلس لبحث الجريمة واستصدار قرار دولي، وقد اتخذنا الآن أقصى القواعد الاجرائية الممكنة ضمن العمل الدبلوماسي، ومن المحتمل أن يتم اللجوء الى الورقة الاقتصادية”.
وتزامن التحرك السياسي للعراق في مجلس الأمن الدولي، وموقف الأمين العام للمنظمة الدولية مع ردود افعال اقليمية ودولية على نطاق واسع مستنكرة ما حصل، ولم يفلح نفي انقرة وادعاؤها أن مجاميع ارهابية مسلحة تقف وراء القصف الذي طال المنتجع السياحي في زاخو، لان كل الدلائل والمؤشرات الامنية والعسكرية تؤكد أن مصدر الهجوم كان من داخل الاراضي التركية، وتحديدًا بواسطة مدافع ثقيلة عيار 155 ملم، وهذا النوع من الأسلحة لا يمتلكه حزب العمال الكردستاني التركي المعارض، ناهيك عن أن الأخير ليس له اي قواعد او ثكنات قريبة من المنتجع السياحي الذي تم استهدافه.
كما دعا رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي الخميس الماضي الرئاسات الثلاث – البرلمان والجمهورية والقضاء – وزعماء القوى والأحزاب السياسية ورؤساء الكتل البرلمانية الى اجتماع استثنائي طارئ في القصر الحكومي لمناقشة وبحث اخر المستجدات وتحديد الخطوات والاجراءات التي ينبغي اتخاذها.
ووفق بيان صادر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الوزراء، فإن الكاظمي استعرض تفاصيل الموقفين السياسي والميداني وتطوراتهما، وتفاصيل عملية الاعتداء التركي الأخير، ومتابعة الحكومة لذوي الشهداء والجرحى، والإجراءات المتخذة في مستويات مختلفة للدفاع عن السيادة العراقية والخطوات الأمنية والسياسية والدبلوماسية التي اتخذتها الحكومة، فضلًا عن الشكوى التي سيقدمها العراق إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وطبيعة الموقف الدولي في إدانة الاعتداء.
من جانبهم، أكد المجتمعون وحدة الموقف الوطني العراقي في حماية سيادة العراق وأرواح العراقيين، وإدانة الاعتداء التركي، فضلًا عن دعم الإجراءات الرامية لتقديم الشكوى الدولية. وفي الوقت ذاته، جدد المجتمعون التأكيد على احترام العراق لمبادئ حسن الجوار، ومنع الاعتداء على أراضي الدول المجاورة انطلاقًا من أراضيه، ورفض العراق أن يكون ساحة لتصفية الحسابات بين جماعات مسلحة غير شرعية والجيش التركي، أو تصدير الأزمات الداخلية للآخرين، أو الاعتداء على حقوقه وسيادته وأمن شعبه. وشددوا على تماسك الموقفين السياسي والشعبي إزاء التحديات، مطالبين الحكومة باتخاذ كل الإجراءات والخطوات اللازمة لحماية أمن العراق وسيادته، ومنع تكرار الاعتداءات.
الى ذلك، من المقرر أن يعقد مجلس النواب العراقي اليوم جلسة طارئة بحضور وزيري الدفاع والخارجية جمعة عناد وفؤاد حسين، اضافة الى رئيس أركان الجيش الفريق الركن عبد الامير يار الله لمناقشة خلفيات وتداعيات الهجوم والخطوات المطلوب اتخاذها.
ومع استمرار الحراك المتعدد الاتجاهات والمستويات ضد أنقرة، تصاعدت المطالب الشعبية العراقية، المتمثلة بمقاطعة المنتجات والبضائع التركية، وتعليق نشاط الشركات التركية العاملة في العراق، وايقاف كافة التعاملات المالية والتجارية، وطرد السفير التركي، واغلاق المقرات والبعثات الدبلوماسية والقنصلية التركية في كافة المدن العراقية. وقد أعلنت العديد من المحال والمراكز التجارية في الاسواق العراقية من خلال لافتات كبيرة، امتناعها عن بيع السلع والبضائع التركية، احتجاجًا على ما اقترفته تركيا وتقترفه من جرائم ضد العراق والعراقيين.
تجدر الاشارة الى أن تركيا تقوم بين الفينة والاخرى بقصف مواقع تقول إنها تابعة لحزب العمال الكردستاني (PKK)، بيد أنها دومًا ما تتسبب بقتل المدنيين الأبرياء، لا سيما في القرى والمدن القريبة من الحدود العراقية – التركية، ناهيك عن تسببها بنزوح وهجرة اعداد كبيرة من أبناء مئات أو الاف القرى هربًا من العمليات العسكرية للجيش التركي، الذي تؤكد مصادر مختلفة، أنه بات يمتلك عشرات القواعد العسكرية الدائمة وغير الدائمة داخل الاراضي العراقية، وقد تجاوز عدد أفراده في تلك القواعد، الخمسة الاف عنصر.
ـــــــــ