الخميس - 28 مارس 2024

الكرادة والفطرة الحسينية..مع الشيخ خيري هادي الأسدي(1960- 1983)

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


د.أمل الأسدي ||

هنـــاك في الكرادة،حيث عبق الكرم وعباءة العقيدة التي تركها الأجدادُ للقادمين من أولادهم،هناك نشأ الشيخ خيري هادي الأسدي،سليل ذاك البيت الذي يذوب في حب الحسين!! ابن التنور الذي لاينطفئ والرغيف الساخن والمضيف الضاحك دائما في وجوه الوافدين، وُلد الشيخ الأسدي عام 1960م وركضت الأيام سريعا،وكأنّ الأمر لحظات تُقلَّب فيها الصور!!
فما بين صورته بجنب جده،الی صورته في حضرة “سيد ادريس(ع) ” الی صورته وهو شابٌّ وسيم، وقور،هادئ؛ ولأنه كان ذكيا وكان من بيئة أهلته للعلم والذوبان في العقيدة؛اتجه للدراسة الحوزوية رغم صغر سنه!!
كان الشيخ خيري الأسدي أحد طلبة الشيخ عارف البصري(رحمه الله) وقد عُرف بحذاقته وتفوقه،فأصبح خطيبا مفوها وكان يلقي المحاضرات في جامع الإيمان وحسينية الزوية وحسينية ألبو شجاع،وقام بتأليف كتيب صغير عنوانه”نهج العدالة” وقد اجتمعت حوله مجموعة من الشباب الواعي التواق إلی العلم والمعرفة،ولكن البعــث الطائـفي كان يعادي العلم والفكر والإنسانية، كان يتفنن في إخماد فرحة الأهل بأولادهم، كان يلاحق كل جذوة وكل أثر!!
وبينما كان رجال العلم والمحبة يقيمون محفلا بمناسبة ذكری المولد النبوي الشريف، كان أزلام البعث يتربصون بهم،ويتابعونهم، ولم تمض إلا أيام قلائل وتم اعتقال الشيخ خيري الأسدي،في يوم من أيام الله(يوم الجمعة) عام 1981م ، فغابت البسمة عن منزلهم،وماتت السكينة،واشتعلت نيران الانتظار واللهفة، واستيقظ الخوف والرعب والخشية علی إخوته!!
صباحاتٌ كثيرةٌ مرت علی أمه وهي تنتظر عودته،وليال طويلة مرت علی والده وهو يحلم برؤيته!! حتی عام 1983م إذ أبلغوا أهله بأنه تم إعدامه ودفنه!!
أعدموه وغيّبوه ولم يكفّوا عن أسرته؛بل استمروا في ملاحقتهم،فنالوا مزيدا من الظلم،مزيدا من القهر والحزن،مزيدا من الآهات!!
رحل الشيخ خيري الأسدي ولما يزل حاضرا،رحل وسقط الصنم وكُشفت الحقائق وتعرت الوجوه!! رحل والأنفاس تتسارع راكضة علّها تجد شيئا من أثره!!
رحل …وعلی الرغم من قسوة الفراق، لم تصدق أمه أنه لن يعود!! إذ بقيت تنتظره حتی جاء أجلها عام 2007م وهي تردد:
ابني ما مات
ابني بعده عايش وهسة يجي!!
فالسلام علی الأرواح التي ذابت في عشق الحسين(ع)، ونهج الحسين(ع)، ونهضة الحسين(ع)…
السلام علی كلماتكَ التي سطّرتها عن يقين يا شيخ الشباب:
ـ سأظل أقول”حسين”ولن أندم
ويبقى”الحسين”في قلبي والله أعلم
لو كان قلبي يدرك حبي”للحسين”لتحطم
أحببته بروحي ودمي
فهل يوجد في الدنيا من “الحسين”أعظم؟
أقولها بكل اقنتاع”حسين”
هذا صوتي، في حياتي وموتي: حسين،حسين، حسين…