الأحد - 15 سبتمبر 2024

المذاهب السنية الأربعة – بين التطرف والاعتدال..

منذ سنتين
الأحد - 15 سبتمبر 2024


نافع الركابي||

تعتبر الطائفة السنية، إحدى الطوائف الأسلامية في مقابل الطائفة الشيعية، يعتنق هذا المذهب ملايين الناس في العالم العربي والعالمي، حيث نشأت اولى بذور هذه الطائفة عند استشهاد الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، عندما تجمعوا من بعده تحت سقيفة بني ساعدة، واتفقوا على أن ينصبوا أبو بكر كخليفة للمسلمين من بعد النبي صلوات الله عليه وآله، وهذا طبعا خلاف وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، التي نصت في تنصيب أمير المؤمنين من بعده.
الحديث لا يدور حول صحة تنصيب الخليفة الاول من عدمه، إنما نريد أن نفسر العملية الاستراتيجية، التي قام بها الإمام الصادق عليه السّلام في عهده، وكيف مهد الطريق للأمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف عند ظهوره في الوقت المعلوم، كانت مدرسة الامام الصادق عليه السّلام تشمل العديد من العلوم الفقهية والعقائدية التطبيقية كالهندسة والفلك وايضا الطب وتخرج على يده كثيرا من العلماء، الذين ضل علمهم منهاجا للأجيال المختلفة الى يومنا هذا، في كافة المجالات.
كان من ضمن طلاب الامام الصادق عليه السّلام في الفقه هو ابو حنيفة النعمان، ومالك بن انس، والشافعي، واحمد ابن حنبل، هؤلاء الأربعة بعد اخذهم العلوم من الامام الصادق عليه السّلام، تيقنوا أنه لا احد يضاهي علم الامام الصادق عليه السّلام الذي هو من علم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم، فغرتهم الحياة الدنيا وحب الرئاسة فأنتهجوا طريقة بالضد من الامام، وأسسوا مدارس خاصة بهم.

بعد تأسيس المدارس وإطلاق الفتاوى، اختلف عليهم العديد من المريدين وطلاب العلم، لذلك الامام الصادق عليه السّلام لم يعمل بالضد منهم، ولم يسقطهم أو يتخذ موقفا هجوميا منهم، بالعكس فإن الإمام صلوات الله عليه، هو ارفع من ان يقارن او يرد على اشخاص مثلهم، وكيف لا وهو ابن الرسول الأكرم، وابن أمير المؤمنين وخليفة الله في أرضه.
تقرب هؤلاء من السلطة الحاكمة أنذاك خوفا منها ورغبة في أموالها، واستفادت منهم ايضا في اضافة الشرعية لها، حيث عقدت الكثير من المناظرات، بين الأمام الصادق عليه السّلام وأبو حنيفة النعمان بتوجيه من ابو جعفر المنصور آنذاك، كذلك جهز ابو حنيفة اربعون سؤالا، لكي يفحم بهم الامام الصادق عليه السّلام، لكن الإمام ردهن جميعا فبهتوا وخابوا.
ان الاستراتيجية العظيمة التي قام بها الامام الصادق عليه السّلام، تكمن في انه قام بكسب هؤلاء الطلاب وعدم مهاجمتهم، بالمقابل هم لم يظهروا العداء والبغض لأهل البيت عليهم السلام، حيث علم الإمام الصادق عليه السّلام، انه سيكون لهم اتباع على الأمد الطويل، وهذه الاعداد ستكون معادلة صعبة في عملية الفتح، عند الظهور الشريف للإمام المهدي المنتظر عجل فرجه، فبتلك الاستراتيجية تكون على اثرها مجتمع سني معتدل، سيرضخ للأمام المهدي عجل فرجه عند ظهوره، والدليل هو انه لم تذكر الروايات حرب للأمام مع المخالفين، في منطقة الشرق الأوسط سوى معركته مع (بني فلان) في منطقة الحجاز.
هنالك طالب واحد لم يستطيع الأمام الصادق عليه السّلام من تقريبه وكسبه، وهو احمد ابن حنبل، الذي سمي مذهبه (الحنبلي) واستطاعت السلطة العباسية من استغلاله استغلالا تاما، لتنفيذ أجنداتهم السياسية ضد خصومهم، وبسبب فكره الحشوي الذي يتناغم مع السلطة، فتولدت منه فرقة متطرفة سفاكة للدماء وامتدت عبر الازمان، الى ان اعطت لنا الحركة الوهابية التي انتشرت في الحجاز، واتخذت من التعصب والتطرف وبغض أهل البيت عليهم السلام، منهجا لها واريقت بسببها الكثير من الدماء، واحدثت الخراب والدمار، وشقت صفوف المسلمين وشتت كلمتهم.
خلال الوقائع التاريخية المذكورة انفا، تكونت لنا صورة عن السيناريو الذي ستجري عليه الأحداث، عند الظهور المبارك لحجة الله الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، فحرب الأمام في الحجاز مع (بني فلان) بلا شك انها ستكون مع جذور هذه الفرقة المتطرفة.