الاثنين - 16 سبتمبر 2024
منذ سنتين
الاثنين - 16 سبتمبر 2024


ا.د جهاد كاظم العكيلي ||


خرجت غالبية شعوب العالم عن كل ما هو غير مألوف وتقليدي ضار، وذلك بفضل تجاوزه من قبل الحكومات لصناعة حياة حُرة كريمة كي تنعم الشعوب بكل ما هو مُفيد ونافع إلا شعب العراق الذي لا يزال مُتمسكا بأحداث جرت في ماضي الزمان فأضرت به ولم تنفعه سواء أكان ذلك في مجال السياسة او الفكر او الإدارة الإجتماعية ..
وليس غريبا، أن يَمر شعبنا في المجال السياسي الذي نعيشه الآن من عصف سلبي لم يكن طبيعيا على الإطلاق، تماما كذلك العصر الذي عاشه المتنبي بكل ما هو ضار وغير نافع من فقرٍ وجهلٍ عندما كان يواجه مُلوكا يعيشون ترفا وزهوا ويديرون ظهورهم لشعب هو أول شعب عَلم الإنسانية كيف تقرأ وكيف تكتب وكيف تُصنع الحياة، ولأن العقل والهبة نِعمة من نِعم الله على الأرض تفتقت قريحة شاعر العرب الأكبر مُنقدا ومحذرا ملوك عصره بقوله الشِعري المأثور : ذو العقل يشقى في النعيم بعقله، وأخو الجهالة في الشقاوة يَنعمُ ..
ولا أدري، إن كان التأريخ يُعيد نفسه من عصرٍ إلى عصر لكن الذي أعرفه أن شعبنا يصرخ قي عِصرنا هذا من وجعٍ وألمٍ كبيرين بل وأعرف، أن صرخاته تماما كصرخة المتنبي في عصره، وأعرف أن العقل نِعمة وهبة أنعم بها الله على البعض من عبادة قد تكون وبالا على الشخص لأنها تُشقية وتتعبة وتجعلة لا يَشعر بِطعم الحياة ..
وكم أتمنى على ولاة الأمر في عصرنا هذا الذي نعيش، أن يسعوا بكل عزم وقوة حتى ينهض شعبنا من هذا الحال إلى أحسن حال، ويقينا أن ذلك لن يحصل ما لم يستفق شعبنا من غفوته السياسية والثقافية والعلمية كونها تُمثل الخلاص نحو سلامة المجتمع والحفاظ على كيانه والوصول به إلى بَر الأمان إسوة بالشعوب الأخرى التي إستوحت من ماضيها العِبر والدروس وبنت مجدها الذي تنعم به حاليا، ولم يكن ذلك ليحدث إلا بفضل عقول الساسة الذين جعلوا شعوبهم يشعرون بطعم الحياة، فألا يكفينا أن نعيش الخسارتان، خسارة الماضي وخسارة الحاضر، وأن نسنفيد من عِبرهما لنتعلم ونستفيد من هذه الدروس، أم نبقى نُعلل أنفسنا على حد قول الشاعر الطغرائي بأمل طال إنتظاره : أعلل النفس بالآمال أرقبها .. ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل ..
وهل بقيت آمال نتأملها بعد كل هذا الذي حصل!..