الخميس - 12 ديسمبر 2024

لا استغرب الاساءة بل اتعجب من التقصير..!

منذ سنتين
الخميس - 12 ديسمبر 2024


احمد نعيم الطائي ||

ليس مستغرباً ان تقدم وسيلة اعلامية عراقية عملاً فنياً يسيئ الى ابناء الجنوب ويظهرهم كسذج ومتخلفين او منغمسين بالثأر والانتقام القبلي ، فهذا النمط الممنهج تعودنا ان نراه في معظم الاعمال التي كانت تنتج منذ عقود وهي اسست لتلك الثقافة المسيئة لشريحة انتجت خيرة العلماء والمثقفين والادباء والفنانين والقادة في كل المجالات ممن يفخر ويتباهى بهم العراق امام الشعوب ، ماتعرضه اليوم قناة (يو تي في) هو محاولة خبيثة وبائسة لطمس صور الانبهار والتفاخر التي سطرها ابناء الجنوب في ذاكرة العرب والاجانب خلال بطولة الخليج العربي ، وان هذه القناة ليست الاولى بعرض مثل هذا التزييف والتشويه المتعمد فقد سبقتها شبيهاتها من القنوات التي اسست باموال العراقيين المنهوبة وعبر الابتزاز لذلك هو امرٌ غير مستغرب.
لكن ما يثير الاستهجان هو موافقة الممثلين العراقيين على اداء ادوار تسيئ لشعبهم وتحاول بخبث طمس موروثهم الحضاري والانساني ، وهذا يعكس خواءهم الفكري وفقدانهم للمواقف الوطنية وسعيهم للظفر بعمل بغض النظر عن حجم سفاهته او اساءاته او تزييفه وتحريفه للحقائق او للقيم ، وهنا نذكرهم بعدد كبير من الفنانين العرب ممن رفضوا اعمالاً ذات مردود مالي كبير لاعتقادهم انها تسيئ لتاريخهم او لشعوبهم ، كنت اتمنى ان تحرص قناة (يو تي في)او بقية القنوات العراقية على انتاج اعمالاً فنية او وثائقية تجسد بعض قصص ومأثر الكرم الجنوبي المتفرد العظيم خلال بطولة الخليج العربي بالبصرة ، او عن مئات القصص الفريدة في التاريخ الانساني التي كان ابطالها ابناء الجنوب والفرات الاوسط ممن لبوا متطوعين نداء فتوى الجهاد الكفائي التي حافظت على شرف وكرامة وارض العراقيين من خلال صور التضحيات الفريدة والتسابق والتزاحم الملحمي العظيم في الدفاع المستميت عن اخوانهم في المحافظات التي استباحتها عصابات الارهاب المتوحشة.
حيث افرزت تلك الفزعة الجنوبية حكايات فريدة يمكن ان تكون مواد لاعمال فنية عظيمة وفريدة في تاريخ السينما العالمية او الانتاج التلفازي تقدم لشعوب العالم اروع مشاهد الايثار والتضحية في التاريخ وتسهم في تشكيل وعي ورأي عام ينهي سفاهة مسلسل الاساءات المتعمدة لابناء الجنوب.
انني لااستغرب من تلك الاساءات المتعمدة بل اتعجب من التقصير والاخفاق والابتعاد الواضح من قبل اعلام الدولة والقنوات الوطنية عن القيام بانتاج مواد تليق بتاريخ ابناء منبع الحضارات الانسانية وبتضحياتهم المذهلة وصور ايثارهم العظيمة التي سطروها خلال معارك تطهير العراق من دنس عصابات الارهاب الدولي.
لذلك ان المطالبة بايقاف الاعمال التي تسيئ لابناء الجنوب لاتكفي بل نحتاج بشكل عاجل الى تشجيع الكتاب لابراز تلك المأثر الانسانية العظيمة من خلال الاعلان عن مسابقات عالمية تتبنى توثيق الموروث البطولي للفتوى وما نتج عنها من قصص انسانية عظيمة مشرفة ، وتمنح جوائز مجزية لجميع المشاركات مع تكريم خاص لافضلها ، على ان يتم اسنادها الى شركات فنية متخصصة ومخرجين محترفين لانتاجها كمسلسلات او افلام طويلة او وثائقية قصيرة وبثها عبر وسائل الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي ومشاركتها في المهرجانات العربية والدولية.
وهذا لايعني عدم ملاحقة قنوات الفتنة قضائياً فهو امرٌ ضروري لايقاف مسلسل الاهانات والاستخفاف بأهلنا الجنوبيين الذين تقترن بسيرهم كل صور الشجاعة والتضحية والكرم والرقي والوفاء والايثار والتعايش الآمن والتآخي مع جميع الممل والطوائف الى ان اصبح العالم ينظر من خلالهم للعراق بفخر وانبهار.

ــــــــــ