لقاء الشيخ الخزعلي : وخدعة الفرصة الاخيرة
رعد الدراجي ||
اجرت قناة العراقية الاخبارية لقاء مع الشيخ الخزعلي يوم الاحد من الشهر الجاري – اذار – ؛ وقد تطرق الشيخ الخزعلي لعدة مواضيع مهمة وحساسة ومنها : ( نغمة او خدعة الفرصة الاخيرة ) ؛ اذ قال ما نصه : (( … لا يوجد شيء اسمه ( الفرصة الاخيرة ) فهذا الشعب يتجدد ويوجد جيل , ثم يأتي جيل ثاني , ثم ثالث , وحسب العمر البيولوجي , وبالتالي لا يوجد شيء اسمه فرصة اخيرة , يل توجد عملية سياسية تعتمد على اساس الانتخابات , وهناك من يفوز بالانتخابات ويعطى ويستحق فرصة تشكيل حكومة , فدائما هناك فرصة جديدة , لكن نحن علينا ان ترتقي بمستوى أدائنا واختيارنا , وأن يكون الاداء الحكومي أفضل من سابقه , ويكون هناك الامل الذي يجب ان يوجد في نفوس المواطنين حتى تعاد ثقتهم مرة أخرى بالعملية السياسية , ويحصل الهدف المنشود من الجميع … )) .
وكأن التاريخ يكرر نفسه ومع ذلك ؛ الحمقى والمغفلين والاغبياء و ( الغمان والثولان ) لا يأخذون عظة وعبرة من دروسه ، فيقعون في الأخطاء نفسها التي حدثت قبل سنوات او عقود أو قرون … ؛ وقد قالها الامام علي (ع) لحمقى زمانه موبخا لهم : ((أجهل الجهال من عثر بحجر مرتين )) … ؛ فقد لاحت بوادر النصر لجيش الإمام علي (ع) ، وشارف البطل القائد مالك الأشتر على إنهاء جيش الخارجين على حكم الإمام علي (ع) ، وإذا بمعاوية يستعين بابن العاص وهذا الماكر يلجأ إلى خدعة رفع المصاحف على الرماح والسيوف … ؛ وقد أحدث ذلك لغطاً في جيش الامام علي (ع) ، فحاول الامام علي (ع) ايضاح المسألة وأنها خدعة من خدع معاوية … ، و لكن ضعاف النفوس والحمقى والمغفلين واشباه الرجال لم يفهموا حقيقة الأمر ، ومارسوا ضغطهم على الإمام علي (ع) لإيقاف الحرب ، بل أنهم هددوا الإمام علي (ع) بالقتل إن لم يصدر أوامر لمالك الأشتر بالتوقف عن الزحف … ؛ وهكذا أضاع هؤلاء الحمقى على أنفسهم وأجيالهم النصر المؤزر وجنوا فيما بعد نتاج تصرفهم الخاطىء ؛ اذ ذاقوا الامرين على يد حكام بني امية ؛ ولات حين مندم .
ومن الواضح ان مقدمات وارهاصات الامس هي نتائج اليوم وكذلك تحركات اليوم هي نتائج الغد ؛ وهكذا هي حقيقة حركة التاريخ ؛ اذ أن للتاريخ صلة بالحاضر , أن وجدنا الصلة نستطيع التنبؤ بالمستقبل ؛ وبما ان القوم ابناء القوم ؛ لم يستغرب احرار وغيارى العراق من حمل المجرم الكافر النجس صدام للمصحف الشريف في المحكمة ؛ او قيام مجرمي الاجهزة القمعية الامنية وايتام صدام وجلادي البعث بعد سقوط النظام ؛ بإطلاق اللحى والتختم وحمل المسبحة ؛ بالإضافة الى رفع الشعارات الاسلامية واعلان الجهاد ومقاومة المحتل … ؛ وكانت غايتهم الحقيقية ارجاع الحكم الاجرامي البائد واهلاك الأغلبية العراقية وأبادتها ولعل جريمة سبايكر وسجن بادوش من اوضح الشواهد على ذلك … .
وهاهم مرة اخرى وليست اخيرة يستخدمون نفس الخدع والالاعيب القديمة الجديدة ؛ وهذه المرة جاؤا بخدعة ( الفرصة الاخيرة ) لتحريك الحمقى والمغفلين و الرعاع والبسطاء واشباه الرجال واقناعهم بهذه الدعوى الباطلة … ؛ ولا ادري ماذا يقصد هؤلاء الجحوش العملاء والارهابيين الاعداء بهذه العبارة التافهة ( الفرصة الاخيرة ) ؛ هل يقصدون بها انهاء حكم الشعب والاغلبية العراقية الاصيلة ؛ أم القضاء على التجربة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والعودة للانقلابات العسكرية الدموية والدكتاتورية وبيان رقم واحد … ؟!
وأكاد اجزم ان هذه الخدعة ( الفرصة الاخيرة ) من نتاج دهاليز التآمر البعثي وغرف الظلام الطائفية وكهوف القتلة الارهابية ؛ والتي تم تسويقها من خلال فضائيات الخيانة والغدر والعمالة والعهر الاعلامي , ومواقع التوصل الاجتماعي المشبوهة ومنصات الشبكة العنكبوتية المعادية , والجيوش الالكترونية المرتزقة والمرتبطة بالسفارات والمخابرات الاجنبية … ؛ والهدف الحقيقي من هذه الخدعة الشيطانية ( الفرصة الاخيرة ) تحريك الشارع وتجييش الجيوش والعصابات المرتزقة لإراقة الدماء وإهدار الأرواح والاعتداء على موظفي الدولة ورجال الامن وتدمير المؤسسات العامة وتخريب البنى التحتية والاخلال بالنظام العام وايقاف عجلة الحياة والبناء والمشاريع … الخ ؛ وفى النهاية إسقاط الحكومة العراقية الجنوبية الاصيلة وايقاف الانجازات والمشاريع والمقررات التصحيحية والاجراءات الحكومية التي تهدف الى محاسبة الفاسدين والمخربين والارهابيين وكشف حجم السرقات الهائلة التي حصلت في عهد حكومة المشبوه العميل مصطفى الكاظمي ومن يقف خلفه … ؛ فهؤلاء الاوغاد العملاء والانذال الاعداء عندما يرفعون هذا الشعار ( الفرصة الاخيرة ) ليس حبا بالشعب والاغلبية العراقية او بهدف الارتقاء بالعملية السياسية وتطويرها من خلال العمل السياسي السلمي والاحتكام للدستور والقانون العراقي ؛ بل بهدف الترهيب و التخويف والترويع و الابتزاز السياسي والاقتصادي والاجتماعي …
، والتآمر على الاغلبية والامة العراقية الاصيلة والتعاون مع اعداء العراق لإحداث البلبلة والفوضى واشاعة القتل والعنف والجريمة … ؛ بالإضافة الى سرقة الاموال ونهب خيرات البلاد ومصادرة الثروات وافقار وتهميش واقصاء ابناء الجنوب العراقي .
وصدق الشيخ الخزعلي عندما بين كذبة (الفرصة الاخيرة ) فالمجتمع اشبه بالكائن الحي الذي يتطور وينمو يوما بعد يوم ؛ اذ ان جيل الامس لا يشبه جيل اليوم وجيل اليوم لا يشبه جيل الغد … ؛ وهكذا دواليك , فالدنيا لا تبقى على حالة واحدة ؛ لذلك قيل : دوام الحال من المحال , فلا يستطيع احد الادعاء بأنه يمثل كل الاجيال العراقية او يدعي التنبؤ ب تطلعات وتحركات وارهاصات المجتمع والجماهير العراقية , و لكل جيل عمره المفترض وطموحاته واحلامه وظروفه وتطلعاته … ؛ وعليه لا توجد فرصة اخيرة انما هنالك عملية سياسية تعتمد على النتائج الانتخابية واختيار الجماهير العراقية , وبالتالي ستكون امام النخب والشخصيات والاحزاب وكذلك الجماهير العراقية مجموعة من الفرص المختلفة وليست ( فرصة اخيرة ) ؛ وهذا الامر يدفع المواطنين والمسؤولين الى تحسين وتطوير خياراتهم وادواتهم في الاختيار والعمل والانجاز ؛ ولكن الشيخ الخزعلي أكد على ضرورة الارتقاء بالأداء السياسي والحكومي من خلال توفير الخدمات وتطوير البنى التحتية وتحسين ظروف الحياة ؛ كي ترجع ثقة المواطن بالحكومة مرة اخرى ؛ وتستمر مسيرة الديمقراطية والعملية السياسية الجديدة .