العراق والأسئلة المُحيرة! ..
ا.د جهاد كاظم العكيلي ||
في القصة الخبرية أو في الخطاب الإعلامي الخبري، يظهر دور التساؤلات الستة في تشكيل الخبر أو الخطاب الإعلامي، ومن بين هذه العناصر أو التشكيلات هو التساؤل الذي يبدأ بـ (لماذا)، وهو السؤال المُحير في القصة أو الحدث، وعلى ضوء ذلك تتوالى الأجوبة الأخرى عن الحدث أو القصة، وكل المُشكلات التي تقف عندها الدول والأنظمة الرصينة، إذ تفتح مغاليقها بالإجابة عن الأسئلة المُحيرة وتلحقها بحلول منطقية، من دون أن تحتار بأمرها لطالما تبحث عن المشاكل وتستجيب لها بحلول منطقية ..
لذلك فإن أنظمة هذه الدول لا ولن تتوقف عن أداء عملها في كل المجالات ومنها الإجتماعية والإقتصادية، لذلك نجد هذه الدول الكبيرة منها والصغيرة تتسم بالمحافظة على إستقرارها، كونها تعمل ضمن نظام يُحافظ على بقائها ووجودها ووفقا لمقاييس وثوابت أركان الدولة وشرعيتها الدستورية ..
ومن هنا يُمكننا، أن نجد الفوارق بين دولة واخرى، دولة تمتلك القُدرات على إيجاد الحلول لمشاكلها وتجتاز أزماتها بسهولة ثم ترتقي بشعوبها وأدواتها التي ترتكز عليها في العمل للحفاظ على وجودها وهويتها الحضارية والإنسانية، غير أن دولة أخرى تجدها مُتعثره على طول خطها السياسي، بالرغم من توفر الأمكانيات، لكن نجدها دولة مُتراجعة ومنشغلة بأزمات ليس لها القدرة على حلحلتها ولا تستطيع إيجاد حلول مناسبة لمشاكلها الحقيقية التي تُعطل قواها في بناء الدولة، وعند ذلك تكثر التساؤلات عن مُسببات الإخفاق والتراجع لكل مراحل عُمرها السياسي والإداري، وبعد كل مدة زمنية تعود وتنتكس وتغرق في أزمات مُضافة حتى صار أمرها يشوبه الإستغراب والحيرة من أن تجد طريقا واضحا لمُسايرة مثيلاتها من الدول الأخرى ..
وهذا هو واقع حال العراق لعقود من الزمن، شاهدناه بلدا مُتعثرا بإتجاه الصعود السلبي دوما، فكلما وضع خطوات لإجتياز مرحلة أعاقته أشياء كثيرة تمنعه من السير قدما فيتعثر في النهوض وهو ما يُكلف أبنائه الشيئ الكثير من لا سيما القدرات المُعطلة والثروات الضائعة ..
وبمقابل ذلك ينشغل أبنائه بطرح أسئلتهم المُحيرة حول عدم قدرة العراق وهو البلد الغني بالثروات والمال والكفاءات بالحفاظ على إستقراره وديمومة وجوده في أمان وسلام، إذ تتمحور الأسئلة المُحيرة حول إيجاد الإجابات والحلول الناجعة وكيفية تجنب حالة التعثر والتراجع في كل حقبة من الزمن الضائع، ولهذا أصبح العراق مُتخم بأسئلة مُحيرة بالرغم من إمتلاك العراق لقدرات مادية وعلمية يمكن أن تُساعده على أن يكون بأحسن حال حتى من دون أن يعتمد دول أخرى تناصبه العداء ..
إذن فقصة العراق هي قصة خبرية في العمل والتقدم ستظل محيرة لا جواب لها، وإن التساؤلات السته للإجابة عن مشاكله لن تتوقف عند المواطن وستظل مثار إنتباهه، وأهمها التي تبدأ بـ (لماذا) يحدث كل هذا في العراق؟ .. وهو سؤال تجده دائما ينطلق من شِفاه العراقيين كبيرهم وصغيرهم، وعندما تصعب وتتعقد الحياة عندهم وكلما تتكاثر أزمات البلاد، حينها تأخذ الأسئلة المُحيرة طريقها بسهولة بين الأجيال، وقد تكون بصيغ أو بطرق مُختلفة، من دون أن نجد لها إجابات وحلول شافية في بلد يغرق بالأسئلة المُحيرة وهو يدخل في القرن الحادي والعشرين نهضت فيه دولا من تحت الرماد، فيما العراق لا يزال يحمل أسما من دون أن يكون له دورا حقيقا في شكله ومحتواه وسنظل نستمع لبرامج ومشاريع مُعطلة مُدونة بحبر السُراق والفاسدين! ..
ــــــــــــــــــــــ