الجمعة - 17 يناير 2025

مناطق الفراغ في النظام السياسي العراقي

منذ سنتين
الجمعة - 17 يناير 2025


علي عنبر السعدي ||

– بين النظام السياسي والسلوك السياسي
– قطع الشجرة ذات الظل .

إن أكثر المصطلحات شيوعاً في عالم السياسة ،هو أكثرها التباساً في الوقت عينه ،فالنظام السياسي ،يعنى به التعبير عن حصيلة الفاعليات بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) ونتائج تأثيراتها على الدولة والمجتمع ،وبالاطرالتي تحدد شكل العلاقة بين هذه القوى .
السياسة في أحدث تعريفاتها هي فن حساب المحتملات و صنع الممكنات ،ولكي تحقق وظيفتها تلك ،لابد لها من مرتكزات ثلاثة رئيسة : مقومات للمنهج – قيم للسلوك – مهارة في الفاعلية والإنتاج ،فلا شرعية دون فاعلية.
. كانت السياسة في العراق وطوال تاريخه الحديث ،تستند الى السلطة الحاكمة وحسب ،ذلك مايمكن أن يطلق عليه (السلطة السياسية ) دون نظام سياسي لانتفاء التفاعل – أو حتى وجود- السلطتين الباقيتين.
استمرت (السلطة السياسية)قائمة حتى انهيار الدكتاتورية في 2003 بفعل خارجي ،ومن ثم حاول العراق بالترافق مع الديمقراطية ،أن يبني نظاماً سياسياً يؤطر فيه طبيعة العلاقة بين السلطات الثلاث وواجباتها تجاه المجتمع ،لكن المحاولات لذلك مازالت متعثرة ، لينتج عنها مايمكن تسميته (الهلامية السياسية) إذ خرجت الدولة الجديدة من اطار (السلطة السياسية)لكنها لم تنجز بالمقابل نظاماً سياسياً بعد ، ولكي تأخذ السياسة مداها الفاعل ،فلابد من تشكّل نخب سياسية ،تكون من أولى مهامها انتاج فكر سياسي وإرساء سلوكيات قيمية يحدد أطارها (المصالح الوطنية العليا) كمؤشرات معيارية لبوصلة العمل السياسي .
لكن النخب السياسية وفق المفهوم اعلاه ،لم تتشكل في العراق بعد ، لأسباب متعددة ومتشابكة ،لذا فالمشهد السائد يشي بتسمية (نخب نفعية) تشتغل بالسياسة وتتخذها مهنة ،وليس احترافاً ابداعيا ينتجه فكر سياسي دخل مرحلة النضج والقدرة على (حساب المحتملات وصنع الممكنات ) .
مفهوم (النظام السياسي ) يختلف والحالة هذه عن (السلوك السياسي ) ، والخلط بينهما يخلق اشكالية في الفكر والتباس في المفاهيم معاً .
النظام السياسي في أعلى تجلياته يتمثل في : الشرعية عبر صناديق الاقتراع – التبادل السلمي للسلطة – الحريات العامة وفق الدستور- الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية – التنفيذية – القضائية ) ،
وبالتالي يتم محاسبة السلوك السياسي وفق هذه الضوابط .
لكن في العراق ،ترتفع وتيرة المطالبة بأسقاط (النظام السياسي ) دون القدرة على التمييزبأن ذلك النظام السياسي ذاته ، هو من يتيح الحرية للذين يطالبون بإسقاطه ، انهم أشبه بمن يحاول قطع الشجرة ، التي يستظل بها ..

الواح طينية، علي عنبر السعدي، النظام السياسي
ــــــــــــــــــــــ