ثورة كربلاء المقدسة من أجل حماية القيم النبيلة ومنع إنهيارها
إياد الإمارة ||
مستوى التضحية الكبير في ملحمة عاشوراء الخالدة، الثورة، المدرسة، يجعلنا نقف لنسأل بقوة عن سبب هذه التضحيات التي لم تتوقف إلى يومنا هذا لأن ثورة الحسين السبط الشهيد عليه السلام ومدرسته ما تزال قائمة إلى يومنا هذا تتجدد في كل لحظة نعيشها بدون مبالغة.
ما الداعي لأن تقف ثلة الإيمان والشجاعة والبصيرة بشيخها حبيب، بزهير بن القين، بشيخ القراء برير، ببطل الهيجاء عابس، بجون الصبوح، بشبيه رسول الله صلى الله عليه وآله علي الأكبر عليه السلام بالقاسم وهو شاب لم يبلغ الحلم، بقمر العشيرة نافذ البصيرة العباس، برضيع تفتت كبره عطشاً فقطع نبل البغي نحره؟
لماذا وقف أبن بنت رسول الله ولا ابن بنت نبي على وجه الأرض غيره يجود بنفسه، وقد صرع الإرهاب التكفيري الأموي صحبه وأنصاره وآل بيته، وهو يقف شامخاً شموخاً محمدياً تهلل به وجه السماء؟
ألم يكن هناك أكثر من خيار وخيار أمام باب الحكمة ووارث العلم راعي الرسالة والنبوة؟
لماذا لم يسمع نُصح أخيه ويذهب معززاً مكرماً إلى حصن اليمن الحصين الذي يتمترس بحب علي عليه السلام وآله عليهم السلام؟
ولماذا لم تتوقف التضحية عنده هو ومَن وطن نفسه للقتل في سبيل الله تبارك وتعالى؟
لماذا أصر على أن يصحب عياله وآل بيته عليه وعليهم السلام إلى عرصات كربلاء المقدسة؟
الرضيع، رقية، وعليل كربلاء زين العابدين عليه السلام؟
لماذا يجود سيد شباب أهل الجنة عليه السلام بكل هذه القرابين بنفس مطمئنة وهو غير مبال أن وقع على الموت أو وقع الموت عليه؟
هل كان الإمام الحسين عليه السلام يجهل غدر آل أُمية وما فعلوه بأبيه وبأخيه عليهم السلام؟
هل خبر مكر اللعين معاوية ليطمئن للنزق يزيد شارب الخمور ومرتكب الفجور؟
لم يكن سيد الشهداء الحسين عليه السلام يمني نفسه أو مَن يصحبه بملك أو رئاسة بل لم يعر كل التحذيرات التي تصله أي إهتمام وهو يريد أن يصل لغاية مهما كانت التضحية التي سيقدمها..
وفي لحظة فارقة أحل أصحابه الخلص من بيعته وهو يخاطبهم بأن ليس للقوم اللعناء طلب غيره..
لا يريدون إلا رأس الحسين أبن بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم..
ما هو السر؟
ولماذا قال رسول الله(ص): إن ولدي هذا يُحيي ديني من بعد إندراسه؟
هل تعرض دين الله الإسلام المحمدي الأصيل إلى إنتكاسة تحتاج إلى كل هذه التضحيات الجسيمة لكي تُبقي هذا الدين حياً بين الناس؟
“إن مثلي لا يُبايع مثله”
“والله لن تمحوا ذكرنا .. ولن تميت وحينا”
“هيهات منا الذلة”
كل تلك القيم التي:
١. تُشخص الظلم والجور والبغي والتعدي وتقف في مواجهتها بكل قوة.
٢. تحرر الإنسان من العبودية لغير الله تبارك وتعالى.
٣. تدعو للخير والفضيلة وكل عمل صالح لله فيه رضا وللناس فيه صلاح.
هي السبب الحقيقي لثورة الحسين عليه السلام، مدرسته التي تنهل منها الأجيال إلى أن تشرق الأرض بنور ربها..
إن ثورة الحسين عليه السلام التي إنتصرت وتنتصر هي ثورة قيم بكل معنى الكلمة، لم تكن ثورة من أجل حكم قد يتمكن منه سيد الشهداء عليه السلام في مكان ما، ولم تكن من أجل إعادة حق مغتصب، بل كانت من أجل إحياء قيم السماء والمحافظة عليها بهذا المقدار الكبير من التضحية.
لذا انتصرت هذه الثورة وامتدت وأسرجت للإنسانية درساً خالداً يرتشف من معينه الأحرار في كل زمان ومكان.
ومن هذا المنطلق فإن على الحسينيين في كل زمان وفي كل مكان أن يسعوا جاهدين للمحافظة على القيم النبيلة ولو كلفهم ذلك التضحية بأنفسهم كما فعل سيد الشهداء الحسين عليه السلام..
إن ثورة عاشوراء ومدرستها وسراجها المشع من أجل القيم التي تحارب الإنحراف وتمنع الشذوذ وتقف أمام الظالمين وتنصر المظلومين..
وليس حسينياً من يستعير الرذيلة ويدعوا للإنحطاط ويتقاعس عن نصرة المظلومين ويحاول أن يملأ مذوده بالعفن من علف البهائم.
ـــــــــــــــ