الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

التعاطي الإعلامي حدوده ومخاطره على الفرد والمجتمع في المواجهة.

منذ سنة واحدة
الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

منتصر الجلي ||

تُعدُّ التكنولوجيا اليوم سلاحٌ ذو حدين، خاصةً مع توسع الشبكة العالمية ” الويب” ودخولها حيِّز الاستعمال العالمي في معظم حركة الواقع البشري اليوم اعتماداً على
” الإنترنت” واستخداماته المتعددة والأساسية في جميع مجالات الحياة، فهو عصب الحياة العامة وسرُّ حركتها ونهضة الشعوب وترديها.
واقع معاصر جدد الإنسان كل شيء وفي الثانية تُنتج آلاف الوسائل الحديثة، في سباق مع العصر، ومسايرة لكل جديد.
بيد أنه ومع تنوع أهداف الثورة التكنولوجية بين شعوب العالم وحكوماتها، وما تسعى له المجتمعات باختلاف توجهها العام،تنوعت المخرجات بين اقتصادية، ومعلوماتية، وعسكرية..ألخ، ومنها ما خُصِص لاستهداف الإنسان نفسه في فكره ونظرته واهتمامه في الحياة.

فكان غزو العقل البشري شيء لا بُد منه لدى قوى الاستكبار العالمي، في صرفه عن أولوياته المصيرية، وتحويله إلى أداة يسهل التحكم بها والسيطرة عليها عن بُعد، من خلال تسخير وتهيئة أساليب ووسائل ومحتوى إعلامي غير هادف يسعى إلى كسر حاجز المجتمع وصناعة عالم افتراضي حسب البيئة التي يميل إليها الأشخاص، وصنع واقع غير واقعه الحقيقي، حتى يصل إلى مرحلة الإدمان الإلكتروني، عبر ألعاب افتراضية، ووسائل تواصل اجتماعي، وتطبيقات غريبة، تعمل على خلق أجواء وهمية لمُدمِنيها على المدى القريب والبعيد.

يعمل النظام العالمي اليوم على المواجهة الإلكترونية وسلاح الفضاء المفتوح، بدون قيود أو حدود خاصة وأن اللوبي الصهيوني هو المتحكم في ما يُطرح ويُعرض في سوق التكنولوجيا، وما يمكن أن يصدَّر للدول النامية، وأي فضاء تسويقي يمكن فك خطوطه وتهيئة أساليبه.

عبر قنوات افتراضية بين المشتركين، ووسائل البحث وما ترغب به النفوس في كل مرحلة يُفتحُ خطاً معيناً وكلما اقترب الإنسان منه ازداد قيوداً وعُتمة.

ومن تلك الوسائل ” التواصل الاجتماعي”  موضوع العالم اليوم وباب الواقع الواسع الذي لا حدود لاستخدامه، وكذا لا إطار يحكم حركته وتوسعه، جمع العالم على رقعة واحدة هي ” رقعة الوهم المفتوح” أخذت التطبيقات تزداد عدداً وقدرةً ومهارة، إلى درجة عدم القدرة في التحكم بها أو منع وصولها وقد وصلت إلى كل فرد في البيت الواحد.

بالنسبة للحركة الإعلامية على مستوى وطننا هناك حركة إعلامية شعواء من جانب العدو، وحركة دفاعية في جانب آخر؛ الأول هي حركة يقودها أرباب النفاق وزعامة الباطل أمريكا ودول العدوان ومرتزقتهم، والثانية حركة شعبية وطنية أخذت تدافع عن الشعب ووطنيته وبقاءه وسيادته، في ظل هجمة شرسة من قبل الأعداء على استهداف هذا الشعب وزرع خلل في الجبهة الداخلية من خلال الغوغائيون: وهم جماعة منعزلة عن قيم الوطنية والشعور، فقدت مؤاهلات البصيرة، فسقطت في مستنقع دول العدوان سواء بقصد أو بدون قصد، من خلال سلبيات إعلامية يزرعونها للفت النظر عن الأولويات العامة، والتي هي مواجهة العدوان، وبناء الجبهة الداخلية وإصلاح مؤسسات الدولة، في حين يهرع الغوغائيون في تلك المواقع إلى أفكار وتحليلات ووقائع وطرح إعلامي غير متزن، يصب في صالح العدو، سواء تحت أي عنوان كان، دون النظر للنتائج السلبية المترتبة على ذلك من إضرار بالبلد ومصالحه العليا وقوامه المشترك.

إن التعاطي الإعلامي وإدمانه دون ضوابط يجعل من يتابعه وعقله في متاهة من التشتت الفكري، فيصبح آلة تلقائية تتفاعل مباشرة مع أي موضوع يقدم، المهم يتوافق مع غوغائيته التي أدمن عليها من مهاجمة للقوى الوطنية في البلد.

أصبح التعطاي الإعلامي سلاح امتلكه الكبير والصغير غير مقيد بحدود او ملتزم بأُطر تحدد مساراته، فضاعت بذلك الرؤى والاتجاهات، ولسعته أصبح العقل يتقبل كل ما دُّون على تلك المُدونات الإلكترونية دون النظر في ماهية وموضوعية ماقدم وأثره على النفس بمرور الوقت وعلى العلاقات حتى في نطاق الأسرة والمجتمع الواحد.

فالضابط الوحيد هو الشعور بالمسؤولية الدينية والإيمانية، وصناعة حركة إعلامية تصحح، وتفند، وتطرح  الرؤية الصحيحة مباشرة مع كل ما يدون وينشر في مطابخ العدو ومرتزقته.

إن الإدمان على التغطية الإعلامية الكاذبة وتلقيها من قبل المجتمع يهيئ نفوسا تتقبل حركة الباطل وتراه صحيحا، هذا نتيجة التعاطي غير المنضبط، والأخذ من أفواه الشياطين في حركتهم وتزيينهم للباطل، هذا فإن المسؤولية تقع في الاعتبار الأول على كل وطني غيور، ومؤمن صالح، يؤمن بحركة الصراع ومستوياته واتجاهاته المتعددة الأقطاب، ومواجهة كل ذلك مع البصيرة والوعي، واستنهاض الأقلام الوطنية أن تنهض بوتيرة أعلى وأدق، والتي استمرت تسعة أعوام في حركة دؤوبة في وجه الحركة الإعلامية لقوى العدوان ثبت ذلك من خلال ما سطرته تلك الأقلام في تلك السنوات،وانزعاج العدو منها.

فالوعي معيار لديمومة العمل وهو ما يجعل له ثمرة على الواقع، خاصة مع تحول المواجهة إلى الوسط الإعلامي حالياً بشكل أكبر من أي فترة مضت من أيام العدوان، فحريٌّ أن يكون تعاطينا الإعلامي بأسلوب وفهم ومعرفة مضامينه، وكيفية التعامل مع ما يُطبخ في ماكينا العدوان وصناعة المضاد الإعلامي، كما صنع رجال الرجال المضاد العسكري.