ما هي الآيات الموجودة في القرآن الكريم حول الشفاء والوقاية من العين و الحسد؟..
د.مسعود ناجي إدريس ||
للقرآن واجبان أساسيان تجاه الإنسان: أولاً: تطهيرهم من كل مرض وعيب وظلمة ونقص فكري وخلقي وعملي. ومن ثم، لكي تنبت أزهار الفضائل الإنسانية، يرشدهم ويربيهم على القيم والصفات المقبولة عند الله. يقول الله تعالى عن هذا:«وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَ رَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَ لاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا; (الاسراء، 82) وفي هذه الآية الكريمة يشير “الشفاء” إلى مرحلة التطهير الداخلي، و”الرحمة” تشير إلى مرحلة الهداية نحو الله. نعم، القرآن وصفة شفاء لأي انحرافات دينية وأخلاقية.
من أراد أن ينقذ نفسه من مرض الشرك والجهل والكبر والحسد والنفاق والكذب والغيبة وقبح الأعمال وغيرها، فإن العلاج في القرآن. يقول الله تعالى: «قَدْ جَآءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ; (يونس، 57) .»
يقول الامام علي (عليه السلام): اطلبوا الشفاء من هذا الكتاب السماوي العظيم لأمراضكم، واستعينوا به على حل مشاكلكم؛ لأن هذا الكتاب فيه شفاء أعظم الآلام: ألم الكفر والنفاق والضلال .»
بالطبع فإن هذه الوصفة كغيرها من الاوصاف لها تأثير على قلب الإنسان وروحه عند اتباعها. ويظهر تاثيرها عندما نقبلها ونعمل بأمرها في مجالات العلم والوعي، والعدل والعطاء، والتقوى ، والتوحيد والإخلاص، والإيثار والجهاد، وغيرها. ثم سنرى بسرعة أن الفوضى التي لدينا ستنحل عقدها.
هناك روايات كثيرة في طلب الشفاء من آيات وسور القرآن، جمعها المرحوم العلامة المجلسي رحمه الله في كتاب بحار الأنوار، المجلد 92، باب فضائل السور من القرآن والآيات.
وفي الوقت نفسه، فإن طلب الشفاء في سورة الحمد والتوحيد أكثر تأكيدا؛ كما نقل عن الامام الباقر (عليه السلام) في كتاب طب الائمة قال: «من لم يبرئه سورة الحمد و قل هو اللّه أحد لم يبرئه شيء، و كل علّة تبرئها هاتين السورتين3» روي عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «لو قرأت الحمد علي ميّت سبعين مرّة ثم ردّت فيه الروح ما كان عجباً». وغني عن القول أن هناك شروطاً في فعالية آيات القرآن؛ بحيث لا يتعارض الشفاء مع مصلحة لها افضلية على الشفاء؛ لأن المرض قد يكون مهماً للنفعية؛ كما أن من يستعين بآيات القرآن يجب عليه أن يفعل ذلك بثقة ويقين وغيرها من الشروط… أما فيما يتعلق بالعين فالآية الشهيرة 51 من سورة القلم هي. «وَ إِنْ يَكادُ الَّذينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون; (القلم، 51) »،
وهذه الآية تتبع ما ورد في أول هذه السورة من الجنون الذي اتهم به النبي الكريم من قبل الأعداء، وتخبر الرسول الكريم عن شر العين. ويقال أن العين كانت شائعة في قبيلة بني أسد. فيظل الرجل من رجالهم ثلاثة أيام جائعا، ثم ينظر إلى الشيء الذي مر به، فيقول: ما رأيت مثله قط. فقرر بعض الكفار أن يفعلوا بالنبي نفس الشيء حيث عصمه الله من تلك المكيدة وأنزل هذه الآية على قلبه المبارك.
اختلفت الآراء في تفسير هذه الآية: قال كثير من المفسرين: المعنى أن الأعداء عندما يسمعون منك آيات القرآن العظيمة يغضبون ويضطربون وينظرون إليك بعين العداء كأنهم يريدون أن يطرحوك بأعينهم على الأرض. وقال آخرون: هذه إشارة إلى نظرات الغضب الشديد؛ كما نقول:
نظر إلي أحدهم نظرة سيئة للغاية وكأنه يريد أن يأكلني أو يقتلني بنظرته. وهناك تفسير آخر لهذه الآية هو أن القرآن أراد أن يبين التناقض العجيب الذي كان بين أقوال أعداء الإسلام بهذه العبارة، وأنهم إذا سمعوا آيات القرآن انبهروا وتعجبوا ومقابل هذا الاعجاب يريدون ان يضربوك بالعين ويحسدوك لأن العين والحسد عادة ما يكون أمام الأشياء المثيرة للدهشة للغاية؛ ولكنهم في نفس الوقت يقولون: أنت مجنون وهذا أمر مدهش حقًا.
يعتقد الكثير من الناس أن بعض العين لها تأثير خاص، حيث أنها عندما تنظر إلى شيء ما على حين غرة، فإنها قد تدمره أو تسحقه، أو تصيب الإنسان بالمرض أو الجنون. وهذه المسألة ليست مستحيلة من وجهة نظر العقل؛ يعتقد العديد من العلماء اليوم أن هناك قوة مغناطيسية خاصة مخبأة في بعض العيون.
وفي الروايات الإسلامية ثبت وجود مثل هذا (العين الحاسدة) بألفاظ مختلفة. قال الامام علي (عليه السلام):
: «العين حقّ و الرّقي حقّ; »
وللسلامة من العين هناك تعليمات في قسم الباقيات الصالحات هامش في كتاب مفاتيح الجنان مثل: قراءة الآية«و إنْ يكاد» (القلم، 51)، وتكرار «ماشاء اللّه لاقوة الاّ باللّه» ثلاث مرات و…8 وقد جاء في عدة روايات أيضاً : «الصدقة تدفع البلاء» ولذلك، فإن تقديم الصدقات سيكون أيضًا فعالاً في البقاء في مأمن من العين والحسد .