للراحلين في منفى الوطن ..
منهل عبد الأمير المرشدي ||
إصبع على الجرح
شاء الله في اجله المحتوم ان يكون موعد رحيل كوكبين من نجوم الفن والأدب في يوم واحد وذات الليلة .. حيث افتقدت العراق كريم العراقي الذي غازل بغداد في إحدى روائعه كما يشدوا الحبيب لحبيبته وهو يقول لها بغداد وهل خلق الله مثلك في الدنيا اجمعها ..
كريم العراقي الذي كانت مفردات ما يجود به من شعر الغريب المهاجر جواز مرور لنجومية الفنان كاظم الساهر فكانت ثنائية لن تتكرر . وارتحل العراقي بعيدا عن العراق كما ارتحل السياب وفائق حسن وقاسم جبارة ومثلهم الجواهري ونازك الملائكة وزها حديد وغيرهم من قامات الفن والعلم والأدب في فضاء الحرية وفي بلدان الجوار على أسرة الشفاء وحسرة الفراق وظلم اصحاب القرار وتجاهل الرعاع من سلاطين اللحظة وصراع الغافلين .
ارتحل كريم العراقي الذي لم نلحق ركاب الحزن لنكتب له رثاء وحزن وهو من قال ( شَكْوَاكَ لِلنَّاسِ يا ابنَ النَّاسِ مَنْقَصَةٌ ..
وَمَنْ مِنَ النَّاسِ صَاحٍ مَا بِهِ سَقَمُ ) حتى جاء من يعلن في صفحات الحزن والحداد عن رحيل صوت الارض ومطرب الشجن الأصيل الفنان ياس خضر . هكذا ارتحل ابو مازن وقد فارقنا صوت الريل واهات حمد من زمن بعيد لكن طعم القهوة وعطر الهيل لا زال عالقا في اذهان كل متذوق رفيع وعقل يعي ما كان لاغاني ياس خضر من وزن ومعنى ولا زلنا نتذكر همس الخائفين ان اغنية البنفسج وشلون اوصفك وانت دفتر وإنه كلمة .. انها كانت صوت معارضة وطنية بقلم الشاعر الكبير مظفر النواب . وكم هي تشدو في القلب ( روحي ولا تكَلها: شبيج
وانت الماي مكَطوعة مثل خيط السمج روحي ..
حلاوة ليل محروكَة حرك روحي.. وعتبها هواي ما يخلص عتب روحي ..) .
رحل كريم العراقي ورحل ياس خضر وكأننا في وداع من غير وداع ورحيل من غير تنسيق من اطلال ما تبقى من روعة العراق وجمال العراق وحلاوة العراق ..
لا تقل لي بعضهم غنى للمقبور صدام في الزمن المجنون تحت سطوة البعث الهدام وابنه المخبول عدي فمن لا يستجيب للطاغوت يحكم بالإعدام كما راح صباح السهل من غير تأبين ولا شيء من حداد .
هي رسالة حزن من القلب لمن كان يسمع او يعقل او يستحي على الأقل ان تفتحوا ابواب الوطن لتحتضنوا اسياد الكلمة والفن والابداع فلا طعم للعراق من دونهم ليكملوا عظمة الوطن المغسول بدماء الشهداء الابرار من الأشراف والغيارى الذي حاربوا البعث والدواعش والانجاس . احتضونهم ولا تتمادوا بظلمكم لهم في مكافئة هي أشبه بالإهانة لهم من فيض خزينة اللصوص والفاسدين والمنافقين ..
احتضنوهم فمهما سمعتم وقرأتم وعرفتم فاعلموا ان غاية ما يتمنى العراقي الأصيل في الوطن او في بلاد الغربة هو ان يضمن مكان لجسده المسجى في ثرى العراق ولا شيء عنده في لحظات الفراق غير قبر يحتويه قي ثرى العراق.. ولا اله الا الله الذي يتغمد الاموات بواسع رحمته وهو أرحم الراحمين .. وإنا لله وإنا اليه راجعون..