إرحموا من في الأرض..!
إنتصار الماهود ||
يتكرر كثيرا هذا المشهد أمامي تقريبا كل يوم، رجل كبير في السن يرتدي زي عامل النظافة يطوف شوارع بغداد يجري خلف عربة أمانة العاصمة يلتقط ما يرميه المارة والسيارات من نفايات في الشوارع، مهما كان الطقس سيئا، سواء تحت اشعة شمس العراق اللاهبة أو أمطاره التي تملاء الشوارع نراهم يتناقلون بهمة متعبة لإنجاز عملهم اليومي، ذلك العمل الذي أشقاهم وأضناهم لكنهم مجبرون عليه فلا بديل له وهو باب رزقهم الوحيد الذي يعرفونه، رغم المبالغ القليلة التي تسلم لهم كإجور يومية والتي لا تتجاوز ال 500 الف دينار و عدم وجود ضمان صحي أو إجتماعي يتناسب مع حجم الخدمة التي يقدمها عامل النظافة في العراق
فلك أن تتخيل كيف سيكون حال العاصمة دون عمال النظافة وفي ظل وجود ثقافة سيئة يتبعها أغلب الموجودين من إهمال وعدم إحترام لقواعد الآداب والسلوك العامة، نعم لا تستغربوا كلامي فمن خلال متابعاتي الكثيرة والمكثفة لما يحدث أرى إن الكثيرين لا يملكون ثقافة نظافة صحيحة تناسب التطور الحاصل في البلد فالكثير أراهم يرمون نفاياتهم في شوارع العاصمة وأزقتها دون إحترام للثقافة العامة أو على الاقل قواعد الصحة والنظافة.
العم أبو فلان لا أريد أن اذكر إسمه إحتراما لطلبه صادفته في أحد شوارع بغداد في جانب الرصافة يتحدث عن وضعه قائلا” بوية آنه رجال جبير عمري عبر ال60 وانه عقد وبيتي اجار الله كفيلج وولدي اثنين متزوجين وعايشين وياي واحد عمالة والثاني منتسب ويادوب نلحك ع الآجار والعيشة وتعرفين الوضع شلون صعب، لا عندي ضمان صحي أكدر أجيب أدوية السكر مالتي ولا أكو باجر عگبة تقاعد أستلمه وأرتاح وأكول سهلة، ولا أحد ياخذ شغلتنا صدك ويسويها “
سألته عمو شنو شغلتك فهمني يجوز نكتب عنها ويطلع مسؤول إبن حلال ويسعى ويانا بيها؟
“بوية نريد تقاعد كون بيه حظ يكفينا على كبرتنا نريد ضمان صحي بوية نتعالج بيه ترة ادوية السكر والضغط غالية ومحد يوفرها، أريد كويعة ضمان لوليداتي من تغمض عيني وأهم من كلها بوية اريد الاحترام من الوادم انه مو زبال، انه انظف زبايل الوادم “
كلما العم تلك نزلت كالصاعقة فوق رأسي رغم أنني لم اتفاجأ منها، نعم فالناس هنا يعاملون عامل النظافة كما لو كان مواطن من الدرجة العاشرة وأنهم هم المتفضلون عليه بجمع نفاياتهم،
تلك الشريحة المظلومة لا حكومة تضمن حقوقهم ولا مواطن يقدر ما يبذلون من جهد، تخيل أن تكون شوارع العاصمة بلا عمال نظافة هل ستغدو بغداد أجمل؟
ولا ننسى قصة أحمد ذلك الفتى العشريني طالب في الصف السادس العلمي يدرس ويعمل لكي يوفر أجور دراسته ولا يحمل والدته الأرملة التي تعمل كخبازة حملا فوق حملها الثقيل.
الكثير من القصص التي أسمعها وأسجلها وأنا أتجول في شوارع بغداد، معظمها قصص كفاح مؤلمة لأناس كادحين يأكلون من عرق جبينهم لم يمدوا يدهم للحرام رغم المغريات المحيطة بهم في هذا الزمان الصعب .
يا ترى هل هنالك من المسؤولين الحكوميين الذين سيأخذون هذه الشريحة المكافحة المجاهدة بعين الرعاية والاهتمام، أم سيمر موضوعهم مرور الكرام.
ننتظر و وأنا معكم من المنتظرين وبقت يم االله والخيرين.