في أجواء الحسين علم اجتماع الشعائر والطقوس
علي عنبر السعدي ||
– ما يُجمع في عام – يذهب في يوم
– إشارة بدء لمُثل عميقة السمات .
– علم جديد لمظاهر قديمة .
علم الاجتماع من أكثر العلوم الانسانية ،قدرة على قراءة الظواهر والتفرع في دراستها ، حتى بات يطلق عليه (العلوم الاجتماعية) لتنوع اشتغالاته بين السياسة والتاريخ والأديان والاقتصاد وغيرها .
ظاهرة واحدة ،لم يجر بعد التخصص في دراستها وايجاد فرع اجتماعي لها ،بالإمكان أن يطلق عليه (علم اجتماع الشعائر والطقوس) خاصة ذات الجذور الدينية التي تتحول الى فعل جماعي شامل ،يصعب الحكم عليه بكونه مجرد ظواهر اجتماعية وحسب .
ماالذي يجبر عجوزاً تجاوز السبعين من عمره ،أن يقطع مسافات طويلة بمسير أبعد من التصور على انسان بهذا العمر ،لزيارة مرقد إمام مضى على مصرعه عشرات القرون ؟أو طبيباً متخصصاً بدرجة بروفيسور ،يقوم بمسح وترقيع أحذية الزائرين ؟؟
ماالذي يجعل جهوداً استمرت طوال عام ،وصرفت عليها أموالاً طائلة ،وشارك فيها مئات الالاف من الاعلاميين والناشطين ومواقع التواصل ووسائل اعلام ودعايات ودعوات الى التحضر ووصم مثل هذه الطقوس بالتخلف والجهل وكل ما تبقى من الصفات ، حتى يبدو المشهد وكأنها دفنت بلا رجعة ، ثم وفي يوم واحد ،تتبعثر كل تلك الجهود ويزحف الملايين الى مراسم الزيارة – بما فيهم من تولوا الطعن فيها.
ذلك أبعد من أيديلوجيا ،حيث تتحول الفكرة الى عقيدة ،يمكن الانفضاض عنها ، وأبعد من ميثولوجيا ،يتم فيها أسطرة الحدث وجعله مرتبطاً بالسماء، فممارسو تلك الطقوس أو الشعائر ،ليسوا بالضرورة من الملتزمين دينياً ،وقد يأخذ بعضهم الحماس الاجتماعي بالمشاركة ، لكن اشتقاقاً من ذلك ،تتفرع اسئلة : كيف تُخلق عوالم من المُثل الروحية والسلوكية التي تندر في الأيام الأخرى ؟ لماذا يتحول البخيل الى كريم دون حساب ؟ ويتحول الحاقد والاناني والشرير ، الى مخلوق وديع متسامح ؟ وكيف يتحول المتعجرف المتكبّر ، الى متواضع مستعد حتى لفرك اقدام الزائرين ؟ هل هي شعائر عقائدية وحسب ؟ أم طقوس جمالية اجتماعية ؟ ام تغيرات نفسية /سلوكية ؟
لايمكن لتلك الأسئلة أن يجيب عنها علم الاجتماع الحالي بفروعه المختلفة وبما توافر لديه من وسائل البحث ،ولا علم النفس بما يسير عليه من نظريات وتحليلات فرويد أو كارل يونغ أو آخرين ، فهناك ماهو غير منظور ،وليس خاضعاً لتحليل تقليدي بعد .
هي الحاجة الى علم اجتماع جديد .انطلاقاً مما تفعله كلمة واحدة لاسم واحد ، مضى على مصرعه أزمنة امتلأت بالمتغيرات ، اسم يسير باتجاه تصاعدي ،وكأنها اشارة بدء لانبثاق إنسان آخر ، ليس هو الذي عرفناه في الأيام الأخرى .
(*)
– الطقوس ،من طقس ،أي حالة الجو من صحو وغيم ،حيث كانت الشعوب تحيي مناسباتها وأعيادها حسب فصول السنة ،كأعياد الأكيتو في فصل الربيع ، أو مناسبة الأربعين وهي ايام المطر والأجواء الباردة وكانوا يعتبرونها اياما مباركة.
اما الشعائر ،فمقتبسة من الشعور بالرضا حين تأدية الفرائض الدينية وما يعقبها من اطمئنان روحي وارتياح نفسي عند المؤمن ..