الثلاثاء - 08 اكتوبر 2024

الإصلاح لايعني تراجع التدين..!

منذ سنة واحدة
الثلاثاء - 08 اكتوبر 2024

نعيم الهاشمي الخفاجي ||

 

الإصلاح أمر ضروري يتم من خلاله مراجعة أفكار اي حركة سواء كانت سياسية أو دينية، يتم من خلالها أخذ الاعتبار بمطالب الشعب، وكل حركة سواء تكون دينية او سياسية فإنها تمر في تحولات خلال فترة حركة الحزب السياسي أو الديني سواء كان حزب ديني أو حكم مذهب معين بالدولة بموافقة الحاكم سواء كان ملك قيصري أو رئيس عربي وصل في انقلاب عسكري وبقي جاثم على صدور شعبه إلى الأبد.

بلا شك مراجعة الأفكار تتم من خلال وقوع تحولات خلال فترة الحكم وتكون هذه التحولات لدى من يملك أمر الإصلاح السياسي أو الديني، في الدول التي يحكمها رئيس أو ملك يملك كل شيء، بيده السلطة، مراجعة الأفكار بحد ذاتها، تكون بلا شك تحولات ومراجعات  كبيرة وإيجابية، وبالتأكيد يوجود عناصر ضمن الحزب السياسي أو من رجال دين المذهب المتطرف الحاكم يرفضون الاصلاحات، بطبيعة المتطرفين  يكونوا  غاضبون وإن وجد لهم  وضع يؤمنون المحاسبة، ألسنتهم تكون طويلة، يقومون في إطلاق  دعايات واشاعات بالتحذير من خطر الإصلاح للحزب السياسي أو المذهب الديني الحاكم، ويقولون لاتباعهم أن الإصلاح يجعل الشعب والمجتمع، يصبح تدينهم تدين شكلي وفارع من جوهر الإيمان.

مشكلة أنظمة دول الرجعية العربية عندما يحكمون شعوبهم بعقلية دينية بدوية وهابية متخلفة طيلة مائة عام، وبين ليلة وضحاها يقوم الحاكم برفع شعار إصلاحي يركز على إقامة الحفلات الغنائية الماجنة، ويسمح لشعبه بعد مائة عام بفتح دور سينما بينما دول العالم بدأت تستغني عن دور السينما بظل وجود قنوات اتصال تقوم ببث كل الأفلام والمسرحيات بالعالم بالصورة والصوت مقابل اشتراك مالي رمزي.

الاصلاح الحقيقي للدين الوهابي يتم اولا من خلال الابتعاد عن كل أفكار ابن تيمية، وحذف كل فتاوى التكفير والكراهية، بعدها يكون الإصلاح الديني سهل، أما بظل وجود تدريس عقائد التكفير في المدارس والجامعات، فهذا إصلاح لا قيمة له،  لذلك إقامة الحفلات الغنائية الماجنة ليست إصلاح، بل شيوخ التكفير يستغلون كل حفلة موسيقية،  أو فيلم سينمائي، أو بطولة رياضية لبث اشاعات تحذر الشعب والناس ان البلد والدين يسير نحو الهاوية، ويكون عندهم نوع من المصداقية.

الانظمة الديمقراطية تحكمها دساتير، عندما نقلتني الامم المتحدة من سجون ال سعود الى مملكة الدنمارك، كان عندي اصدقاء ودعوني في السعودية،  وبعضهم متألم انني ذهبت إلى بلدان يكثر بها الفساد، لكن عندما وصلت للدنمارك وجدت ان هناك حرية مطلقة ممارسة أي شعائر دينية وبدون ان تتعرض للمحاسبة والاعتقال مثل ما كان يفعله صدام الجرذ الهالك معنا، أو مافعلته الشرطة الدينية السعودية معنا، أن الإصلاح الحقيقي يتطلب،  اطلاق الحريات لشعوب الخليج بشكل عام والشعب السعودي بشكل خاص وحذف فتاوى التكفير والكراهية، إن هذا الإجراء الإصلاحي  يزيد من التدين والإخاء والمحبة، وجود حرية دينية مع حذف فتاوى التكفير بالسعودية تجعل  المجتمع السعودي  أكثر تديناً وأقل تطرفاً.

التدين المعتدل مع وجود  حرية، والامر  من قبل السلطات السعودية إلى مشايخ الإفتاء في هيئة العلماء الكبار، بحذف فتاوى التكفير، ودعم فتاوى الاعتدال، إذا تم ذلك، عندها يكون  فعلا  الإصلاح حقيقي  ومختلف بشكل كبير وجذري عن تدين عصابات لجان الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، العناصر الوهابية الراديكالية  يريدون استمرار  التدين الوهابي التيمي التكفيري في   فرض نمط وفهم إلى ابن تيمية وفرضه بالإكراه على الناس في المدارس والجامعات والأسواق والمساجد والحياة العامة وفي  الملاعب الرياضية ومنع المرأة من الذهاب للمدارس، حركة طالبان وبعد تسليمها الحكم من قبل إدارة بايدن اتخذت قرار بمنع النساء من الذهاب للمدارس هؤلاء يمثلون الفكر الديني الوهابي الحقيقي الموجود بالسعودية.

هناك حقيقة أئمة المساجد والخطباء ولجان الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف كانت ولا زالت الدولة السعودية ودول الخليج  يتم منحهم صلاحيات واسعة ونفوذاً كبيراً على المجتمع السعودي والخليجي بالتأكيد يقفون ضد عملية إصلاح تسبب في  انحسار حصولهم على الأموال والنفوذ.

النظام بالسعودية بقرار واحد يستطيع نشر الاعتدال وبلا شك يتراجع هذا التعصب ويصبح غالبية المشايخ دعاة اعتدال وتسامح، الخلاف المذهبي والتطرف والتكفير تقف خلفه قضايا سياسية ومصالح استعمارية صنعت الوهابية وصنعت أنظمة عربية رجعية مرتبطة في الاستعمار، بلا شك نحن سعداء إذا تراجع عند السعوديين الفكر التكفيري  الذين يؤمنون به، أكيد يكون اضمحلال إلى الفكر  الوهابي المتطرف  ويزدا  في المقابل التدين الحقيقي المعتدل الذي يسهم في نشر الاعتدال والمساواة ويساهم في وجود عيش مشترك.

الأنظمة التي تريد لنفسها البقاء عليها احترام أفكار  ومذاهب شعوبها  من دون أن تفرض على شعوبها نمط ديني بدوي متخلف  بالقسر والإكراه على الطريقة الطالبانية.

الشعب السعودي يضم  مجتمع متنوع متعدد الثقافات والمذاهب والأفكار ويضم قبائل عربية محترمة واصيلة تحتاج إلى تدين معتدل، المجتمع السعودي يضم الكثير من المجنسين من جنوب شرق آسيا ومن بلاد الشام ومن الهنود والباكستانيين ويضم مذاهب مختلفة ومتعددة  وجميعهم يحتاجون إلى  التعايش السلمي والمشترك ضمن دولة واحدة.

خلال وجودي عدة سنوات بالسعودية، وبسبب بطش رجال الدين المطاوعة ولجان الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، رأيت كل المواطنين السعوديين الشيعة والمتصوفة والمالكية والشافعية يضطرون للصلاة في مساجد الوهابية ويخفون عقائدهم خوفا مع سيطرة  الفكر الوهابي السائد، يجبرون الناس على استخدام التقية أو الكذب لاتقاء شر الوهابية،  ، الآن وحسب ما نسمعه من بعض الأشخاص السعوديين أن الشرطة الدينية قد تم تحجيم أذاهم عن الناس، وأصبح الكثير من السعوديين يستطيعون القول عن مذهبهم لكن القضية تحتاج تدخل من ولي العهد السعودي في  إلغاء عقائد التكفير التيمية، فرض الفكر الوهابي بالقوة على الناس  لا يمكن أن يبني مجتمع مسالم ومتحد بل يوجد مجتمع ممزق ومهزوز في داخله وأرض خصبة للتدخلات الخارجية بشؤون كل دولة تعاني من سيطرة مذهب طائفي على شعب متعدد المذاهب والثقافات.

وجود حريات لابناء المجتمع يجعل المواطنيبن يشعرون  أكثر بالانتماء للوطن.

لا يوجد تعارض بين التدين والتحضر، الفقه الشيعي واكب التطور لأن باب الاجتهاد مفتوح وترى فقهاء وعلماء الشيعة اوجدوا أحكام شرعية تتطابق مع تطور الطب والعلوم  والفنون والإبداع واصبحت البيئة الشيعية ولله الحمد  تحتضن ومنذ عهد أئمة ال البيت ع  جميع الأديان والثقافات والأعراق والإثنيات

على سبيل المثال، سأل الإمام علي ع عن حكم السلام على العاصي،  عن علي بن الحسين، عن أبيه عليهما السلام،  إنّ ابنَ الكُوّا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال،  يا أمير المؤمنين، تسلّم على مذنب هذه الأمّة،  فقال عليه السلام،  «يراه الله عزّ وجل للتوحيد أهلاً، ولا تراه للسلام عليه أهلاً».

في الختام نحن بشر ونحن عرب ونحن مسلمون منا السني ومنا الشيعي ومنا المتصوف ومنا الحنفي والشافعي، ولاسبيل إلا بالعيش المشترك، يكفي قتال وذبح مئات السنيين.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

4/9/2023