نحن في خطر.. فكروا معي
د.نعمه العبادي ||
تخيل ان احدهم تحدث لك ودعاك الى منهج منحرف وسلوك عقائدي سيء، وقال لك: تعال لنسقط سمعة مذهب التشيع او نشيع بين ابنائه الفاحشة، او نقوم بحرف الطقوس والشعائر عن منهجها، او ان نكفر بالامام والولاية ونفسد فكرة المهدي عجل الله فرجه، او قال لك: اترك الصلاة والعبادات وكل ما امر الله به، فإن الجواب الطبيعي للمعظم هو الرفض والامتناع، وبشكل مباشر، تدرك، ان هناك ابعاد تقف وراء هذا العمل.
لكن، تخيل الآن، ان احدهم جاء إليك وقال لك: ما هذا الاعتقاد الفج والظاهري والمفرغ من الروح بأهل البيت عليهم السلام، ثم قال لك، أي عقيدة هذه التي تساوي بين اهل البيت والناس العاديين، بل كيف يتم مساواة اهل البيت بأنبياء ورسل بعثوا الى ثلاثة او اربعة، وهل يمكن لهذه الروايات الظاهرة ان تعرف وتدرك حقيقة اهل البيت، ثم اثنى لك وقال: اعرض عن هذه الكتب والروايات والاحاديث التي ينشغل بها العامة، فهناك اسرار لا يدركها إلا الخاصة ثم صار يزودك بما يدعي انه من كلام الخواص، وهكذا صار يستطيع ان يقول لك، ان هذا القرآن الذي بين الايدي لا قيمة له وهو مجرد نصوص تنظيمية لا روح فيها، وهكذا ينسحب الكلام بإتجاه كيفية التعجيل بظهور الامام الذي يخرج الدين الحقيقي، وان حجم الفساد ليس بالقدر الذي يضطره للخروج، لذا تعال نعجل بظهوره ونختار بعض الافعال المستفزة مثل زنا المحارم او غيره، ونحن لا نقصد الفحش، بل نقصد التعجيل لا اكثر، وتعال لنقوم بالعزاء بطريقة مختلفة تؤكد طبيعة تعلقنا بالامام، وهكذا يتم ابتداع اشكال من اللطم الخاص والشعر الذي يختلف عما يتم تداوله.
ثم جاء إليك بوقت آخر، وقال لك، هل تأملت في حقيقة هذه العبادات وحركاتها الساذجة التي ينشغل فيها التافهون والبسطاء، فهل نبلغ ادراك حقيقة الايمان من خلال هذه العبادات، فالعبادة الحقيقية هي من خلال احساس القلوب والارواح ولذلك لا نحتاج الى هذه الصلاة وهذه العبادات التي لم توصل احد الى اليقين.
يقودك في مرة جديدة، لأحدهم الذي يتحدث بصوت خافت ونبرة منكسرة، وهو يتحدث عن الفيوضات والعطاء الرباني الخالص الذي اختصه الله به، وهو يدس بين ذلك رغبته في تعليقك به وانقيادك له…
وبعد ان تصحب مجاهرا بكل هذا، وناقما على كل شيء محل احترام ووفاق في المذهب، وبعد ان تترك كل العبادات وتنغمس بالرذائل، يزيد من مدحه لإيمانك وقوته ووصولك للحقيقة..
تصوروا ان الامر يتطور الى إزالة المراقد وانهاء الحوزات والتخلي عن القرآن الكريم والكفر بالشعائر المعهودة، وهكذا تتورط في دعوى الربوبية لغير الله، وينسحب الكلام لتفاصيل كثيرة…
من المؤكد، ان الدعوة الثانية تجد أذان صاغية وقبول لدى النفوس الضعيفة والبسيطة والشاة المنفلتة من السرب، ومن خلال تزييف الكثير من الرويات والاحاديث..
اذن نحن أزاء خطين من الانحراف المنظم الموجه بعناية وتخطيط لهذا المذهب وابنائه، فمن جهة هناك اتجاه توظيف الرغبة في الحرية المطلقة، والعودة الى مرجعية الانسان، وهكذا الدخول في نفق الليبرالية المنفلتة التي تنتهي بما نراه من السلوكيات الاخلاقية المنحطة وفي مقدمتها الشذوذ، والخط الثاني هو الذي يأتي لابسا جلباب العقيدة وخداع السذج بطروحاته التي تنتهي بنا الى ذات الخط الاول، والنتيجة واضحة.
نحن أزاء خطر عظيم يحتاج الى جهد مضاعف من العلماء والمفكرين والمؤمنين للقيام بما ينبغي.
ملاحظة : قد يتصور البعض ان هذا التحدي يساوي ان الاتجاهات الدينية الاخرى والمذاهب الاخرى من غير الشيعة هي في خير وسلامة فكرية وايمانية، والجواب كلا وألف كلا، فالاتجاهات الاخرى بالاساس تم العمل عليها منذ منطلقها، وفيها ما فيها، وان هذا الجهد هو محاولات جادة لإسقاط وتحطيم مصادر القوة في هذا المذهب العظيم (اي التشيع) الذي وقف في وجه كل خطوط الانحراف، ولا يزال صامدا، لذا لا مناص من تحطيمه.
#نعمه_العبادي
اطفال بكل براءة يخدمون زوار الحسين عليه السلام