الجمعة - 17 يناير 2025
منذ سنة واحدة
الجمعة - 17 يناير 2025

نعيم الهاشمي الخفاجي ||

 

‏هناك حقيقة الغالبية الساحقة للأنظمة العربية معينين من دول الاستعمار التي رسمت حدود الدول العربية، واجبهم خدمة مصالح المستعمر، لا توجد لدى الأنظمة العربية  أية مشاريع حقيقية، إنما هم مجرد أدوات لتنفيذ وتمويل حروب  مشاريع الآخرين، سواء كانت حروب ساخنة او باردة، فهم ممولين جيدين لإشعال الصراعات خدمة لمصالح الدول الاستعمارية.

الدولة المصرية بغض النظر عن انفراد رؤساء حقبة الجمهورية المصرية بعد إسقاط النظام الملكي المصري، لكن لدى الشعب المصري هامش قليل من نقد النظام السياسي، ولديهم أحزاب ومنظمات سياسية، وإعداد المصريين الذين تم اعدامهم من قبل السلطات المصرية جدا قليل ولايمكن مقارنة ذلك في ملايين العراقيين الذين اعدمهم صدام الجرذ الهالك.

السفير المصري  سيد أبو زيد، والذي كان  سفير جمهورية مصر العربية في بغداد، خلال حماقة صدام الجرذ في  غزو دولة الكويت، كتب مذكراته ومشاهداته قبل واثناء غزو صدام الجرذ لدولة الكويت، اسم الكتاب «مصر وعراق صدام حسين»، والسفير السابق كتب ما سمع وما شاهد،  تصرفات صدام الجرذ قبل حماقته بغزو الكويت وأثناء الاحتلال ومجيء القوات الأطلسية والعربية للخليج لتحرير دولة الكويت وسرقة ثروات العرب، السفير المصري قال الحقيقة، التي نحن نعرفها شخصيا، حيث كنا بتلك الحقبة بالعراق، عندما شكل صدام الجرذ مجلس التعاون العربي الذي ضم الأردن ومصر واليمن بزعامة العقيد علي عبدالله صالح وجمهورية السودان بقيادة أحباء صدام الجرذ من حركة الإخوان بزعامة الترابي وعمر البشير، وكذلك كان معهم ياسر عرفات، أتذكر  كنا بجلسة خاصة، ودار حديث بيننا، كان عددنا ثلاثة ضباط، قلنا ان صدام يخطط لغزو دول الخليج بمساعدة اليمن ومصر، لذلك السفير المصري نقل نفس ما قلناه بالعراق في مجلسنا  الخاص.

السفير المصري يتحدث عن لقاء جمعه مع وزير الداخلية العراقي، العتال سمير عبدالوهاب الشيخلي، قيام العتال سمير بدعوة السفير لم يكن ذلك بقرار منه، بزمن حكم صدام الجرذ يمنع منعا باتا قيام وزير او عضو بعثي او شيخ عشيرة في دعوة سفير أو استقبال سفير في داره أو في اي وزارة. يكون مصيره الإعدام.

لذلك العتال سمير الشركسي، وجه دعوة للسفير لزيارته   في مكتبه في وزارة الداخلية العراقية، بأمر وموافقة من صدام الجرذ.

لدى مجيء السفير المصري   كان معه عدد من الدبلوماسين العاملين  في  السفارة المصرية ببغداد، وبعد انتهاء الحوار، العتال سمير الشيخلي طلب من السفير لقاء خاص بدون وجود أي شخص آخر،  وكذلك العتال سمير الشيخلي أيضا طلب  من حاشيته  الذهاب  إلى غرفة أخرى من غرف الوزارة، لكي ينفرد مع السفير في مناقشات خاصة.

فكان قول العتال سمير الشيخلي إلى  السفير المصري،  أن القيادة العراقية مستغربة بشكل جدا كبير، من موقف مصر من ضم الكويت للعراق، وقال العتال سمير الشيخلي  أننا كنا نتوقع الترحيب من القيادة المصرية  وليس المعارضة، وسرد له مواقف دول الخليج في إعطاء ثروات الخليج لدول الاستعمار وعدم توزيع الأموال على الشعوب العربية ومنها مصر، بمحاولة رخيصة لكسب مصر لانقاذه من الحماقة التي ورط بها نفسه صدام الجرذ الهالك.

 

واضاف الشيخلي أن العراق ومصر في مركب واحد، وضم الكويت جاء من أسباب تاريخية وقانونية وجغرافية واقتصادية. ويتساءل الوزير العتال الشيخلي الذي عينه صدام الجرذ وزير للصحة في فترة من الفترات، وكان مهمته تفتيش دورات المياه الصحية لانه عتال وليس طبيب ولا استاذ جامعي، العتال سمير قال للسفير المصري، لماذا لا تقوم مصر من جانبها بضم ليبيا، فمصر تعاني من ضعف في مداخيلها، وهو تحقيق عملي للوحدة العربية التي نؤمن بها جميعاً، رد السفير المصري بأن موقف مصر من ضم الكويت يستند إلى ما تؤمن به من مبادئ في مقدمتها احترام سيادة الشعوب وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وأن الساحة الدولية ستعود إلى عصر الغابة، أنه قد صدرت مجموعة قرارات من مجلس الأمن تدعو العراق إلى الانسحاب من الكويت والحفاظ على الشرعية فيها، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه، وهي قرارات واجبة التنفيذ، ويقاطعه الوزير العراقي قائلاً «دلني على قرار صدر من مجلس الأمن بخصوص فلسطين قد تم تنفيذه، متهماً المنظمة الدولية بازدواجية المعايير»، فرد السفير المصري قائلاً «ما ذنب الكويت في ازدواجية المعايير، وإننا كدول صغرى ومتوسطة ليس لنا في المعترك الدولي ملاذ نلجأ إليه سوى المنظمة العالمية، وقواعد الشرعية الدولية، وعلينا دعمها بدلاً من اضعافها»، وينتهي الحوار بقول السفير أبو زيد، «أنهى الوزير الشيخلي النقاش بأنه لا فائدة من النقاش معي، وأنهم لا يضمرون سوءاً للسعودية أو أي دولة عربية أخرى».

هناك حقيقة، نحن عشناها،  لدى السفهاء البعثيين أكاذيب حولوها إلى طموحات سياسية، في توحيد الدول العربية من خلال الانقلابات العسكرية لفروع حزب البعث في لبنان والسودان واليمن والأردن والمغرب، كلنا نتذكر أعضاء القيادات القطرية لحزب البعث الساقط من القيادي اليمني سلام، والقيادي السوداني بدر الدين مدثر ومن لف لفهم، هؤلاء الاوباش كانوا طفيليات تقتات على دماء الشعب العراقي، وكانت لديهم أحلام وردية في توحيد الأمة ليكون صدام الجرذ قائد إلى الأمة العربية، لكن تقاتل البعثيين فيما بينهم، نتذكر الأحداث في لبنان، وانقلاب منظمة التحرير الفلسطينية وقيادات بالجيش اللبناني بقيادة  العقيد عزيز الأحدب واحمد الخطيب وكيف تم السيطرة على قصر بعده وهروب الرئيس اللبناني سليمان فرنجية من مرفأ جونية إلى سوريا، وكيف الأسد اجتاح سوريا عسكريا بسبب وصول البعث العراقي للسلطة في لبنان، وأصبحت القوات السورية التي دعمت بيت ال جميل والكتائب قوات ردع عربية.

 

اتذكر لدينا معلم رفيق حزبي في مدرسة جميلة الابتدائية في قضاء الحي، كان يقول في ساحة الاصطفاف لابد من أن نسقط دول الخليج وتم توزيع الثروات على الشعوب العربية، وكان البعث  العراقي، في اجتماعات الرفاق، وفي حديث المسؤولين البعثيين في المدارس والمعاهد والجامعات وفي الجيش من خلال ما يسمى في التوجيه السياسي، والاعلاميون في التلفزيون والاذاعة العراقية، وبشكل  يومي، يتحدثون، أن دول الخليج، لابد من ازالتها، واسقاط انظمتها، وهناك  تحريض دائم ضد  دول الخليج، وضد سوريا ودول مثل المغرب وليبيا،  وكان هناك  تبني واضح من البعث  العراقي  لغزو دول الخليج، وبالذات الكويت بسبعينيات القرن الماضي،  لولا أن ورطوا صدام الجرذ  بحرب ضد الجارة ايران.

 

قيام دول الخليج في إحضار جيوش الناتو وجيوش عشر دول عربية، ودول افريقية، لتحرير الكويت، كانت الضربة القاضية، التي انقذت دول الخليج من تعرضهم لغزو من صدام الجرذ والدول العربية المتحالفة معه بدول مجلس التعاون العربي، وبشكل خاص السودان ومصر ويمن علي عبدالله صالح وفصائل ياسر عرفات المسلحة وباسناد الجاليات العربية العاملة في دول الخليج، لكن سقوط المعسكر الشرقي، وضعف السوفيت بعام ١٩٩٠ والتي كانت البداية لهيكلة السوفيت، لذلك القرارات التي صدرت ضد العراق من مجلس الامن، المندوب السوفيتي لم يكن له دور في استعمال الفيتو، وهذا دليل أن السوفيت كانوا بوضع ضعف، بعد هزيمة صدام بتحرير الكويت، لم يمضي سوى تسع أشهر حيث أعلن عن هيكلة الاتحاد السوفياتي.

 

اتذكر عندما نفذ صدام الجرذ غزوه للكويت، شاركت سوريا في القوات العربية لتحرير الكويت، فتم إعطاء لبنان لسوريا، في اليوم الثاني اسراب من القوات الجوية السورية دكت قصر بعبدا، وهرب قائد الجيش العماد ميشال عون للسفارة الفرنسية، وايضا الجيش السوري وبمساعدة شركائه قاموا بسحق قوات حزب الكتائب والقوات اللبنانية التابعة لمجرم الحرب سمير جعجع وتم اعتقال جعجع وايلي حقيبه وايداعهم السجن، بغزو الكويت ومحاصرة نظام صدام جرذ العوجة، انتهت الحرب الأهلية اللبنانية بشكل رسمي وتام، أتذكر كنت بيوم هروب عون من قصر بعبدا و لجوئه  للسفارة الفرنسية، كنت بوادي حفر الباطن، وكان معي شخص سيء جنابي ضابط استخبارات يسمونهم بفصيل الاستطلاع العميق، وكان عنده راديو سمعنا إذاعة مونت كارلو أعلنت هروب عون، ضابط الاستخبارات بقي صافن، عون كان صديق نظام صدام، هذا الضابط الاستخباراتي البعثي القح، والطائفي للقشر، كان يثير مواضيع طائفية ضد الشيعة، وكنت مجبرا أن اصمت، هذا الضابط  هو من أهالي المسيب، عشيرته  جنابي سني المذهب، قال لي رأيك بماحدث في لبنان، التفتت إليه وقلت له هذا جزاء من يتحدى العالم، نظر لي قال لي قصدك السيد الرئيس صدام يكون مصيره مثل عون، بقيت صامت لم اجيبه في اي كلمة، لأنه اعرف يكتب تقرير ضدي يكون مصيري الإعدام.

 

هزيمة صدام الجرذ بالكويت ساهم بشكل كبير على نهاية صفحة الإرهاب والقتل في لبنان، وأعادت العلاقات العربية إلى الهدوء، جعلت من العقيد علي عبدالله صالح يتجه نحو دول الخليج، وحسني مبارك والملك الأردني حسين كانوا بالأصل مع دول الرجعية، معركة تحرير الكويت، كان من نتائجها،  ذهاب عرفات إلى أوسلو، وانتهت شعارات الوحدة العربية الزائفة التي تبناها البعثيين الأراذل.

 

لكن للأسف بعد سقوط شعارات البعثيين والقوميين، الذين كانوا مسيطرين على الجامعة العربية،  سيطرت دول البداوة من دول الرجعية على الجامعة العربية وعلى المؤتمر الإسلامي، وبدأ عصر سيطرة دول الرجعية العربية، التي ساهمت في نشر أفكار التطرف و هيأت أرضية قوية لحرق الدول العربية في أحداث الربيع العربي.

 

دول الخليج وقفت مع صدام الجرذ بحربه ضد ايران، وتورطت السعودية والكويت في تسليم آلاف العراقيين الهاربين من بطش صدام للسلطات العراقية وتم اعدامهم، أتذكر كنت في اجازة عند اهلي بقضاء الحي، في عام ١٩٨٩ وتم تنفيذ حكم الإعدام بشاب عراقي كان نائب ضابط بالجيش هرب إلى الكويت، والسلطات الكويتية سلمته إلى الحكومة البعثية الجرذية، والاعدام نفذ في مدينتي قضاء الحي في ناحية محَرجة والتي أصبحت اليوم قضاء الموفقية، الرفاق البعثيين جائوا بهذا الضحية لداره وتم رميه بالرصاص أمام داره وأمام أنظار زوجته ووالدته وإخوانه واخواته، وللأسف تم إحضار الأراذل للهاتف يعيش البعث والموت الخونة والعملاء، وتم اخذ مبلغ الرصاصة التي قتلت الشهيد من ذويه، وتم منع اهله من إقامة مجلس فاتحه، ودفنه بدون أي كلام، السعودية سلمت آلاف المعارضين ونجا البعض منهم بإعجوبه منهم الاستاذ ابو زهراء النجدي والأخ الداعية الاستاذ العقيد محمد الجبوري ابو حيدر من أهالي الديوانية، غير لقبه إلى الشمري، وأمير من قبيلة شمر وقف موقف مشرف عربي أصيل لإنقاذ حياته بالقول انه راعي أغنام من قبيلته وهو لايملك أوراق ثبوتية، ناهيكم عن جريمتهم في تسليم ثلاثة آلاف عراقي من الهاربين من بطش صدام بقمع الانتفاضة، سلمتهم المباحث السعودية من خلال ضابط المباحث السعودي ابو لافي ورقيب رائد، كان سعر كل معارض عراقي يسلم إلى السلطات العراقية سعر متواضع قارورة ويسكي.

 

في حقبة حرب صدام الجرذ ضد إيران، كان الدعم الخليجي غير محدود، أتذكر خطبة للإمام الخميني، قال لدول الخليج، صدام كالتمساح بالاخير ينقلب على دول الخليج لابتلاعها، اليوم يصادف ذكرى قيام صدام الجرذ بجريمته النتنة في شن حرب غير مبررة استمرت ثمان سنوات مع الجارة ايران، والنتيجة عاد إلى اتفاقية الجزائر التي هو رفضها.

 

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.