دولة تنتج الفشل!
ضياء المحسن ||
دأبت الدول أن تعمل تنمية إقتصادها وتنويعه، لكي يشعر المواطن في هذا الدولة أو تلك بأنه مرتاح ويعيش في بحبوحة، فنجد هذه الدول تعتمد في جانب كبير على مجموعة من الخبراء والمستشارين، الذين يطرحون وجهات نظر فيما يتعلق بتطوير إقتصاداتها، وتأشير مكامن الخلل وكيفية تجاوزها وتصحيحها، بما يضمن تطوير هذه الإقتصادات وينعكس إيجابا على الحياة الاقتصادية والإجتماعية.
مر العراق طيلة العقود الخمسة الأخيرة بمشاكل كثيرة أثرت بشكل كبير على جميع مناحي الحياة، الأمر الذي عقَّد الوضع المالي لكافة المواطنين، وتسبب بمشاكل كثيرة قد لا تكون الهجرة أهونها.
شعور الفشل أخذ يطغى على تفكير الجميع، خاصة مع عدم وجود توجه للدولة في معالجات الكثير من مواطن الخلل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، ومنها تنويع موارد الميزانية العامة وإنشاء المشاريع الإستثمارية المدرة للدخل، فمن ناحية تنويع موارد الميزانية لا تزال الإيرادات النفطية تشكل وزناً مهما حيث لا تقل هذه الإيرادات عن 95% من مجموع الإيرادات، في حين أن الإيرادات غير النفطية لا تزيد عن 5%، وحتى هذه النسبة على ضآلتها تجد النسبة الأكبر فيها تأتي عن طريق الضرائب المفروضة على الشركات النفطية العاملة في العراق، هذا من جهة.
من جهة ثانية الموازنة الإستثمارية، مع أن نسبتها في الموازنة متواضعة، لكن هذا التواضع لم يكن شفيعاً لها لكي يتم تنفيذها، لذلك إذا ما نظرنا ملياً الى موازنات العراق منذ العام 2005 لغاية موازنة العام 2023 نجد أن العجز المخطط يساوي كلياً الموازنة الإستثمارية، بكلام أكثر وضوحاً أن العجز سيتم عن طريق عدم تنفيذ الموازنة الإستثمارية، وهذا يعني أنه لا يوجد رقيب يستطيع القول بأنه على السلطة التنفيذية العمل على تنفيذ البرامج الإستثمارية التي يتم إدراجها في الموازنة، لأنه تم التفاهم معه على أن تنفيذ الموازنة الجارية (رواتب ونفقات تشغيلية أخرى) أهم من الموازنة الإستثمارية، وهذا ما ينتج بالمحصلة النهائية دولة فاشلة.
هناك دول تزدهر وتنجح، العراق ليس منها طالما أن من يتحكم برأس السلطة (أحزاب وكتل سياسية مؤثرة على القرار السياسي والإقتصادي) لا تريد أن تُنتج دولة ناجحة، فالدول التي نجحت كانت تقرب المختصين ليكونوا هم قادة الدولة، خاصة في المجال الاقتصادي، أما الدول التي فشلت وانحدر المؤشر فيها الى مستويات متدنية، فهي تأتي بشخصيات لا تفقه شيئاً فيما تقوم بإدارته، فعلم الإدارة فن لأنه ليس كل طبيب ماهر يستطيع إدارة وزارة الصحة مثلا، والموازنة العامة للبلد ليست مجرد أرقام، بل هي نتاج خطط إقتصادية يضعها الاقتصادي المختص ويأخذ فيها وجهات نظر متعددة حول الأولويات التي تستطيع السلطة التنفيذية تنفيذ تلك الأسبقيات، وماذا يمكن أن تضيف هذه الأولويات للإقتصاد الوطني.
أخيراً: هل يستطيع صاحب القرار الإتعاظ من هذا الكلام؟