مناهج البحث العلمي في الحوزات الدينية..

الشيخ الدكتور محمد علي الدليمي ||
وصانه وقوة التدريس والوصول لشرف هذا المقام بالحوزة العلمية لم يأتي من عبث وفراغ..
بل لمجموعة مقومات رضخ اليها الطالب والاستاذ ليصل الى هذه المرحله ومنها.
١- طبيعة نظام التدريس الحوزوي تنمّى و تطوّر قابليات الأستاذ ــ فضلاً عن الطالب ــ فإن ألأستاذ لايكون ملزماً بتدريس منهج مقرّر خاص ، بل يقوم باستبدال الكتاب بالإتفاق مع الطلبة إذا لاحظ قلّة الإنتفاع به و الإفادة منه. و لذا بإمكانه و لفترة قصيرة التخصّص في أكثر من فرع.
والأمر مختلف في النظام الحديث، فإن الأستاذ فيه قد يكرّر تدريس المادّة لعشرات المرّات من دون أن يطوّر نفسه، وينمى قابلياته. نعم ، قد يحصل ذلك بالبحث و التحقيق خارج الدرس ــ وهو أمر قليل الوقوع خارجاً . . .
2 ـــ التنوع والتوسع والحيويّة في التدريس، من الضرورات التي توفّر النشاط أثناء التدريس، فإن الدرس يفقد معطياته الإيجابية لولم يتحلّى الأستاذ بالحيويّة و النشاط والتنوع والتطور.
إن المشاهد لدور المدرس في الحوزة يلمس فيه عنصر الحيويّة أكثر ممّا يلمسه في غيره ، و لذا ترى يُلقى محاضراته أحياناً بعد صلاة الصبح مباشرة ، وقبل طلوع الشمس بساعة، وقد يكون درسه في ساعات متأخرة من الليل ــ و ليس ذلك إلاّ لحرية الأول في انتخاب المقرّر التدريسيّ ، وكون المادة التي يدرّسها أقرب إلى ذوقه و إرادته ــ بخلاف المدارس الحديثة التي تفرض فيها المادة على الأستاذ ــ ولذا قد يتّفق أن يدرّس مادةً لايُحسنها ولايستسيغها ، ولكنه لايرفضها حفاظاً على موقعه و وظيفته.
و هناك ملاحظات يمكن ان يستشكل عليها من بعض الاكاديميين لا يفوتني ان امر عليها ومنها :
1 ــ التباين في الاستيعاب وعدم تكافؤ المستوى العلمي للحضور إذ تجد أنّ الطالب الذي أنهى مرحلة السطوح يحضر بحث الخارج مع أستاذه الذي سبقه لحضور البحث أكثر من خمس سنوات، وهذا مالا نجده في المدارس الحديثة، إذ جميع الطلبة الذين يحضرون درس الأستاذ سواسية في المستوى العلمي. وحتى لو كان هناك طالب من السنة السابقة إلاّ أن مستواه مع الطالب الجديد واحد، ومعلوماته متساويّة تقريباً .
2 ـــ التوزيع المتفاوت في عدد الحقات الدرسية وإزدحام بعض الدروس، و هذا الأمر يمنع من الأستفادة الكافية من الأستاذ المحاضر،حيث يقلّل فرص طرح الأسئلة والإشكال على الأستاذ بخلاف النظام التعليمي الحديث .
و هناك إيجابيات و سلبيات أخرى طوينا عنها روماً للإختصار هذا.
لكن قد تكون هذه الملاحظات أبرزها..
والحمد لله رب العالمين..