بعد ماكو(تبيت)ياحسقيل!!
د.أمل الأسدي ||
قد تجد الأم أو الجدة مشغولة في إعداد الأطباق التي يحبها زوجها وأولادها، فتطبخ البامية صيفا وتُخرج منها جزءا لتجففه أو تجمده، وتطبخ(السبيناغ) شتاءً، وتجمّد كميةً منه، وقديما كانت تنبعث رائحة(التمن باگلا) من بين بيوت الكاظمية، فهم يطبخونه بكثرة، ويطبخون معه(مي لحم) إذ تضع الجدة اللحم والبصل والحمص في جرة، ثم تنزلها بعد الخبز في تنور الطين، وتكون جاهزة للأكل ظهرا، فتهرس المكونات وتضعها علی أطباق(التمن باگلا) وتسكب الـ (مي اللحم) في (الكاسات).
أما الدولمة وورق العنب فهما من الأطباق العزيزة التي نعبر عنهابـ” تحب اللمة” أي لا نحضّرها إلا حين يجتمع الأهل والأحبة، فهي من الأكلات التي لا تؤكل مع الوحدة!!
وتروي الجدة: أنهم كانوا يطبخون ورق العنب المحشي وتحته الضلوع علی (أم الفتل) كي ينضج جيدا علی نارها الهادئة، وأيضا كانوا يضعون( كسور الهوش والباچة) علی أم الفتل ليلا، فتنضج صباحا وتكون ـ علی حدّ تعبيرهم ـ مثل (الحلقوم) فتجتمع الأسرة علی الغداء بينما( يخدر الچاي المهيل).
وتقول الجدة أن بيت جيرانهم اليهـود كانوا يستعيرون منهم كل ليلة سبت (ام الفتل) حتی ملُّوا من الأمر، فاشتری الجد(ام الفتل) وأعطاها لهم كي يتخلص من استعارتهم المتكررة!!
تقول: ومع ذلك عادوا وطلبوها منّا بحجة أنها أفضل في طهو (التبيت)، والتبيت هو دجاج محشي بالرز، يضعونه علی (ام الفتل) ويبيتونه حتی صباح السبت، لأنهم لايشعلون النار يوم السبت، فيحل (جدر التبيت) مشكلة الطبخ في يوم السبت!
وبينما تسرد الجدة حكاية الجيران البخيل، كانت القنوات تبث أخبار( طـــوفـان الأقــصی) فقلتُ:
بعد مــاكو تبيت ياحسقيل!!
ذهبت أيام الاستقرار، وقد يطبخون(التبيت) ليلا ولا يأكلونه!!
وحتی الذين يقولون: إنها حـرب عبـثية ولافائدة منها، ولايترتب عليها تحرير الأرض؛ نقول لهم: لقد فعل الطوفان ما زلزل كيـانهم الغاصـب، إذ سُلب منهم الاستقرار والأمان، فلم تعد بيوتهم المغصـوبة آمنة!!
ولم تعد حياتهم المبنية علی خراب حياة الشعوب هانئة!!
باختصار؛ راحت أيام التبيت علی نار هادئة!!
واذا اجا الفسنجون؛ يا تبيت يبقی بعد؟؟!!
بعد ماكو تبيت ياحسـقيل!!